“مول الكنز”.. قصة دجال خدع عشرات الآلاف من السرغينيين

“مول الكنز”.. قصة دجال خدع عشرات الآلاف من السرغينيين

A- A+
  • يكبرون “الله أكبر”، يهللون، يصرخون “حنا خوتك”، هكذا تفاعل آلاف الأشخاص بجبل قرية سرغينة التابعة لإقليم بولمان، منذ الساعات الأولى من يومه الإثنين 11 يونيو، مع شخص في عقده الثالث، يلتحف العلم الوطني، ويحيط به أفراد أسرته، ادعى أن حلما راوده و “جني” أكد له وجود كنز مكون من “ذهب” و”ألماس” بالجبل، والعثور عليه سيجعل ساكنة المنطقة من الأغنياء.

    حج إلى “جبل الكنز”..

  • الساعة تشير إلى الخامسة صباحا، آلاف الأشخاص حلوا بجبل “سرغينة” من مناطق مختلفة وأيضا من بعض المدن كفاس والبيضاء، بعد تصديقهم إشاعة “الكنز”..الساعة تشير إلى الثامنة،.. “المشعوذ” كما وصفه البعض، حل بعين المكان، يحمل بين يديه ورقة، تحتوي على الخطة التي سيتم الاعتماد عليها لإخراج “الكنز الموعود”، وبعد مطالبته للحضور بالتكبير “الله أكبر”، قام باستخدام “الجير” ووضع شعار “الله الوطن الملك” على الجبل، قبل أن يصدم الجميع ويكشف فشله في استخراج الكنز….

    يبلغ من العمر 30 سنة، درس إلى غاية السنة الثالثة ابتدائي، يعمل كسائق سيارة أجرة، متزوج وأب لطفل، استطاع بذكائه أو بسبب علمه بالجهل المنتشر بمنطقة سرغينة التحايل على الجميع والادعاء بوجود “الكنز”، واختار مسجد المنطقة، حيث أكد طيلة شهر رمضان للمصلين وجود “كنز الذهب والألماس”، وموعد الحفر حسب “الحلم الذي راوده”، سيكون يوم 26 من شهر الصيام…

    بحث عن “كنز” ينتهي باعتقال..

    مباشرة بعد توصلها بإخبارية في الموضوع، وخوفا على حياة المتواجدين بجبل “سرغينة”، حلت السلطات المحلية والوقاية المدنية بعين المكان، قبل أن تحل مصالح الدرك الملكي، التي أوقفت “مول الكنز” ونقلته إلى القيادة الجهوية للدرك ببولمان للتحقيق معه، للكشف عن الظروف والملابسات التي دفعت به إلى الادعاء بوجود كنز وجمع ما يقارب الخمسة آلاف شخص حسب ما كشفت عنه بعض المصادر.

    “فقر وجهل”..

    اسمها بالكامل منطقة “سرغينة أيت علي”، التابعة لإقليم بولمان، والمتواجدة جنوب مدينة فاس، تضم حسب إحصاء سنة 2004 أكثر من 3.726 ساكنا، وقد أكدت الساكنة لـ “شوف تيفي” في كشفها عن بعض التفاصيل، أن المنطقة تعاني التهميش، فلا وجود لمدرسة أو مركز صحي، و”الفقر” بالإضافة إلى تفشي “الجهل” بين الساكنة التي لا تتكلم اللغة العربية، كانا من بين الأسباب التي جعلتهم يصدقون رواية “مول الكنز”، حيث كان يأمل الجميع في الحصول على “الذهب” لتحسين وضعهم المادي.

    مهزلة..

    النشطاء المغاربة المتفاعلين بمواقع التواصل الاجتماعي وبعد تداول فيديوهات “مول الكنز” عبر “الفيسبوك”، عبروا عن صدمتهم الشديدة، وأكدوا على أن الأمر يمكن وصفه بالمهزلة و “الشوهة”، موضحين أن “الجهل” و”الأمية” وقلة الوعي، كلها أمور دفعت بساكنة “سرغينة” إلى تصديق حماقة الشاب والانسياق وراء كلامه الخرافي الذي لا يمكن للعقل البشري تصديقه..

    مشعوذ يتوفر على قدرة وذكاء تواصلي..

    أكد فؤاد بلمير الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، في تعليقه على واقعة “مول كنز سرغينة” والتي هزت الرأي العام بالمغرب، يومه الإثنين 11 يونيو، أن السبب الرئيسي والواقعي الذي دفع بآلاف الأشخاص إلى تصديق “مول الكنز” هو “الجهل”.

    وأوضح بلمير لـ “شوف تيفي” أن مسألة البحث عن الكنوز قديمة في المغرب، وهو أمر تم التأكد من صحته نظرا لتواجد مجموعة من الخرائط، إلا أن الإشكال الحقيقي هو غياب التفسير المادي، ما يدفع البعض بسبب “الجهل” وقلة الوعي، إلى اللجوء لوسائل خرافية وغيبية، قائلا: “نحن نقدس الجهل..بل نمؤسسه في جميع مراحل التنشئة الاجتماعية..وبالتالي نبني إنسانا مغربيا على العموم لا يتوفر على العقل النقدي الذي يسمح بطرح السؤال وإخضاع كل شيء لسلطة العقل..”.


    وأشار بلمير إلى أن بعض المغاربة في حاجة لتحسين وضعهم المادي، ولهذا فإنهم لا يعتمدون على العقل لفهم الإشكالات الواقعية، وبالتالي يصدقون أي مشعوذ “ذكي” له قدرة على التواصل من أجل الحصول على ما يرغبون به.

  • المصدر: شوف تيفي
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي