الخالدون من السياسيين والوزراء المغاربة

الخالدون من السياسيين والوزراء المغاربة

نوبير الأموي

A- A+
  • كأنهم وحدهم ذوو الخبرة والنجاعة والكفاءة بالبلد.. مسؤولون معمرون.. تقنوقراط وسياسيون في مجالات متعددة معمرون لا يتزحزحون عن مناصب المسؤولية التي يديرونها في السياسة كما في الاقتصاد والمجتمع والثقافة، في المؤسسات الرسمية أو المعارضة سواء، في المجتمع المدني كما في المؤسسات العديدة التابعة للدولة نجد العديد من الرموز التي تبدو كما لو أنها مؤبدة وخالدة في مناصب المسؤولية أبد الآبدين، هل الأمر مسيء للانتقال الديمقراطي ولتجديد شرايين المؤسسات بدماء جديدة، الأموي، لعنصر، الحافي، لحليمي، لكثيري… ليسوا إلا نماذج مصغرة من هذا الخلود الأبدي في مناصب المسؤولية، صحيح يجب ألا ننكر أن مجيء ملك شاب إلى الحكم بث دماء جديدة وفسح المجال أمام لجنة جديدة لتولي مناصب المسؤولية، تنازل محمد بوستة وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد بن سعيد آيت يدر عن التشبث بعرش المناصب ليفسحوا المجال للجيل الجديد. لكن للأسف استمر الملوك النقابيون الثلاثة، أطال الله في عمر محمد نوبير الأموي حتى ينتخب في المؤتمر القادم للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وها هو امحند العنصر يخلف نفسه على الحركة الشعبية منذ أن طرد منها الزايغ أحرضان، كأن هذا الحزب عقيم ليس فيه أطر ولا نخب قادرة على حمل المشعل والتقدم إلى الأمام، ما حدث في المغرب على مستوى مناصب المسؤولية في الأحزاب كما في الوزارات والبرلمان والمؤسسات العمومية… هو أنه بدل قتل الأب كما في الأوديب الفرويدي تم قتل الابن، ثمة مبررات كثيرة بعضها أشبه بالأساطير التي يتم تكرارها مع كل مناسبة تفرض تناوب النخب ودوران الدم في شرايين التنظيمات والمؤسسات، منها: < الخوف على وحدة الحزب أو النقابة أو الجمعية أو أي تنظيم، بدعوى أن الزعيم الذي يستنجد به للبقاء هو وحده مالك الوصفة السحرية لاستدامة التنظيم ووحدته.. < الخبرة والنجاعة: يتم التشبث بمسؤولين في مناصب متعددة تحت ستار الكفاءة والخبرة و…و… ويجري تأبيدهم في هذه المناصب التي أصبحت مرتبطة باسمهم، فحركة العنصر ونقابة الأموي ومندوبية الحافي… < رغبة الجماهير والحشود وتشبثها بالقائد الفذ وحيد زمانه، كمن لا يريد الإحساس باليتم كما حدث في مؤتمر الكونفدرالية فيما يشبه مسرحية تراجيكوميدية حين أعلن الأموي عن استقالته وعدم ترشحه لقيادة النقابة العتيدة، فاغرورقت المآقي بالدموع، وهناك من فقد وعيه حين سمع خبر تنحي الزعيم، ورفع العديد من المؤتمرين شعارات تمجد القائد. وها هو حتى اليوم أخلد زعيم على مركزية نقابية منذ تأسيسها. < غياب البديل: كثيرا ما يتم التذرع للتشبث بهؤلاء المسؤولين الخالدين في مختلف المناصب والمهام بغياب البديل، والحقيقة أن دور هؤلاء المسؤولين الذين يعمرون كثيرا هو خلق الكوادر وتأهيل الطاقات وإيجاد الخلف، غياب الخلف وحده دليل على عدم نجاحة المسؤول الأبدي في المنصب حتى ولو كان يشرب من وادي عبقر، لأنه عقيم ولم يستطع أن يوجد الخلف المؤهل لحمل مهام ذات المنصب الذي يشغله أو المهمة التي كلف بها.. “المشعل” تسعى في هذا الملف لرسم صورة عامة عن المسؤولين الأبديين، من هم وما هي المهام المكلفين بها؟ وتقديم رأي ذوي العلم والدراية في الموضوع لفهم أحد مظاهر تأبيد المسؤولية والزعماء الخالدين بالمغرب.

    لحليمي المندوب السامي للتخطيط ضابط الأرقام الذي أشهر إحصائيات مندوبية التخطيط في وجه أربعة حكومات متعاقبة

    قضى أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط 15 سنة على رأس المندوبية السامية للتخطيط، مد خلالها أربعة حكومات متعاقبة بالمنتوج الإحصائي لمؤسسته في شأن قضايا حيوية تهم النمو الاقتصادي والسكاني ومؤشرات البطالة والخصوبة والأسعار والمعيشة وغيرها، وهو ما جعله في صدام مباشر مع عدد من مسؤولي الحكومات التي عايشها على امتداد عقد ونصف، وتحديدا حكومتي “البيجيدي” اللتان تشكلتا في عهد الدستور الجديد، باعتبار أن مسؤوليها لم ينظروا بعين الرضا لأرقام الحليمي بمبرر تعرضها للتسييس. منتقدو لحليمي من خارج الحكومة، وتحديدا في صفوف الخبراء السياسيين، يرون أن الرجل الاتحادي الذي طال مقامه على رأس المندوبية السامية للتخطيط لم يكن حكيما عندما رضي لنفسه بهذا المنصب واختار الانغماس في أحضان هذه المؤسسة الإحصائية كل هذا الزمن، في الوقت الذي فضل قطع كل صلاته مع الإتحاد والاتحاديين داخل حزب القوات الشعبية. ويعتبر هؤلاء أن الزمن الطويل الذي قضاه على رأس مؤسسة التخطيط في بلادنا، جعله يتحول إلى مجرد كفاءة تقنية في خدمة الدولة، وهو المنصب الذي بالإمكان أن يمارسه أي شخص أخر يتوفر على تكوين تقنوقراطي، فيما كان يفترض في المندوب السامي للتخطيط الذي خبر السياسة وهندس توجهاتها في حكومة اليوسفي، أن يكون منتجا للأفكار وأن يلعب دورا سياسيا يستفيد منه المغرب في مراحل الأزمات.

  • أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط

    أما الحليمي الذي يعد أحد كبار مهندسي حكومة التناوب التي قادها عبد الرحمان اليوسفي في أواخر تسعينيات القرن الماضي، والتي شغل فيها الرجل أنذاك منصب وزير منتدب مكلف بالشؤون العامة للحكومة، فيرى عكس ما يراه المنتقدون، وخصوصا وزراء حكومتي العدالة والتنمية، إذ خرج بتصريحات نارية لم يتقبل من خلالها انتقاداتهم المشككة في مصداقية أرقام مندوبيته، بل ذهب به الأمر إلى حد المطالبة بتحكيم ملكي لإنصافه ضد تهجمات الحكومة عليه وعلى مؤسسته من خلال الطعن في مصداقية منتوجها الإحصائي والسعي للمس باستقلاليتها. وسجل المندوب السامي في ردود أفعاله ضد حكومة الإسلاميين، أن اختلاف الأرقام بين المؤسسات يعد أمرا عاديا، خصوصا أن التوقع يبقى توقعا، وكل مؤسسة لها مرجعياتها وأدواتها ومنهجياتها في البحث، مشيرا في هذا الصدد، إلى ضرورة انخراط العديد من الهيئات في مجال البحث وإصدار التوقعات، وعلى رأسها الباطرونا، التي ألح على ضرورة توفرها على هيئة خاصة بها لتحليل المعطيات الاقتصادية، والأمر ذاته بالنسبة إلى النقابات التي يجب أن تتوفر على نظرة شمولية للواقع الاقتصادي. ويذكر أن المندوبية السامية للتخطيط التي يقودها الاتحادي سابقا أحمد لحليمي منذ سنة 2003، أي منذ نشأتها، هي مؤسسة الأبحاث الحكومية في المغرب حيث تشمل أنشطتها إحصاء السكان وعينة المسح على الأسر (الاستهلاك، والقوة العاملة، وجوانب من الحياة اليومية والصحة والسلامة، والترفيه، والأسرة والمواضيع الاجتماعية)، ومسوحات اقتصادية عديدة (الحسابات القومية والأسعار والتجارة الخارجية، والمؤسسات والشركات، والعمالة، الخ).

    امحند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية أبو الست وزارات و الزعيم الخالد الذي قضى 32 سنة على كرسي الحركة

    “الإعداد لمرحلة ما بعد العنصر”.. هذا العنوان البارز في الصحافة الوطنية يتكرر في كل وقت وحين، ومنذ أزيد من 30 سنة خلت، فابن إيموزار مرموشة، والذي بزغ طالعه في إقليم بولمان والنواحي، هو من أقدم السياسيين الذين يسيرون الشأن العام حاليا، بعد أن ركن الكثير من مجايليه من كبار الشخصيات العامة إلى دائرة الظل، وحصلوا على تقاعد جبري أو اختياري حسب الظروف التي قادتهم خارج مربع الحكم، فهو من مواليد الأربعينيات من جيل عباس الفاسي وعبد الهادي خيرات وغيرهم من السياسيين الذين اختاروا العزلة السياسية، والتفرج على المشهد من بعيد..لكن العنصر مازال يقاوم الشيخوخة السياسية، ويراهن على المستقبل في بناء الحزب والعطاء في الوزارة والجهة والإدارة المركزية، عاملا بصمت وحكمة، فالعنصر حسب إفادات مقربين هو من الشخصيات التي يقول عنها الجميع إنه أكبر المعمرين في كرسي المسؤولية، ولكنه يحشد الإجماع من حوله في أي محطة انتخابية، لا يخاصم أحدا ولا يولي أهمية إلا لمن حوله من الأنصار، وخاصة حليفته الاستراتيجية حليمة العسالي، المرأة الحديدية في الحركة الشعبية… لقد ظل شعار التحضير لمرحلة ما بعد العنصر عنوانا بارزا يتلاشى كخيط دخان ليظل الرجل لصيقا بكرسي المسؤولية رغم بلوغه 76 من العمر، إلا أن عمر العطاء لا حد له في قاموس رئيس جهة فاس بولمان وأمين الحركة الشعبية حاليا، والذي يتم إعداده ليكون على رأس الحزب لولاية ثالثة بعد تعديل القانون الأساسي للحزب..ربما هذا ليس ذنب العنصر حسب مصادر مقربة فهو ما يلبث أن يضع أصبعه على البديل حتى ينكث الوعد، ويحترق مثل ورقة في أول سلم المسؤولية، حدث هذا في تجربته مع محمد أوزين، هذا الأخير الذي دافعت عنه حماته العسالي باستماتة، ووضعته في مراكز مرموقة كاتبا عاما لوزارة الخارجية، ووزيرا للشباب، لكنه سقط مع فضيحة “الكراطة” الخالدة في الأذهان، وخرج بعد إعفاء ملكي من مهامه الوزارية خاوي الوفاض..وتم الرهان على لحسن حداد الذي ما لبث أن انقلب على حليمة العسالي، ومن يعادي حليمة يعادي العنصر شخصيا، فوحدة الاثنين تعني تجميع الأغلبية المريحة في كل محطة.. وجاء عبد العظيم الكروج ابن الزاوية البودشيشية ببركان ليلعب دور الشخصية الثانية في مسلسل حزب السنبلة، لكن الشكلاطة سالت على زربية الوزارة، وانتهى متعبدا في زاويته لعل الغمة تزول.. ذنب العنصر هم المحيطون به، حتى مبديع ابن الفقيه بنصالح ليس في كاريزما امحند المحنك في السياسة والوزارة والدهاليز الخفية في مربع القرار.. ما يشفع له أنه يرى كل شيء أمامه ولا يتكلم، راض بقسمته ونصيبه ويمضي في حال سبيله بعد أن يأخذ حصته كاملة غير منقوصة..فالذي لا يعرف العنصر يجب أن يعرفه أثناء مشاوراته لتشكيل الحكومة، لا يخرج من لقاء إلا وحاز نصيب الأسد، وبلا فلسفة ولا عقد “كلشي بالضحك واللعب” وكأن للرجل سحرا خاصا به.

    امحند العنصر رفقة محمد حصاد

    هذا هو امحند العنصر حسب مقربين منه، لا يرجعه صوت التصحيحين ولا الأطر المعارضة لسياسته في حزب الحركة، بل اختار أن يغلق الباب في وجوههم جميعا، ليبيتوا في الخلاء.. وكم من الأسماء سحقت تحت آلة العنصر التي تطحن في صمت وبلا مخلفات… أين هو أولباشا وابن أحرضان وامرابط وحداد واللائحة تطول؟ العنصر أكبر المعمرين في كراسي المسؤولية، وصل في سنة 1986 إلى الأمانة العامة للحركة الشعبية بعد أن طوى سيرة القيادي الأمازيغي المحجوبي أحرضان الذي طلع إلى الجبل ولم ينزل منه منذ هذا التاريخ، ليتفرغ المحجوبي لرسم صوره التشكيلية السوريالية، بينما قاد العنصر السفينة لوحده، وتقلب في وزارات عدة، فذلك الأمازيغي الخجول الذي جاء به أحرضان في سنة 1969 عندما كان وزيرا للبريد والمواصلات السلكية ليعمل في ديوانه ويكون تحت ناظره، سيصبح في مطلع الثمانينيات هو المسؤول الأول على البريد مكان الأب أحرضان، وذلك في حكومة كريم العمراني الثانية على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ثم وزيرا للفلاحة والتنمية القروية في حكومة جطو في سنة 2002، ووزيرا للدولة في حكومة عباس الفاسي بعد تعديل حكومي في سنة 2009. وفي حكومة عبد الإله بن كيران الأولى سيعين وزيرا للداخلية، ثم أصبح في الحكومة الثانية وزيرا للتعمير وإعداد التراب الوطني، وما لبث أن جمع هذا المنصب الوزاري بمنصب وزير الشباب والرياضة بعد إعفاء محمد أوزين من مهامه، في انتظار تعيين خلف جديد..وكاد أن يحصل على وزارة التربية الوطنية في حكومة العثماني، لولا أن العنصر رفض هذا المنصب الذي كان يشغله محمد حصاد، ومنحه للحركي سعيد أمزازي.. ليتفرغ ابن إيموزار مرموشة للجهة التي يرأسها، وللحزب الذي نجا من تصدعات عميقة..ومن المحتمل أن يستمر على رأس تجربة حزب الحركة الشعبية كأمين عام قضى في هذا المنصب زهاء 32 سنة، كأطول مدة لزعيم خالد في حزب سياسي كبير منذ الاستقلال، وأكثر الحقائب الوزارية التي منحت له والتي وصلت إلى 6 وزارات تقلب فيها منذ مطلع الثمانينيات مع حكومة العمراني إلى نهاية حكومة بن كيران.. حيث أكدت مصادر مطلعة أن امحند العنصر يخوض حربا شرسة رفقة محمد أوزين وحليمة عسالي لإبقائه كأمين عام للحزب للمرة الثالثة، في حروب التموقعات داخل الحزب في حين ينص القانون الأساسي للحزب خاصة المادة 50 فقط على ولايتين ” ينتخب الأمين العام للحزب من طرف المؤتمر الوطني العادي لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة عن طريق الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة للمؤتمرين في الدور الأول وبالأغلبية النسبية في الدور الثاني. يشترط في كل من يرغب في الترشح لمنصب الأمين العام أن يكون قد قضى ولاية كاملة في المكتب السياسي للحزب”..في الحقيقة هذا النص جيء به في مؤتمر الحركة الشعبية في سنة 2010، عندما تعالت الصيحات من أجل تحديد مدة ولايتين للأمين العام القادم، لقطع الطريق على الزعيم الخالد امحند العنصر والذي قضى ولايات عدة بلا حسيب ولا رقيب.. لأن القانون كان يسمح بالزعامة الخالدة للأمين العام، وبعد قضائه ولايتين، على إثر انتخابه لولاية ثانية في مؤتمر الحركة لسنة 2014، فإن الرجل من المرجح أن يكون في مؤتمر الحركة القادم في شتنبر 2018، هو الأمين العام الذي سيقود انتخابات 2021 التي ستحدد ملامح المغرب الجديد، والذي وضعت له خطة محكمة للنهوض به في مجالات التنمية بعد استكمال الأوراش الكبرى، التي ستنتهي أهمها في سنة 2019، ويعول عليه كأحد الأعمدة الهرمية في هذا التغيير المرتقب..فهل يا ترى سيتحقق ذلك؟ أم أن الرجل سيضع المفاتيح في يد حليمة والآخرون ويهجر السياسة كما فعل المحجوبي ليتفرغ لمشاريعه وضيعاته وأنشطته الرياضية وهو يشارف على الثمانين؟.

    نوبير الأموي الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل الصوت الذي لم يعد يزعج أحدا

    في كل مؤتمر من مؤتمرات نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، كان نوبير الأموي يخلف نفسه، زعيما إلى الأبد، وأصبحت “الكدش” في عهده نقابة تابعة لنقابتين حليفتين، بلا قوة مزلزلة كما كانت في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، لقد هدأ الأسد الثائر وخلد في عرينه، ولم يعد ذلك “العروبي” ابن الشاوية الذي وقف الند للند ضد سياسة إدريس البصري أقوى شخصية في مملكة الراحل الحسن الثاني، هو الأموي الذي فضل قضاء مرحلة التقاعد في النقابة.. ولد محمد نوبير الأموي في 16 نونبر 1936 بدائرة ابن أحمد إقليم الشاوية، وانخرط في صفوف حزب الاستقلال في سنة 1952، ثم اشتغل في سلك التعليم كمدرس للغة العربية إلى أن تقاعد وقد مكنه احتكاكه برجال التعليم و بالطبقة العاملة من التتويج كأمين عام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ومنذ نشأتها لم يغادر الكرسي النقابي عبر كل مؤتمراتها منذ سنة 1978.. خبر ابن الشاوية السجون حيث اعتقل في سنة 1963، ثم في سنة 1970.

    نوبير الأموي

    وجرب المعتقل السري في سنة 73 حيث قضى فترة بمعتقل دار المقري.. وفي المؤتمر الخامس للكنفدرالية الذي عقد في أبريل 1989 أصبح زعيما لهذه النقابة وسياسيا محنكا في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية… عرف الأموي بأنه سليط اللسان في قول ما يقتنع به، قوي الشكيمة لا يخشى أحدا من المسؤولين في الحكومة، ندا للند في المعركة العمالية، وهذا ما سبب له المتاعب، حيث حكم عليه بسنتين سجنا نافذا في سنة 1992 بتهمة السب والقذف في حق الحكومة بسبب ما جاء في تصريحه لصحيفة “الباييس” الإسبانية ، وأخلي سبيله في يوليوز 1993. ليولد أموي آخر، أكثر هدوءا، ومحاور يقدم التنازلات في لعبة انتزاع المكاسب العمالية من وراء حواراته مع الحكومة، حتى أنه سرق الأضواء في حكومة بن كيران عندما فشل الحوار الاجتماعي، ولم يحرك الأموي الساحة العمالية كما كان يفعل سابقا، وهذا ما ترك التعليقات الساخرة لدى العديد من المتتبعين الذين رأوا أن الرجل ما عاد يزعج أحدا، وبأن أيام المعتقلات الباردة تركت أثرها في شيخ اسمه الأموي هو اليوم في 82 من العمر..

    المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر البركاني عبد العظيم الحافي يفقد لقب المندوب السامي ولكن “مامفاكش”

    حمو أوحلي هو كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات في حكومة سعد الدين العثماني، هذا هو الواقع، حيث أصبح هذا القيادي الحركي هو الذي يدبر قطاع الغابات والمياه والتنمية القروية عوض عبد العظيم الحافي الذي شغل منصب المندوب السامي للمياه والغابات منذ تعيينه في سنة 2003، حيث قضى هذا الأخير 15 سنة في هذا المنصب الهام، وظل اسمه مقرونا بحملات حرائق الغابات والقوانين الصارمة ضد مستغلي الغابة في أنشطة جمع الحطب والرعي والأنشطة الموازية.. فالرجل البركاني الصارم، لا يضحك ولا يتهاون في أداء مهامه كجندي مجند لحراسة الغابة..لكن حان وقت المغادرة غير الطوعية، بعد حروب كثيرة مع حزب العدالة والتنمية المسير للحكومة، وكان أكبرها الحرب حول تحديد الملكية الغابوية الذي اتهم الحافي بوضعه دون استشارة مع رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بن كيران.. وفي حكومة العثماني جاءت الفرصة لاقتلاعه من منصبه الذي عمر فيه لعقد ونصف…لكنه أبدا لم يتزحزح من مكانه! بعد تعيين أوحلي ظهر الحافي في أنشطة وزارية عدة، وأثار السؤال البديهي، من يسير المياه والغابات؟ قانونيا الذي يسير هذا القطاع هو وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش الذي أسندت إليه مهام التنمية القروية والمياه والغابات، وعين كاتب الدولة هو الحركي أوحلي، فما هي صفة الحافي الذي لازال يحضر بها اللقاءات الوزارية والبرلمان، علما أن ظهير تعيين أعضاء الحكومة لم يذكر اسم الحافي أبدا، فما الذي يفعله هذا الرجل في دواليب الحكومة؟ يتساءل مصدر مطلع، مضيفا ” بمجرد تعيين أوحلي كاتب الدولة المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات لدى وزير الفلاحة كان خاص الحافي يمشي فحالاتو أو أوحلي يمشي فحالو وإلا هنالك تضارب الاختصاصات”.. لعل عبد العظيم الحافي لا يعرف مكانا آخر ينتقل إليه بعيدا عن وزارة الفلاحة التي ترقى في سلاليمها من موظف إلى رئيس مكتب ورئيس مصلحة ثم رئيس قسم بمرتبة مدير مركزي وكاتبا عاما للدولة، وفي سنة 1999 إلى سنة 2003 سيعين سفيرا للمغرب بألمانيا، يشفع له أنه تزوج من ألمانية، ويجيد اللغة الألمانية جيدا بالإضافة إلى الفرنسية والإنجليزية، وفي حكومة جطو عين مندوبا للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر..يقول الحافي في إحدى خرجاته الإعلامية “المندوب السامي عندو منصب وزير” ويضيف “الزمن الذي نشتغل عليه أطول من الزمن الحكومي والانتخابي، فنحن نشتغل على زمن طويل، والمندوبية السامية أقرب من الهيكل الذي يشتغل على الزمن الإيكيولوجي الطويل” وعن الاتهامات الموجهة للمندوبية بأنها تحولت إلى جهاز مستقل عن الحكومة قال: “المندوبية ليست إمارة إنها تشتغل في ظل القانون وفي انسجام تام مع الحكومة، ولها استقلاليه في التدبير”..يجب التركيز على الزمن الإيكلوجي واستقلالية التدبير..الغابة والمياه ثروة قومية، لذلك غير اسم هذا القطاع وأصبح مندوبية سامية، كما غير اسم وزارة التخطيط والإحصاء إلى مندوبية سامية يسيرها أحمد الحليمي الذي كان لا يتوانى في تكذيب أرقام الحكومة التي ينمتي إليها غير مبال بأحد، فالمندوبية السامية لها أمانة الحفاظ على الرسالة التي تشرف عليها، لذلك يعتبر امتياز استقلاليتها في التدبير عن الحكومة أمرا ضروريا.. والزمن الإيكلوجي الطويل هو ما تقضيه شجرة للنمو ليظهر أثر المندوب السامي على أرض الواقع..فتقييم عمله ليس مرتبطا بالزمن بل بالعمل.. ولربما 15 سنة على رأس المندوبية السامية ليست كفيلة بنمو شجرة بل بغابات ممتدة، لذلك يعتبر متتبعون أن ما قام به الحافي طيلة عقد ونصف يكفي لتقييم تجربته..لهذا تم نزعه من كرسي المندوبية السامية، ولعل عبد العظيم يحن إلى لقب المندوب السامي الذي فقد منه عند تعيين حكومة العثماني وأصبحت المندوبية السامية فقط كتابة للدولة تحت إشراف وزير الفلاحة مباشرة، وضاع اللقب وأمجاده، لكن البركاني عبد العظيم لا يتنازل ويمضي محافظا على حضوره ورونقه كمندوب سامي سابق، رغم كيد الكائدين، وادعاءات المغرضين “باقي على قلبهم بغاو لاكرهو” هذا هو التحدي الذي يمكن استنتاجه من وضعية الحافي حاليا، والذي لازال يشغل مهمة رئيس منتدب للجامعة الملكية المغربية للرماية الرياضية، ونائبا لرئيس للجامعة العربية للرماية الرياضية، مع خبرة 40 سنة في تدبير الشأن العام…و”باقي العاطي يعطي”.

    فيصل العرايشي المدير العام للقطب العمومي مؤسس الإعلام العمومي المغربي الجديد

    منذ 18 سنة، يقود فيصل العرايشي سفينة الإعلام العمومي بإيجابياتها وسلبياتها، هذا الشخص الذي يعتبره العديدون خطا أحمرا ولا يمكن زحزحته من كرسيه الوثير، من عرش الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة إلا بأمر من جهات نافذة. فيصل العرايشي ابن مدينة مكناس والرجل القوي في دوائر القرار الإعلامي، والقادم من عالم الإنتاج الفني، يعتبر حلقة أساسية في تواصل الملك محمد السادس مع المغاربة، حيث يشرف على تسيير الشركة بشكل مباشر منذ 18 سنة، يعرف جيدا دواليبها ويعي جيدا إكراهاتها وإيجابياتها وسلبياتها، حيث قاد تغييرا شموليا داخل الشركة وأحدث قنوات أخرى تابعة لها، إيمانا منه بضرورة التنوع الثقافي والفني والرياضي والتلفزيوني عموما… فحكاية التلفزيون المغربي الذي يقوده العرايشي بيد من حديد بالغة التعقيد، ففي وقت كانت أحزاب الحركة الوطنية هي من تمتلك الصحافة المكتوبة، ظلت الدولة تحتفظ بسلاح التلفزيون، ووصل الأمر إلى حد تكليف إدريس البصري وزير الداخلية آنذاك بالمسك بزمام أمور التلفزيون، إلى أن جاء العهد الجديد، وحمل الشاب فيصل العرايشي في هذا العهد إلى قيادة الإعلامي العمومي، حيث كان الوالي اطريشة مديرا عاما للإذاعة والتلفزيون آنذاك، قبل أن يصبح العرايشي مديرا للتلفزيون مكان اطريشة. واستطاع العرايشي القادم من عالم الإشهار وصاحب العلاقات الواسعة أن يواكب كل التحولات الكبرى على القطاع السمعي البصري بالمغرب، من خلال تأسيس الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون التي واكبت التحولات ولو بطريقة بطيئة إلا أنها نجحت من جهة أخرى في خلق قطبا عموميا شاملا، قد لا يرقى للظرفية الحالية بنسبة مائة بالمائة، لكن بالمقارنة مع قبل من 18 سنة، هناك تغيير شامل وعام في دار البريهي. لكن من جهة أخرى فإن علاقة فيصل العرايشي ببعض شركات الإنتاج توترت بشكل كبير، خصوصا بعد دخول دفاتر التحملات حيز التنفيذ ما جعل محيط الرئيس يعرف توترا كبيرا مازالت تداعياته سائرة إلى الوقت الحالي، فمقربون من الرجل القوي في التلفزيون يعرفون أنه قليل الحديث، لكنه صارم في قراراته دون قيد أو خوف، وهو في الوقت الحالي لم يعد قادرا على تحمل هذه المسؤولية الجسيمة، ما جعل عدد من الإشاعات تنتشر مؤخرا بقرب إبعاده من قيادة دار البريهي، خصوصا بعد انتخابه رئيسا جديدا للجنة الوطنية الأولمبية المغربية في يونيو من السنة الماضية.

    أحمد بوكوس مدير المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قائد الأمازيغية في المغرب

    2003، سنة كانت حاسمة في مسار أحمد بوكوس، حيث تم تعيينه على رأس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، 15 سنة بالتمام والكمال قضاها الكاتب والأديب على رأس المعهد، الذي أثار جدلا واسعا وسط “حراس” اللغة الأمازيغية. ولد أحمد بوكوس يوم 15 أكتوبر 1946 بمنطقة تيزنيت بسوس جنوبي المغرب، درس بأكادير ثم بتارودانت وبعد ذلك بمراكش، وتخرج من كلية الآداب بالرباط سنة 1967 ليتابع دراساته العليا بباريس متخصصا في اللسانيات وعلم الأجناس، وقد حصل على دكتوراه الدولة في اللسانيات في باريس سنة 1987. عمل بوكوس أستاذا جامعيا بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط بين عامي 1986 و2002، وقد أشرف على رسائل وأطروحات عديدة حول اللغة الأمازيغية، كما درس هذه اللغة في المعهد العالي للأركيولوجيا والتراث بالرباط بين عامي 1986 و1994. ولبوكوس مكانة متقدمة داخل الحركة الأمازيغية، فله مسار سياسي وأكاديمي إلى جانب بعض النشطاء والأكاديميين مثل إبراهيم أخياط والشاعر علي صدقي أزايكو وعلي الجاوي وغيرهم من مؤسسي الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي. وكما يعرف المقربون من أحمد بوكوس عميد الثقافة الأمازيغية، فللرجل مؤلفات عديدة بينها كتب “اللغة والثقافة الشعبيتان بالمغرب”، “الأمازيغية والسياسة اللغوية والثقافية بالمغرب”، “اللغات والثقافات في المغرب: رهانات رمزية”، و”اللألسنية الاجتماعية المغربية”. من جهة أخرى فقد حقق المعهد الملكي الذي يقوده بوكوس إنجازات مشرفة في ظرف وجيز، فقد استطاعت هذه المؤسسة الأكاديمية وبفضل الثقة المولوية السامية وتوجيهات مجلسها الإداري وتفاني جل العاملين بها أن تشق طريقها نحو غد أفضل لتتبوأ الأمازيغية المكانة اللائقة بها في المؤسسات والمجتمع في ظل دولة الحق والقانون. لكن بالمقابل فالباحث المخضرم في مجال اللغة والثقافة الأمازيغية، تعرض هو ومؤسسة المعهد الأمازيغي لنقد قوي من طرف الحركة الأمازيغية المغربية بسبب قلة النتائج المحصل عليها، واستمرار منع بعض الأسماء الأمازيغية في مختلف أنحاء المغرب، بالإضافة إلى فشل مشروع تعليم اللغة الأمازيغية وانعدام الاعتراف الرسمي بالأمازيغية لغة وهوية، حيث شهدت سنة 2005 انسحاب 7 أعضاء من مؤسسة المعهد دفعة واحدة احتجاجا على جمود الوضع في المشروع الأمازيغي.

    كفاءة الأشخاص لا تبرر ضرورة خلودهم في المناصب السامية

    قال المحلل الاقتصادي عمر الكتاني في تصريح لـ”المشعل”، أن كفاءة الأشخاص وخبرتهم الطويلة لا تبرر ضرورة خلودهم في شغل المناصب السامية إلى الأبد، معتبرا أن الأسماء التي شاخت في مواقع المسؤولية داخل عدد من المؤسسات العمومية، ملزمة أخلاقيا بفسح المجال أمام الكفاءات الشابة التي تمتلك معارف وتقنيات حديثة في التدبير والتسيير، “ربما يجهلها المدراء العامون الذين عمروا لعقود على رأس هذه الإدارات الوطنية” يبرز المحلل الاقتصادي. وأوضح الكتاني في تصريحه لـ”المشعل”، أنه من غير المقبول أن يستمر شخص ما في رئاسة مؤسسة أو إدارة عمومية إلى أن يتغمده الله برحمته، مع أن بلادنا تعج بالأطر والكفاءات الشابة التي بإمكانها حمل “المشعل” باقتدار ومسؤولية، يضيف المتحدث ذاته. وانتقد مصدر “المشعل” منطق الولاءات الذي لازال يتحكم في استفحال هذه الظاهرة التي تسمح لأشخاص بعينهم بالاستمرار على رأس المؤسسات المعنية، قاصدا بكلامه الولاءات الحزبية والتبعية السياسية لبعض الجهات والتيارات وأيضا اللوبيات التي تتحكم في مفاصل الإدارة وتعيق جهود عصرنتها وتحديثها وفق ما تقتضيه إكراهات التحول الاقتصادي والاجتماعي وأيضاً التكنولوجي الذي تعيشه بلادنا. واستحضر الكتاني في تشخيصه لظاهرة الخلود في مناصب المسؤولية، ما يجري داخل عدد من البلدان المتقدمة كفرنسا، بل حتى في بلدان أقل نموا كإيران، عندما أشار إلى أن المرافق الإدارية والمؤسسات العمومية داخل هذين البلدين، تعرف إشراف الرؤساء القدامى على إعداد وتأهيل الكفاءات الشابة الجديدة لخلافتها، مع أن فترة انتداب هؤلاء المسؤولين لا تتعدى فترة زمنية محددة بالقانون، يؤكد المتحدث ذاته. وأفاد الكتاني أن ما يحدث في المغرب يخالف ما يطرأ داخل هذه البلدان، مؤكدا أن المسؤولين الكبار والقدامى على رأس المؤسسات العمومية لا يدخرون جهدا في قطع الطريق أمام الأجيال الجديدة الكفأة التي يرون في بروزها تهديدا لاستمرارهم في المناصب السامية، وهو ما يبرر في نظر المحلل الاقتصادي أسباب تخلف وتأخر الإدارة المغربية وعجزها عن مواكبة انتظارات المواطنين والمرتفقين، وذلك بالنظر لحرمانها من هذه الكفاءات الشابة التي تكونت بطرق ومناهج حديثة في تدبير وتسيير المؤسسات والإدارات.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    نخبة توزيع المنافع