لا ديمقراطية في غياب الثقة بالمؤسسات

لا ديمقراطية في غياب الثقة بالمؤسسات

A- A+
  • أربع دراسات متزامنة أعطت نفس الخلاصات، المغاربة لا يثقون في المؤسسات التمثيلية، لا حكومة، لا برلمان ولا مجالس منتخبة، معظم هذه الدراسات صادرة عن مؤسسات ذات مصداقية وبعضها رسمي، إنها حقيقة مرة وصادمة..
    الدراسة الأولى صدرت عن المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية حول سمعة المغرب عام 2019 في الداخل والخارج، وخلصت إلى أن السمعة الداخلية للمملكة تعرف تراجعا مقارنة بالسمعة الخارجية، في ما يخص استخدام الموارد والنظام التعليمي والتكنولوجيا والابتكار وأيضا البيئة السياسية والمؤسساتية، وكذا بالنسبة للرعاية الاجتماعية والأخلاق والشفافية والنقل، والتي تمثل مكتسبات غير مكتفى منها باعتبارها تمثل خطرا على السمعة الداخلية والخارجية للمملكة، وهي من التحديات الحقيقية بالنسبة للمغرب.
    الدراسة الثانية صدرت عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ودقت ناقوس الخطر حول واقع ضعف الثقة في جودة الخدمات العمومية بقطاعات حيوية وأساسية كالتعليم والصحة وغيرها، واستنتجت أن مؤشر ثقة المغاربة بالخدمات العمومية وبالمؤسسات التمثيلية تراجعت..
    الدراسة الثالثة قامت بها مؤسسة الوسيط في تقريرها الخاص لسنة 2018، عندما أشارت إلى أن خدمات الإدارة العمومية لم ترق بعد، لانتظارات المواطنين، كما اعتبرت أنهم لم يلمسوا أي انعكاس إيجابي لبرامج الإصلاحات المعلنة من لدن الحكومة، مما يعكس عدم الرضا العام عما تقدمه السياسات العمومية للمواطنين، وخاصة منها المرتبطة بتدبير قطاعات التشغيل والصحة والتعليم..
    الدراسة الأخيرة- والتي سيجد القارئ الكريم تفصيلا لمعطياتها في هذا العدد من المشعل-أنجزها مؤخرا المعهد المغربي لتحليل السياسات، في نتائج استطلاع رأي استهدف 1000 مواطن من 30 مدينة، وهمّ شرائح اجتماعية مختلفة ضمنها برلمانيون وأعضاء أحزاب سياسية وجمعيات ونقابات، وخلصت إلى استنتاجات صادمة أثارت ولا تزال ردود أفعال قوية بتأكيدها أن المغاربة لا يثقون في الحكومة والبرلمان والمؤسسات المنتخبة ولا تعني الانتخابات المقبلة لأكثر من النصف المستجوب أي قيمة مضافة، وهو ما يعني فقدان الثقة في المؤسسات التمثيلية والوسيطة..
    نحن نعلم أن النقاش الحالي لن يدوم طويلا لأن ليس لدينا طول النفس والصبر اللازم لتأمل قضايانا الحيوية، سرعان ما ستدور الأيام وسننسى كل شيء ونعود إلى سابق عهدنا، والحقيقة المرة، هي أن ما جاءت به الدراسات الأربع سبق أن أكده خطاب ملكي عام 2017 بالبرلمان، حين تحدث عن أن الشعب فقد الثقة في الطبقة السياسية.. ومع ذلك لم تقم القيامة ولا أعاد مختلف الفاعلين النظر في أساليبهم وبرامجهم وطبيعة سياساتهم اتجاه المجتمع..
    المغاربة لا يثقون إلا بالأمن والجيش، وبنسب عالية، هذا عامل استقرار مهم ومؤشر إيجابي لكن وحده لا يكفي، فلا معنى للديمقراطية بلا أحزاب ووسائط تنظيمية ومؤسسات تمثيلية يثق الناس بها وتكون رافعة لترسيخ دولة المؤسسات، وبالتالي يكون لنا برلمان قوي وحكومة فعالة تملك ثقة المواطنين الذين هم سندها وعضدها.. مهما تعززت ثقة الرأسمال الأجنبي في المغرب، ومهما قاد الملك مشاريع مهيكلة كبرى، فاليد الواحدة لا تصفق.. ففقدان المغاربة المتزايد لثقتهم في الأحزاب والحكومة وكل المؤسسات المنتخبة والتمثيلية من برلمان ومجالس جماعية، يهدد العملية الديمقراطية في قلبها النابض وهو ثقة المغاربة بمؤسسات الدولة.. والمسؤوليات يتقاسمها الكل، وفي مقدمتهم الأحزاب السياسية والنخب السياسية بكافة أطيافها لأن الأمر أشبه بمحاكمة جماعية لكل المؤسسات الوسيطة التي انهارت ثقة المواطنين فيها، ونوضو ضربو الفكد فراسكم، قبل من الانتخابات القادمة، وإلا راه مغايتسوق ليكم حد في الاستحقاقات المقبلة، إلا بغيتو تحصدو غدا ونوضو تزرعو دابا..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي