فضائح مركز تيط مليل بالبيضاء: ثلاثية الاستغلال والدعارة والمخدرات..في غياب المسؤولية و المراقبة

فضائح مركز تيط مليل بالبيضاء: ثلاثية الاستغلال والدعارة والمخدرات..في غياب المسؤولية و المراقبة

المركز الاجتماعي تيط مليل

A- A+
  • مقرف حد الغثيان.. حد المكان الذي لم يستطع أن يتحمل هذه الفظاعات بما طفح من جحيم الفظاعات..حينما يختلط الحابل بالنابل ويمكنك أن تتوقع كل شيء أمام عينيك..كل شيء مباح في مركز تيط مليل.. شهادات صادمة.. وصور تعري البؤس ومآسي العقلاء والمرضى والحمقى تمتزج بالدموع وبدروب التيه والتشرد. وحكايات لا تنتهي من ركام الحزن وزفرات الموت البطئ … وأسمية أجنحة غذت سجنا كبيرا للمستفدين.. تحقيق قناة ” شوف تيفي “..صادم وقاس عن الواقع المرير بمركز خيري تحول إلى مركز لكل العذابات والألم الذي لا يمكن للإنسان تحملهما وتوقعهما في المغرب الجديد….

    تيط مليل : مقبرة الحياة

    كانت الغاية نبيلة ككل الغايات.. في سنة 1999 تأسس المركز الإجتماعي دار الخير تيط مليل الذي أسسه المجلس البلدي لمدينة الدارالبيضاء بهدف إيواء المتشردين من المدينة وتحول مع مرور الزمن إلى إيواء المسنين و الأطفال وأصحاب الأمراض النفسية والعقلية. أضحى المركز مع مرور الزمن مقبرة للأحياء يحط من كرامة المستفيدين دون أي بعد إنساني لإحترام حقوق الإنسان وفي غياب أي شرط من شروط الرعاية الإجتماعية.

  • نزيل شاب بالمركز يعري الحقائق لقناة “شوف تيفي ” بالمكشوف قائلا ” امتدت إقامتي هنا أربع سنوات كاملة.. نفس المشكل.. المشكل ليس في النزلاء بل في الإدارة وفي الجمعية المسيرة.. أولا الجمعية لا تقوم بعملها (كيقتلوا) النهار هنا من 9 صباحا إلى الثالثة بعد الزوال.. إهمال طبي.. المستفيدون حفاة.. نساء حوامل ونساء على عتبات العمر مهملات..أليس هناك كراسي للمعاقيين؟؟.. النزيل يأتون به من الشارع ويعيدونه إلى الشارع.. يقوم الحراس بتفتيش النزلاء في الأعلى وسرقة دريهماتهم.. ما يؤلمني في نفسي كثيرا أن هذا المركز تيط مليل أصبح مقبرة الحياة بالنسبة للأطفال الصغار.” نعيد طرح السؤال كيف يمكن أن تغدو مؤسسة وطنية مقبرة للحياة؟!!. يضيف ونبرة الغضب تتعالى ” ليس هناك إندماج اقتصادي.. الدواء الذي يتم توزيعه فقط للنوم والأكل.. ليس هناك أطباء بكفاءات أطباء.. فقط (دريات) يلبسن وزرات بيضاء.. الأواني يغسلهم النزلاء.. بقايا الأكل يجمعها النزلاء.. هناك مشرفات بلا كفاءات.. لكن المؤسف أن باستطاعتك أن تخرج شابة من هنا سواء كربات للبيوت أو كبائعات الهوى.. هنا استغلال بشع ..أنا يستغلونني في أعمال النظافة”. يرفع المتحدث يديه إلى السماء بالقرب من الرأس إعلانا عن حجم الفظاعات وهولها والذل الذي يتشربه النزلاء والنزيلات يوميا.. هل يمكن للعقل تصديق أن الأمر يصل حد فعل الدعارة هنا؟!!…

    الجناح رقم 8: مزال عندنا تزمامارت

    هول المناظر المشمئزة.. تلك هي العبارة الوصف.. نبدأ جولتنا من الجناح رقم 8 المخصص للرجال..أينما ساحت عيونك وجدت المناظر المقرفة.. اختلاط المرضى مع المتسولين مع الأطفال القاصرين مع الحيطان الكريهة.. هنا تجتمع التناقضات في قسوتها وبلائها في مكان واحد.. ليس هناك شرط واحد للكرامة الإنسانية.. مراحيض تبعث على الغثيان والتقزز.. لا ماء فيها ولا كهرباء. مرضى بدون دواء استقبلوا فريق ” شوف تيفي “، رجل يتعدى عتبة الخمسين عاما مر من تجربة السجن يحكي معاناته متجلدا بالصبر قائلا ” باختصار هذه المؤسسة بعدما قضيت 26 عاما بالسجن وكنت قاصرا.. قلت في نفسي بعد خروجي من السجن أنني سأتجه إلى دار الخير كمؤسسة اجتماعية وأنني سأجد بهذه المؤسسة كل أصناف الخير وأستطيع قضاء بقية حياتي بها.. لكن بمجرد وضع خطواتي الأولى بدار الخير فوجئت أنني دخلت أكبر سجن فوق الكرة الأرضية.. كانوا يقولون أن تزمامارت قد هدمناها.. تزمامارت هي هاذي.. لا تزال هنا.. ولجت المرحاض وجدته بلا باب وبلا صنبور.. في الغد صعدت للحديث مع مدير المؤسسة.. سألته هل هاذي هي دار الخير؟ قلت له أريد أن تدفعني دفعة صغيرة بأن تعيدني إلى السجن الذي كنت فيه…”. هنا لا مجال للمقارنة بين مؤسسة السجن ومركز الإيواء تيط مليل.. يفضل النزلاء السجن أحب وأرحم وأهون للنفس و لحفظ ما تبقى من كرامة مداسة..

    المركز الاجتماعي تيط مليل

    لا أطالب بأي شي سوى برحمة سيدي ربي

    نزيل مقعد على كرسي للمعاقين يحكي مشاهداته خلال عام قضاها بالمركز لميكرفون ” شوف تيفي ” متحدثا ” جئت إلى هنا بأمر إداري.. ليس لدي مكان للإيواء.. بعد ما استبد بي مرض السكر قام الأطباء بقطع رجلي اليمنى.. لهذا توجهت نحو الخيرية.. طردتني زوجتي من المنزل.. لدي ثلاث بنات يتبعون كلام والدتهم”. يأخذنا سؤال كيف يعيش المقعد والمعاق هنا؟.. مختل عقلي من لفقيه بنصالح كما يذكر تعرض لحريق بشع في ظهره لا زال لم يشفى ولا يستطيع المرئ النظر إليه من فجيعة المشهد.. يقول كلاما هنا.. وأقاويل هناك… كل مطلبه أنه لا يطالب بأي شيء يقول ” أنا لا أطالب بأي شيء.. فقط أريد رحمة سيدي ربي”. يتمشى المختل عاريا من أعلى.. ذهابا وإيابا دون توقف. شبه موظف يطالب بمستحقاته وبالإعتراف به.. قائلا ” أنا أتحدث عن نفسي..أنا أشتغل منظفا بالمركز لمدة عشرين عاما هنا بالمركز.. لدي رجل اصطناعية..أطالب بتعويضي عن السنوات التي قضيتها في مهمة التنظيف..أنا لست موظفا أنا فقط نزيل.. أنا تزوجت بنزيلة صغيرة هنا وأريد الخروج معها من هنا.. أريد فقط تسوية وضعيتي المالية لأخرج من هنا “.. تعددت الأسباب هنا والإيواء واحد..شاب نزيل لا يبرح سريره لمدة ثمانية أشهر نعاينه.. يقول بنبرة الحزن التي تسوس النفس والبدن ” ثمانية أشهر وأنا قابع هنا.. يقولون يلزمك الترويض.. ماكاين لا ترويض لا واااالو.. ليس لدي سكن ولا أستطيع التحرك.. أنا مكرفس بزاف.. فقط ( الداراي) هم الذين يساعدونني.. لا أريد أي شيء فقط أطالب بالعلاج”.. هي الحكايا المؤسفة التي لا يستطيع القلب والجسد بما حمل تحمل ثقلها وأوزارها.. مكلومة هذه النفوس المغطاة بأديم الحزن الذي لا ينتهي…أما من سبيل للخلاص؟ ذاك هو السؤال..

    نزيل بالمركز: باغي صندالة

    ننتقل عند بوابة المركز.. شاب ذو أصول مكناسية كان نزيلا بالمركز تم طرده مؤخرا.. يفترش بعض الأغطية صحبة قطتين بالقرب منه ويراقب الداخل والخارج.. يفضح كل الممارسات بقلب شجاع ويكيل مزيدا من الإتهامات لمدير المركز في حديثه لـ ” شوف تيفي” قائلا ” صعدت عند المدير مطالبا بحقي بعدما اشتغلت 12 عاما هنا.. ثلاثة شاحنات مملؤة بالحديد (لافيراي)حملتها على ظهري وخرجت لتباع.. صعدت إليه مطالبا ب( صندالة).. قال لي اذهب لحالك..يعاملني مثل حيوان.. لا يعاملك بالقيمة الإنسانية..مسؤول يحيا معنا بلا ضمير.. في أي لحظة يمكن أن تقدم بك الشكاوي المزيفة وتزج بالسجن..أرسلوني مرة بثمانية أشهر سجنا.. دابا طردوني..أنا موجود بالزنقة بسبب( جوان)..ويتهمونني أنني أقصد الدريات”.. يضيف ” هذه مبادرة ومن حقي أن أستفيد منها.. راه لعجب كيوقع في الداخل.. الموظفين مكحلينها.. هناك سيارات تحمل وتخرج..راه داير مافيا ديال الأمن الخاص.. حتى إعانات الملك يتم إخراجها.. ثلاثة مدرجات بميزانية كبيرة جدا لن تجد ولو (كاشة ) جديدة واحدة.. الإنسان للي بعقلو يمدونه (بمانطة) أما المختل فلا يتوفر عليها”.. نعود لجناح المآسي حيث لا معنى لمفهوم إنساني إسمه الكرامة..عجوز مريض من الدروة ببرشيد في عتبات العمر يلخص الأمر برمته في جملة واحدة ” ما بقاش الحق…”.. لن نقول أكثر من هذا…

    المركز الاجتماعي تيط مليل

    جناح النساء: دعارة ومخدرات وأشياء أخرى…

    وضعنا أيدينا على قلوبنا ودخلنا جناح/عنبر النساء.. بمجرد الإطلالة نساء يتسولن بعض الدريهمات من أجل شراء السجائر والحشيش. الوجوه كئيبة بما تكفي..أما من لم تجد ما تدفع به على نفسها عليها أن تدفع بجسدها النحيل… جناح يتاجرون به من أجل المخدرات.. نزيلة شابة من فاس تعبر عما تعيشه لقناة “شوف تيفي” قائلة ” مررت بعدة مراكز.. هنا قضيت عاما وأنا أطالب من أجل إعداد بطاقتي الوطنية بعد أن أتى بي وكيل الملك إلى هنا.. يقولون لي دائما هناك أزمة مالية.. أوراقك في المحكمة..أوراقك في القيادة.. صمت عن الكلام.. هم مسؤولون لا أستطيع مواجهتم.. حينما تأتي الفتاة الجديدة يتم احتقارها.. يتم الضغط عليها.. تمارس أشغال التنظيف.. استبدال ملابس المسنات وما جاورها..أما الموظفة فهي تضع رجلا على الأخرى وتنال2200 درهم دون أن تقوم بأي شيء” تضيق معترفة ” كاين شي بنات مبليات منهم أنا.. أطالب في بعض الأحيان فقط بخمسة دراهم.. أنا من أشتغل وأنظف.. أنا مبلية بالسجائر.. وتبليت هنا.. ضربت يداي ورجلي وجهي وفخاذي… بسب الموظفين وأقوالهم ..أنت سيري راكي غير شمكارة ولدتك أمك وجابتك تصدعينا هنا.. المسؤول قدوة.. يقول لي حتى أنت تحل ليك الفم وليتي تتساوين مع المسؤول” . لا ينتهي قولها ” حينما أطلب من الإدارة الإستئدان للخروج يقال لي.. خارجا تقحبي …”. لا ينتهي الشد والجدب بين النزيل وإدارة المؤسسة.. كل معايير التقييم جائزة حسب الحاجة وحسب الشخص وحسب الوضع الإعتباري…من هنا يبدأ التعامل.

    تيط مليل: الحالات الكارثية

    خديجة تاغزواتي، رئيسة جمعية بدور النخيل التقيناها صدفة.. وصفت الأمر لقناة ” شوف تيفي ” بالكارثي ” كهيئة جئنا هنا يوم عاشر يوليوز2018.. جئنا متابعين لحالة فتاة تعاني التشرد وكانت تتعرض يوميا للإغتصابات.. وجدنا عدة مشاكل تحدثنا فيها مع المديرالإداري ومع المتصرف القضائي.. وتحدثنا عن القيام بعمل تشاركي في مرحلة تتسم بالصعوبة.. أفاجئ في كل مرة كهيئة حقوقية أنه فقط كلام مسترسل.. انعدام المتابعة الصحية.. وجدنا حالات كارثية… “.

    ” شوف تيفي” تلخص الوضع بعد زفرات حارة ” لا إله إلا الله..ما رأيناه لا يبشر بالخير.. هذا الأمر فوق طاقة الإنسان.. لا يتسطيع المرئ أن يرى هذا الأمر ويتحمله.. هناك أشخاص (مربطون).. نزلاء يقومون بتغذية نزلاء.. ما شاهدته لم أستطع لحد الساعة تصديقة… علينا كمجتمع مدني أن نقوم بحل جذري”.. لا تكفي الكلمات للوصف وحدها الوجوه الحزينة تجوب المركز طولا وعرضا بحثا عن لحظات من سكينة الروح بعدما أعياها الترحال ودروب القهر…

    نزلاء في مركز العجائب:

    في غياب أي مسؤول لتوضيح ما شاهدناه وعايناه، أحد العاملين من المركز فتح قلبه لميكرفون ” شوف تيفي” مفجرا الوضع من الداخل وشاهدا على عدد من خروقات لا تنتهي” قائلا ” أشكر كل الهيئات الحقوقية على تلبية نداء المستفدين والمستفيدات.. ما ترونه اليوم لن تروه بأي بلاد.. أفقر فقراء المغرب هم الذين يتواجدون هنا.. أوجه النداء إلى صاحب الجلالة ولقد راسلته مرات لكن تمارس عليا تهديدات وضغوطات من بعض المسؤولين.. تقع عدة خروقات.. هناك أشياء لا يمكن تخليها.. مثلا حالات الإعتداء وسرقة أموال الناس..أي شيء هنا يمكن توقعه.. الدواء مقطوع يمنح فقط في العشية.. تقع عراكات بين المرضى لعدم تناولهم للأدوية..أتمنى أن تأتي أعلى سلطة بالبلاد أن يأتي الملك إلى هنا”. كل شيء مباح..وحدها العيون ترمق خائفة على سرير لا يشبه السرير..وأغطية تزكم روائحها الأنوف..وحدها العيون ترمق في صمت وحيرة بكثير من اللامبالاة من قبل القائمين.. ترتعب من الوعيد والتهديد والضغوطات..أما من سبيل لرفع هذا الخوف الذي استوطن في النفوس والأبدان؟

    تضيف مستخدمة وهي تضع سلسلة ذهب وازنة في يديها اليمنى لقناة “شوف تيفي” بنوع من الإقرار قائلة ” يوجد التشرد والتسول والأمراض العقلية.. أنا لا أسمح بإدخال الحشيش…لكن أنا عبد مأمور متى يطلب مني فتح الباب أفتحه.. أنا أشتغل على عائلة تتكون من خمسة أفراد”. كل شيء في تيط مليل قابل للدوام والتصديق…

    المركز الاجتماعي تيط مليل

    مجرد سؤال:

    يخيم سؤال كبير..من المسؤول عن هذه الخروقات الخطيرة؟ عن حجم هذه الفظاعات التي لا تنتهي؟ وعن هذه الوضعية المزرية؟ نزلاء في مركز العجائب.. عجائب أفعال وأقوال وحيطان متصدعة وقلوب متصدعة من هول الفجائع والمآسي وجحيم المعاناة وأسرة بالية ووجوه كئيبة تهيم في هموم أحزانها وجراحاتها في عمق الجرح والنفس والبدن.. يخرج فريق ” شوف تيفي” من باب المركز.. ننظر لبعضنا البعض من هول الصدمة وسؤال يردده الصدى : هل يمكن تفعيل المسؤولية بالحساب؟؟!!!!

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    توماس توخيل يشيد بالدولي المغربي نصير مزراوي