سميرة سيتايل.. كما أعرفها..

سميرة سيتايل.. كما أعرفها..

A- A+
  • غادرت سميرة سيطايل دوزيم بعد 20 سنة من تحملها مهمة شاقة تتمثل في رئاستها لمديرية الأخبار، القسم البالغ الحساسية في أي قناة تلفزيونية خاصة إذا كانت عمومية، إن الأمر يعد خسارة كبرى للقناة الثانية، على اعتبار أن سميرة سيطايل نموذج للمرأة القيادية المكافحة التي فرضت ذاتها في مجتمع ذكوري، ونقشت اسمها بماء من ذهب على صفحة المشهد السمعي البصري، ولا غرابة أن تلقبها الصحافة الفرنسية بـ«سيدة القطب السمعي البصري»، جاءت من هامش باريس، ونجحت بعد دراساتها الجامعية المتخصصة في اللغات أن تتوجه إلى التسجيل بمعهد السمعي البصري بعاصمة الأنوار، ورغم أنها لاقت قبولا كبيرا في كبريات القنوات الفرنسية التي أجرت تداريبها بها، فقد آثرت خدمة بلدها..

    في نهاية الثمانينيات دخلت المغرب، كانت تنوي المرور بتمرين داخل التلفزة المغربية، فإذا بها تصبح مقدمة الأخبار الفرنسية على الـ «إتم»، وحين أنشأ الحسن الثاني القناة الثانية عام 1989، التحقت سميرة سيطايل بالقناة الجديدة، ونجحت في تقديم برامج ناجحة، واستضافت على «بلاطو» القناة الثانية كبار السياسيين العالميين من مانديلا إلى فرانسوا ميتران وشيمون بيريز… لقد ربطتني بسميرة سيطايل علاقة مهنية فيها تقدير متبادل وهموم مشتركة في حقل الإعلام، وقد كانت سميرة بذكائها المهني المتميز من أوائل من آمنوا بقناة «شوف تيفي» لمَّا كانت بعد جنينا أو وليدا لا زال يحبو في خطواته الأولى، ولاقيت منها تشجيعا أنا جد مدين لها به، كانت تتصل بي بين الفينة والأخرى لتهنئني على موضوع، أو لتسجل ملاحظاتها المهنية بأخوة كبرى، وكانت توجيهاتها دوما سديدة بحكم خبرتها الإعلامية التي تتجاوز 33 سنة في مجال السمعي البصري..

  • لم تكن سميرة مجرد إعلامية بصمت اسمها بقوة حتى سميت بـ «المرأة الحديدية» في مجال ذكوري يهيمن عليه الرجال ويشرعنون لسلطتهم ويطردون من حقلهم المرأة التي يريدونها أن تستقر ببيتها وتتفرغ لوظيفة الإنجاب والنسل وأشغال المطبخ وتوفير الراحة لزوجها وتربية أبنائها فقط.. بل كانت مناضلة نسائية في مواجهة الإقصاء والفكر التقليدي المحافظ وهي القادمة من عاصمة الأنوار، لذلك ظلت دوما مستهدفة، ولم تكن تتباكى وتشتكي، بل كانت تطور عمق ممارستها المهنية وتواجه بشراسة كل تفكير محافظ يكرس الدونية واللامساواة وتقسيم العمل التقليدي بين الرجل والمرأة..

    ليس سهلا أن تكون امرأة على رأس مديرية الأخبار وتثبت جدارتها لعشرين سنة، خاصة في ظل صعود المحافظين الإسلاميين إلى الحكومة، وتقاوم عملية «أخونة» الدولة والمجتمع المغربي، وفي ظل وجود منافسة قوية من طرف الإعلام العربي والدولي مع الجزيرة والعربية و«بي بي سي» وباقي القنوات الكبرى التي لها إمكانيات خيالية، ظلت مديرية الأخبار بالقناة الثانية تقدم خدمة عمومية مهما اختلف الناس حول تقييمها فإن القناة الثانية صمدت وسط كل هذه الأعاصير والمزاحمات الإعلامية وقلة الإمكانيات التي خلقت أزمة غير مسبوقة في القناة الثانية..

    إن البلاغ الذي أصدرته القناة الثانية وشكل الاحتفاء بالصحافية سميرة سيطايل هو عرفان وتقدير للمجهودات الجبارة التي ظلت تقوم بها هذه الإعلامية بنوع من التضحية ونكران الذات، لقد وهبت نفسها لخدمة القطاع السمعي البصري منذ آمن بها نور الدين الصايل وهو قامة كبرى في مجال الإعلام والسينما، وعينها مديرة للأخبار بدلا لنجيب الرفايف، ومهنيتها التي لا يشكك فيها أي مجادل هي التي جعلتها نائبة للمدير العام لدوزيم.. أنا متأكد أن سميرة وإن غادرت القناة الثانية لازال لديها الكثير مما تقدمه لبلادها من خدمات جليلة، وفي أي مجال وضعت فيه ستكرس اسمها ونجاحها بامتياز، وكل التوفيق لها و«الله يحسن عوان» من سيخلفها على رأس مديرية الأخبار في القناة الثانية.. فأن تنجح في ذات المهمة التي عبرتها امرأة من عيار سميرة سيطايل فذلك ليس أمرا سهلا…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي