النظام الجزائري يدخل عنق الزجاجة

النظام الجزائري يدخل عنق الزجاجة

A- A+
  • النظام الجزائري يدخل عنق الزجاجة

    أًذلُّ الحروب التي تُحسُّ بفظاعتها الدول وتعاني قدرها الشعوب، هي تلك الحروب التي تنهزم فيها أنظمة دون أن تخوضها، أو تخوضها بلا هدف ولا مبرر مقبول، لا مجد ولا سلطان ولا قوة ولا حماية شرف أو حسب أو نسب ولا زعامة في البطولة، هو ذا ما يحسه المراقب المتتبع اليوم لهزائم نخبة الجيش الحاكم بالجزائر التي قررت أن تحوّل العداء نحو المملكة إلى عقيدة سياسية وعسكرية يقوم عليها العمود الفقري للنظام الجزائري الذي لم يعد له مطالب مدنية للشعب الجزائري والحاجة الملحة لإطلاق قاطرة التنمية المعتقلة من طرف الجنرالات الحاكمين، سوى بذل النفيس والغالي في كل المحافل الدولية من أجل التصدي للمغرب ومعاكسة مصالحه الحيوية.

  • وأخطر ما في الحرب التي أعلنتها الجزائر على المغرب، والتي لا تهدد المملكة بقدر ما تهدد استمرار النظام الحاكم بالجزائر، هو أولا أن الشعب الجزائري الشقيق غير معني بما يشغل صناع القرار هناك، فالجزائريون يرون في دعم بوليساريو بهذا السخاء فيه كلفة مالية وسياسية باهظة على حساب تنميتهم وحاجياتهم الأساسية في العيش بكرامة والتقدم والسير نحو مستوى من العيش بمثل ما يعيشه مواطنو الجار الغربي للجزائر، وثانيا أنه بفقدان فزّاعة الصحراء انتهى شعار تقرير مصير ما يسمى بـ”الشعب الصحراوي”، بعد المنعطف الذي عرفته قضية الوحدة الترابية على المستوى الدولي بدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي.

    عدم دعم الشعب الجزائري لنظام العسكر وإحساس عامة الجزائريين بأن قضية الصحراء المغربية لا تهمهم يزيل صفة الإجماع والوحدة بين القادة والشعب الذي يعتبر ضروريا لأي نظام لينتصر في أي حرب كانت دبلوماسية أو عسكرية، لذلك يحس حكام قصر المرادية من شيوخ الجيش أنهم غير مسنودين بجبهة شعبية قوية رغم كل أشكال التأثير الإعلامي وشراء الجرائد ووسائل الإعلام الرسمية لشحن الجزائريين بعقدة اسمها المغرب والملكية، ويشعرون اليوم بالذل والخيبة وهم يفقدون السند في قضية الصحراء بعد أن أخذ المنتظم الدولي ينتصر للطرح المغربي، وأخذت الدائرة تضيق حول كابرانات الجزائر بعد الهزيمة تلو الأخرى التي يتلقونها بمناسبة وبدونها، وفي كل المجالات من الاقتصاد إلى السياسة، ومن الدبلوماسية إلى الثقافة…

    لقد فقد النظام الجزائري أسباب الوجود والبقاء، وهو اليوم في عنق الزجاجة، يضيق الخناق عنه في كل لحظة وحين، وفي الوقت الذي كان المنطق والحكمة السياسية يفرض بعد الحراك الاجتماعي بالجزائر، تجديد الآلة السياسية وتطعيم النظام بوجوه جديدة وبطاقات شابة لضخ بعض الدماء في الآلة الصدئة للنظام الجزائري التي لم يعد ينفع معها لا التشحيم ولا التزييت، على الأقل من أجل استيعاب مطالب الأجيال الجديدة من الشباب الجزائري، وامتصاص غضب الشارع ومحاولة إقناع الرأي العام المحلي والدولي بوجود بصيص من محاولة التحول التدريجي، عاد الماسكون بخناق الشعب الجزائري إلى الوجوه القديمة التي دخل بعضهم السجن بتهم الفساد ثم عادوا إلى السلطة، وآخرون كانوا قد وضعوا في الدولاب لشيخوختهم ومنهم من لم يعد يتحكم في بوله السلس، ممن يرتدون تحت أزيائهم الرسمية حفاظات البول والفساد معا..

    كل مكونات الأزمة موجودة اليوم في قلب النظام الجزائري في الداخل كما في الخارج، وستزداد احتداما مع الزمن وليس في الأفق ما ينبئ بأي تحول إيجابي، والمصيبة الكبرى هي أن حتى اتخاذ المغرب كعدو خارجي لتوحيد الجبهة الداخلية أصبح مثل وجبة بائتة لا تغري أحدا، وأوراق النظام الجزائري تتساقط مثل أوراق الخريف.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي