بوح الأحد: الملك يحرك كل الأوراش الإجتماعية خدمة لذوي الدخل المحدود

بوح الأحد: الملك يحرك كل الأوراش الإجتماعية خدمة لذوي الدخل المحدود

A- A+
  • بوح الأحد: الملك يحرك كل الأوراش الإجتماعية خدمة لذوي الدخل المحدود و البقية في الطريق، الشعب المغربي يتضامن مع الشعب الفلسطيني و لا يلتفت إلى الأجندات البئيسة، فرنسا تصادر حقوق التعبير و التضامن

    أبو وائل الريفي

  • دعامة أخرى من دعامات تقوية الدولة الاجتماعية تلك التي أقدم عليها جلالة الملك هذا الأسبوع في جلسة العمل التي خصصت لقطاع الإسكان والتعمير.
    يأتي إطلاق برنامج مساعدة المغاربة لامتلاك سكن لائق في سياق تنزيل إرادة الملك وتفعيل مقتضى دستوري، الفصل 31، ينص على أن “الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في السكن اللائق”.
    ينضاف هذا الورش إلى أوراش تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وإقرار الدعم المباشر الذي تم إقراره في المجلس الوزاري الأخير بصرف إعانة مباشرة لكل العائلات ذات الوضعية الهشة وتعميم وتجويد التعليم وإنعاش التشغيل وفك العزلة وضمان الإمداد الدائم بالماء وأوراش أخرى تهم فئات اجتماعية بعينها مثل النساء والأطفال والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تصب كلها في اتجاه تعزيز آليات العدالة الاجتماعية ومقتضيات الكرامة الإنسانية.
    تثير قدرة هذا المغرب على فتح أوراش كثيرة بشكل متزامن وفي فترات صعبة انتباه جهات كثيرة وحقد جهات أخرى كذلك، ويكمن السر في هذه القدرة أساسا في إرادة جلالة الملك الذي لا يقبل العمل بسرعات بطيئة والانشغال بأوراش معينة على أخرى لا تقل أهمية عنها.
    ها هو المغرب استطاع في وقت وجيز أن يتجاوز صدمة زلزال مدمر ووضع برنامجا لإعادة الإعمار وسطر للمتضررين برنامجا تأهيليا لتجاوز مخلفاته. وهنا يبرز الدور المحوري للملكية في المغرب، ويتضح أكثر العمل الاستراتيجي الذي يقوم به الملك في فتح أوراش عمل ذات أهمية قصوى لمستقبل المغرب ولحياة المغاربة.
    ميزة جلسات العمل الملكية هي تنبيه المؤسسات إلى أوراش معطلة أو تسريع الإنجاز أو إعادة ترتيب الأولويات بناء على التحولات أو وضع باقي المؤسسات تحت مجهر المساءلة. أصبحت جلسات العمل الملكية محط انتظار الجميع لأن المكانة الاعتبارية للملك ورمزية الملكية ونأيها بنفسها عن التنافس الحزبي وعدم خضوعها للحسابات الانتخابوية ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع يضعها في موقع يمكنها بدقة من تحديد الأولويات الاستراتيجية والاستماع لنبض الشعب بكل فئاته.
    هي رسالة أخرى لمن لا تزال مخيلته لم تفهم منهجية اشتغال الملك، وهي صدمة أخرى لمن يريد اختزال حضور الملك في سياسة التقاط الصور والبهرجة الخطابية دون أثر على عيش المغاربة. تمكن جلالة الملك في ظرف وجيز من التصدي لورش تجاوز مخلفات الزلزال وتم وضع مخطط إعادة الإعمار وتم الشروع في تنزيله، وتم الشروع في إعادة النظر في مدونة الأسرة وفق رؤية تراعي كل المتغيرات والضوابط التي ستجعل من هذه التعديلات فرصة أخرى لإطلاق دينامية مجتمعية جديدة، وتم اتخاذ إجراءات لتجاوز معضلة نقص المياه، وتم إطلاق مشروع المساعدة في امتلاك السكن اللائق الذي صار معضلة لدى فئات وشرائح واسعة من المغاربة، ومع كل هذا وذاك تم حسم تنظيم المغرب لمونديال عام 2030 وكأس افريقيا لعام 2025 مع ما يتطلب ذلك من تقدم في مثل هذه الأوراش.
    إن ما سبق يؤكد أن الملك محمد السادس اختار العمل على الكلام لأنه متشبث بشرعية الإنجاز، وبقي وفيا لمقاربته في الانتصار للقضايا التي تهم تقليص الفوارق وإقرار العدالة وفك العزلة عن فئات ومناطق لم تستفد بالقدر الكافي من ثمار التنمية في المغرب. خطوات الملك تخدم كلها تقوية الطبقة المتوسطة لأنها عنصر التوازن الحامي لاستقرار البلاد، ولذلك فقد كان الهدف الأساس من برنامج السكن اللائق هو تسهيل ولوج الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة إلى السكن وتقليص العجز السكني، وتسريع وتيرة استكمال برنامج “مدن بدون صفيح”، وكان حرص الملك على أن يشمل البرنامج معا العالم الحضري والقروي ومواكبة عملية تجديد التخطيط العمراني والمجالي واحترام معايير الجودة.
    وكما دائما، فالدور الآن على الحكومة والجماعات الترابية في تسريع التنزيل واحترام الاستحقاق وشفافية التدبير لأن هذا اختصاصها ومسؤوليتها، كما أن مسؤولية المعارضة قائمة في مراقبتها وتتبع عملها بهذا الخصوص.
    وكما تعودنا منذ سنوات، أصبح شهر أكتوبر موعدا دائما لانتصار دبلوماسي ساحق للمغرب بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حيث تضمن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة هذه السنة إحاطة سنوية بكل ما يتعلق بهذا الملف، وكشف إعاقة جبهة البوليساريو لعمل البعثة الأممية وهو يشير بأن “القيود التي تفرضها جبهة البوليساريو على حرية التنقل تمنع البعثة من الاحتفاظ بسلسلة آمنة وموثوقة للوجستيات وخدمات الصيانة وإعادة التموين تربطها بمواقع أفرقتها الواقعة شرق الجدار الرملي”، بل إنها هددت في أكثر من مرة بوجود “مخاطر متعددة مرتبطة بالحرب الجارية على أمن وسلامة أفراد البعثة”، وقد وصل الأمر حد قيام “20 عنصرا مسلحا من عناصر جبهة البوليساريو بإغلاق المسار وإيقاف القافلة، وأصروا على عدم مضيها قدما وضرورة عودتها إلى السمارة”، وسجل التقرير في أكثر من فقرة تهديد البوليساريو بالحرب وخرق وقف إطلاق النار حين “أعلنت جبهة البوليساريو أنها قامت ب758 عملية إطلاق نار ضد الجيش الملكي المغربي”، وفضح كذلك تدهور وضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف وحرمانها لمحتجزي المخيمات من الحق في التنقل والتعبير بسبب القيود التعسفية والمستمرة التي تفرضها على حركتهم، وأشار إلى جريمة تجنيد البوليساريو للأطفال وتحويل المساعدات الإنسانية إلى غير وجهتها. لم يفت التقرير كذلك أن يشير للجزائر ومسؤوليتها في هذا النزاع حين صنفها وموريتانيا كطرفين أساسيين فيه، وأن رفض الجزائر لصيغة الموائد المستديرة عمل يعرقل عملية السلام والتوصل إلى حل نهائي وهي التي تتذرع كسبب لعدم قبول المشاركة على غرار موائد سنتي 2018 و2019 بأن مشاركتها “استغلت أداة لتحقيق المآرب” ليؤكد التقرير بأن “دور الدول المجاورة يظل حيويا في التوصل إلى حل”.
    نكسة أخرى في معسكر البوليساريو وراعيتها التي تنفق أموال الجزائريين على عصابات لا تحصد إلا الخسائر ويحرم منها الجزائريون وهو لها أحوج.
    لم يحد المغرب عن مواقفه المبدئية بخصوص القضية الفلسطينية لأنها مبنية على مقاربة معتدلة ومتوازنة وواقعية وعادلة. يتأكد خلال الأحداث التي تعيشها المنطقة منذ أسبوعين أن مواقف المغرب ثابتة وغير قابلة للمساومة ولا تخضع للمزايدة. ما يحدث سيغير من معطيات كثيرة على الأرض وعلى الطاولة. لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس تتمتع بكل مقومات الدولة، وفي مقدمتها السيادة الكاملة، وبكل عوامل الحياة اللازمة للدولة، ودون ذلك فلا معنى لأي حل لأنه سيكون تصفية للقضية وتصديرا للأزمة إلى دول أخرى بما يفيد إدامتها وتوسيع رقعتها لا غير.
    أتيح للمغاربة خلال هذه الفترة التعبير عن مساندتهم لإخوانهم الفلسطينيين فأبانوا عن حس عال من المسؤولية والتضامن ولم ينجروا إلى المزايدات الفارغة ولم يتأثروا بأجواء الشحن والكراهية التي يريد البعض أن يطبع بها الأشكال التضامنية. الحس الإنساني للمغاربة والانتصار لقيم حقوق الإنسان والانتماء التاريخي والديني والمشترك الحضاري حرك المغاربة، كما كان الحال دائما، فعبروا عن استنكارهم للأعمال العدائية المفرطة وغير المبررة واستهداف المدنيين والمنشآت التي يجب أن تبقى بمنأى عن الاستهداف حتى في الحروب لأنها وإن كانت شرا لا بد منه على مر التاريخ فقد بذلت البشرية مجهودات كبيرة لأنسنتها وتخليقها ووضعت لذلك اتفاقيات يلزم الجميع احترامها، ومنها احترام المستشفيات وأماكن العبادة وعدم استهداف الطواقم الصحية والصحافية ومراكز الإيواء وما شابه ذلك.
    منذ اللحظات الأولى، انخرط المغرب بوعي ومسؤولية وجدية في جهود التهدئة وخفض التوتر، وأعلن في كل المنتديات أن الحل متوقف على تغليب مصلحة المدنيين وعدم الانجرار إلى توسيع رقعة الحرب وتحمل المؤسسات الدولية مسؤوليتها في حماية المدنيين، ثم تفعيل الحوار من أجل حل الدولتين ووفاء إسرائيل بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين العزل والمحاصرين. الأولوية اليوم، التي يتحمل المنتظم الدولي كل المسؤولية بشأنها، هي تهييء ممرات آمنة للمدنيين وإدخال المساعدات بشكل دائم وفق احتياجات سكان غزة ووقف الأعمال العدائية ضد المدنيين من الطرفين. الإجراء الاستعجالي الأول الذي يقع على عاتق العالم هو تمكين الفلسطينيين من حقهم في الماء والكهرباء والدواء والاستشفاء والغداء حتى لا تقع هناك كارثة إنسانية ستبقى سبة في جبين العالم كله الذي سمح بحدوثها في القرن 21 لأنه لم يتمكن رغم كل الإمكانيات المتاحة من إدخال المساعدات للمتضررين في قطاع غزة في الوقت المناسب.
    ما يتم الحديث عنه بخصوص تهجير الفلسطينيين إلى دولة أخرى تصفيةٌ للحقوق الفلسطينية وتصدير لهذه القضية إلى دولة أخرى لن يحل المشكلة وتكرارٌ فقط لتهجير سابق لسكان الضفة إلى الأردن. لماذا لا يريد المنتظم الدولي الاستفادة من هذا الخطأ؟
    دور المنتظم الدولي اليوم أن يفرض الجلوس إلى طاولة التفاوض على جميع الأطراف وإلزامها بوضع حد لهذا الصراع الذي طال ولا يزيده الزمن إلا استعصاء على الحل، ووحدهم المتطرفون ومن يريدوا إدامة الصراع والمغامرون سيلفظهم التفاوض الجدي والمسؤول وسيكتشف الرأي العام العالمي أنهم تجار حرب وأصحاب الأجندات الخاصة. لقد أبدى المغرب في مناسبات عدة استعداده القيام بدور وجهد في هذا الإطار ونجح في خفض التوتر وحقق بعض الاختراقات ولكن دائما تأتي مفاجآت لتوقف هذه الدينامية. الحل العادل والدائم والشامل للقضية الفلسطينية مسؤولية تقع اليوم على عاتق المنتظم كله، والتقاعس عن هذه المسؤولية سيبقى وصمة عار في جبين كل من رفض أو تثاقل أو تجاهل هذه المسؤولية أو أقدم على مغامرات غير محسوبة لتوتير الأوضاع وإفشال المساعي المبذولة لتقريب الشقة.
    عرت أحداث غزة مرة أخرى المتاجرين بالقضية الفلسطينية وهواة الركوب على التعاطف الشعبي. لقد شهد العالم أن من خرجوا للتضامن مع الفلسطينيين مغاربة بدون يافطات سياسية ولا ألوان حزبية ولا أهداف إيديولوجية، ولكن كعادتهم حاول بعض الهامشيين توظيف حدث إنساني لأهداف سياسوية ساقطة تغيب أبسط الأخلاقيات.
    عدلاوة الذين لم يتجاوزوا بعد صدمة فشل أربعينيتهم وجدوها فرصة للاستدراك أمام قواعدهم وتجاه شركائهم من الرفاق وضد الدولة. الحل كان عندهم هو تفعيل جبهة نضالية تتعارض مع المقتضيات الدينية وهي التباهي والتفاخر أمام الرأي العام بالتقاط الصور وصناعة الفيديوهات التي تظهر قادة الجماعة وهم يتصدرون المسيرة حيث تَوَزَّع، بعناية ماكرة، عشرات منهم على صفوفها ليظهروا أن كل المشاركين من جمهور العدل والإحسان. وليت الأمر اقتصر على تزيين بعض الممرات بقيادات الجماعة، ولكن منطق المزايدة لا حدود له وخاصة أن الجماعة مهووسة بالاستقواء على الرفاق بقاعدتها البشرية ولذلك استعانت ببعض الأشخاص بلباس غريب كله إيحاءات حربية “حمساوية” و”جهادية” لتنقلها قنوات الجزيرة وغيرها وترسل من خلالها رسالة أنها تمثل السواد الأعظم للحاضرين. تجارة بائرة ومنطق فاسد وانعدام للأخلاق غير مستغرب ممن تعود المتاجرة بكل شيء لاستعراض عضلاته في الشارع ويسوءه أن يطلع الرأي العام على المآل الذي وصل إليه بعد تآكل بنيته البشرية وتقلص قوته الجماهيرية وعدم صموده أمام عاديات الزمن.
    لا تختلف العدالة والتنمية عن العدل والإحسان في شيء. فجأة يريد الحزب، الذي كان أمينه العام موقعا على الاتفاق الثلاثي بمحض إرادته ووافقه على ذلك الزعيم الحالي للحزب ولم تطالب مؤسسات الحزب حينها التي انعقدت بشكل استثنائي بسحب توقيع أمينه العام على الاتفاق، فجأة يريد الحزب أن يتنصل من التزاماته ويلبس جبة المعارض للتطبيع. حجم حضور مناضلي الحزب والحركة المتماهية معه يؤكد أن الضربة الموجعة التي تلقاها الحزب بعد الانتخابات الأخيرة ما تزال ترخي بظلالها على أدائه، واستمراره في حالة التناقض والتخبط هذه سيجعلها صدمة قاتلة للحزب وليست موجعة فقط. الأولى للحزب أن يصارح الشعب وقواعده ويقوم بنقد ذاتي علني ويقر بأخطائه إن قدر أن ما قام به أخطاء وأن يتجاوز منطق الانتهازية الذي يحكم سلوكه السياسي الذي يحدد من خلاله مواقفه بموقع المعارضة الذي أجبر عليه بعد الانتخابات. ولذلك فإن حضور بضع قيادات من الحركة والحزب في الصفوف الأمامية لن يرسل رسائل بأن الحاضرين للتضامن من الحزب وحركته الدعوية.
    وطبعا لا يمكن لتيارات أقصى اليسار أن تزايد بالحاضرين للمسيرة التضامنية لأن جل مكونات هذا اليسار اختارت الحضور في مراكش وبينت أنها ظلت تزايد فقط بشعار “فلسطين قضية وطنية” وفضلت الحضور في الاحتجاج ضد لقاءات مراكش السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي إيمانا منها بأن الإمبريالية هناك.
    والخلاصة التي لا يمكن لأحد تجاهلها هي أن من تضامن مع الفلسطينيين مغاربة بدون انتماءات ويبقى لزاما على هذه التنظيمات الالتزام بالحد الأدنى للأخلاق السياسية وعدم الركوب على هذا التعاطف لأنه لن يحقق مرادها وأي محاولة للاستعراض لن تكون سوى “دوباج” مضر لهذه التنظيمات وستكشف حقيقته ولو بعد حين.
    عرت هذه الأحداث كذلك النظام الجزائري الذي استثمر سياسيا في محاربته للتطبيع ومساندته للفلسطينيين ودعمه للمقاومة، ولكن ساعة الجد تخلى عن كل هذه الشعارات وضيق الأنفاس على الجزائريين ومنعهم من التضامن وسد كل المنافذ على الشعب بما فيها المنافسات الرياضية بعد القرار الذي اتخذته وزارة الشباب والرياضة بتأجيل جميع المنافسات والتظاهرات الرياضية نظرا للتطورات الحاصلة في فلسطين. هل هناك دولة في العالم عطلت المنافسات الرياضية؟ ما علاقة ما يجري في فلسطين بالاستمرارية المطلوبة في مؤسسات الدولة؟ لا مبرر لهذا القرار سوى الخوف من أماكن التجمعات والخشية من أن تتحول إلى مناسبات للغضب على نظام تبون و العسكر وتخاذلهما وانكشاف مزايداتهما بالقضية الفلسطينية. خذل نظام العسكر إسلامييه من أمثال بن قرينة وعبد الرزاق مقري الذين سوقوا للنظام العسكري وسط الإسلاميين والقومجيين في العالم العربي والإسلامي ليكتشفوا أنهم لمعوا صورة نظام عدو للشعب الجزائري بارع في كتم أنفاسه واكتشفوا بالمقابل أن المغرب الذي اتهموه بما لا يقبله عقل كان مسرحا مفتوحا لكل أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني، وهذا ما دفع رئيس الفريق البرلماني لحمس الإخوانية أحمد صادف أن يقول بمرارة “أنا يغيرني أن أرى بلدا مطبعا أمام الجميع مثل المغرب يخرج شعبه إلى الشوارع في مسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني…كيف للجزائر أن يكون موقفها الرسمي قويا وداعما لفلسطين بينما يُمنع شعبها من التعبير عن موقفه؟”.
    النكتة التي سيسجلها التاريخ لنظام العسكر أنه ساند الفلسطينيين في عز أزمتهم بقرار تاريخي تمثل في الاستجابة لطلب اتحاد الكرة الفلسطيني والموافقة على استضافة المباريات المقبلة للمنتخب الفلسطيني على نفقة الاتحاد الجزائري. هذا جهدنا عليكم أيها الشعب الفلسطيني!!
    عرت هذه الأحداث كذلك المتشدقين بحقوق الإنسان والذين ظلوا يقدمون الدروس للدول ويمارسون الأستاذية فإذا بهم يضيقون درعا بشعوبهم التي تريد التعبير عن تضامنها مع الفلسطينيين واستنكارها لهذه الحرب غير المتكافئة وتنديدها باستهداف المدنيين. تعرف هذه الدول، مثل فرنسا وألمانيا، أن الوقفات الشعبية إدانة لسياساتها العنصرية والمتماهية مع حكومة إسرائيلية متطرفة وتخشى من تداعيات ذلك على مستقبلها الانتخابي ولو اقتضى الأمر الضرب بعرض الحائط مبادئ حقوق الإنسان.
    حجم القمع البدائي ومبررات المنع غير المنطقية والحشد الإعلامي التضليلي تؤكد جميعها أن الدولة العميقة في فرنسا تتحكم في كل شيء ولا تحركها دوافع حقوقية ولا يهمها مبادئ إنسانية وأخلاقية بقدر ما يهمها كتم أنفاس الفرنسيين. والمصيبة هي وليدات فرنسا من منتحلي الصفات الحقوقية والإعلامية الصامتين عن هذه الخروقات وهذا التماهي الأعمى مع جرائم الحرب ضد الفلسطينيين. هي دعوة لكل المغاربة أن يطالعوا جدران صفحات المعطي وفؤاد وبوبكر الجامعي وعمر بروكسي وغيرهم كثير. بعضهم يلجا إلى التدوين المحتشم بمواقف ملتبسة مشوبة بالخجل من التضامن مع الشعب الفلسطيني وتغيب الإدانة للأعمال العدائية التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين والمنشآت الإنسانية، والسبب هو الخوف من مشغليهم ومحركيهم الذين يعولون على نشر بياناتهم. وفي الجانب المقابل الذي يعني فرنسا سيلاحظ المتتبع مؤامرة صمت تجاه سياسات فرنسا التي تخرق الحق في التعبير والتظاهر والتنظيم، وتزكية بالصمت للتضليل الإعلامي وسيطرة الرأي الأوحد على كل وسائل الإعلام الفرنسية، وتسامحا مع خطاب التخوين لكل الأصوات الحرة المتمسكة بحقها في التضامن مع الشعب الفلسطينيي. هل هؤلاء هم المناضلون الحقوقيون الذين أقاموا الدنيا ضد المغرب؟ هل بلغت بهؤلاء الازدواجية والنفاق هذه الدرجة؟
    يتضح أن المغاربة كانوا على صواب حين استوعبوا من اليوم الأول أن محرك هؤلاء ليس إلا الحقد على المغرب وخدمة أجندات أعداء المغرب.
    تمادي فرنسا في سياساتها العنصرية يفتح الباب للتطرف بدون حدود، وقد شاهدنا تزايد المطالبات بمتابعة ومحاكمة المتضامنين مع الشعب الفلسطيني لدرجة أن برلمانية فرنسية، هي عضو مجلس الشيوخ فاليري بوير، تطاولت لتطالب بإسقاط الجنسية الفرنسية عن اللاعب بنزيما لأنه تضامن مع الفلسطينيين. كيف يمكن للإعلام والمنظمات الحقوقية الصمت عن هذه المبالغات؟
    تغريدة بنزيما لا تحتمل كل هذا التطرف في تأويل مضمونها لأنها كانت من منطلق إنساني محض، وهذا نصها “كل صلواتنا لسكان غزة الذين أصيبوا مرة أخرى بتلك الغارات الظالمة التي لا ترحم النساء والأطفال”.
    لا نستغرب كل ذلك لأن هؤلاء أثبتوا منذ مدة أنهم بيادق ومأجورين يتحركون بآلة التحكم عن بعد التي تملكها الدولة العميقة ولا تهمهم في شيء حقوق الإنسان واستقلال الإعلام والقضايا الإنسانية إلا إذا كان تحريكها يخدم مصالح فرنسا كما يراها حكامها فقط وليس شعبها.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي