شوف بريس
  • A- A+

    بوح الأحد:تعديل مدونة الأسرة يذكي تسريبات خارج السياق والصيغة النهائية لا تحليل

  • بوح الأحد : تعديل مدونة الأسرة يذكي تسريبات خارج السياق و الصيغة النهائية لا تحليل و تحريم فيها خارج الشريعة، من واشنطن إلى مدريد انتكاسات الطوابرية التي لن تنتهي و فرنسا تكثف المبادرات لتسريع موعد زيارة ماكرون للمغرب و أشياء أخرى…

    أبو وائل الريفي
    ابتليت بلادنا بفئة تحسب نفسها خطأ على النخبة وهي لا تتوفر على أبسط شروطها. فئة تنتعش فقط من الاصطياد في الماء العكر وصناعة أجواء التوتر وإذكاء منسوب الشحن وسط المجتمع بالأكاذيب والشائعات. لقد تأكد هذا الكلام في مناسبات عدة آخرها محاولات بث سموم الانقسام داخل المجتمع المغربي بمناسبة إصلاح مدونة الأسرة.
    لقد كان الخطاب الملكي الذي أعلن فيه جلالته عن إعادة النظر في هذه المدونة بعد أزيد من عقدين من التطبيق إيذانا بولوج مرحلة جديدة لاستدراك الخلل في التطبيق واستكمال النقائص، والأهم أن الخطوة الملكية كانت تؤشر على ثقة في المغاربة وعلى قدرتهم على خوض نقاش بناء في موضوع شديد الحساسية بما ينتصر لمغرب يجد فيه كل أبنائه ذواتهم.

  • يحسب للجنة الملكية انفتاحها على كل الآراء وتغطيتها لكل المنظمات ذات الاهتمام بهذا الموضوع، كما يسجل لها احترامها للآجال التي حددت لها. وبانتهاء عملها يكون ورش إصلاح مدونة الأسرة انتقل إلى مرحلة متقدمة وأشغال اللجنة في يد جلالة الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والممثل الأسمى للدولة ورمز وحدتها وضامن استمرارها والمؤتمن على صيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات. يجب عدم نسيان هذا كله.
    ما الذي يجعل هذه الفئات تستبق عمل المؤسسات وتسمح لنفسها بنشر مقترحات وبترها عن سياقها وسبب نزولها ونسبها لعمل اللجنة الملكية وتسويقها كتوصيات؟ لفائدة من تتم هذه العملية؟ ألا يستوعب هؤلاء الأثر السلبي لهذه الأكاذيب على المغاربة؟ ألا يقع كل هذا العمل تحت طائلة القانون ويستوجب المتابعة القضائية؟ هل يتصور عاقل أن يتم تسريب محتويات تقرير اللجنة الملكية؟ هل تم تسجيل سوابق بهذا الشأن؟ من يريد تصوير الدولة وكأنها بدون تقاليد وأعراف وضوابط؟
    تحن بعض الفئات إلى المزايدة والاستقواء بمواقع التواصل الاجتماعي دون أن تعي تبعات ذلك وأثره على مخرجات هذا الورش، وتسعى بعض الفئات الأخرى إلى تقسيم المجتمع إلى فسطاطين غير قابلين للتوافق والتعايش لأنها تستثمر فقط في الفرقة وتنتعش في الخلاف ولا طاقة لها على الاجتهاد للتوفيق بين كل مكونات المغرب في احترام تام للمقتضيات الدستورية التي ارتضاها المغاربة بما يشبه الإجماع. هؤلاء الذين ينشرون ما يدعونه خلاصات اللجنة المرفوعة للديوان الملكي يعلمون قبل غيرهم بأنهم يكذبون على المغاربة ويستعجلون حربا بين المغاربة لأنها هي الجو الذي ينتعشون فيها فقد ألفوا “تجييش” أتباعهم والتهويل من أي ورش يخوضه المغاربة بغية اللحاق بركب التنمية وفق الخصوصية المغربية.
    اتقوا الله في هذا البلد، واتركوا المؤسسات تشتغل في هدوء ودون تشويش وفق المقاربة التي حددها جلالة الملك، وتجنبوا أساليب الوصاية على الشعب وادعاء الحديث باسمه والغيرة على الدين أو الحداثة.
    سيكتشف المغاربة جميعا أنهم كانوا ضحايا هذه الفئات من المغامرين والمزايدين تجار الفتن ومشعلي الحروب الدونكيخوتية. ما تزال أمامنا مراحل أخرى حتى يصل قطار مراجعة مدونة الأسرة محطته الأخيرة ولن يتم ذلك بدون عرض المشروع على البرلمان كما اختار ذلك جلالة الملك منذ سنة 2003 وكما وعد بذلك في الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة وكذا الخطاب أمام البرلمان “وإننا لننتظر أن تتم بلورة نتائج هذه اللقاءات، في شكل مقترحات تعديلات، يتم رفعها إلى نظرنا السامي، بصفتنا أمير المؤمنين، والضامن لحقوق وحريات المواطنين، في أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الصيغة النهائية التي سيتم عرضها على مصادقة البرلمان”. والأهم هو الإطار الذي وضعه جلالته لعمل كل المتدخلين في هذا الورش “احترام تام لشريعتنا الإسلامية الغراء، ومراعاة للتطور الذي عرفه المجتمع المغربي.” و”المرجعيات والمرتكزات تظل دون تغيير. ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي ، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب” و”كما أكدنا أكثر من مرة، فإننا، بصفتنا أمير المؤمنين، لا يمكننا أن نحل ما حرم الله ولا أن نحرم ما أحله جل وعلا”. ألا تكفي كل هذه الضمانات؟
    هي إذن دعوة صريحة لكل المغاربة بعدم الانسياق وراء صناع التوترات والباحثين عن الإثارة والمهرولين للمنافع الخاصة والمتاجرين بالدين والحداثة والمتصيدين للمناسبات دون استيعاب تداعياتها الخطيرة على وحدة النسيج المجتمعي، والاطمئنان أن المشروع كله في أيد أمينة أثبتت كل الأوراش والمحطات السابقة أن لها من الحكمة ما يؤهلها للتجاوب مع الاحتياجات الحقيقية للمغاربة. وواهم من يظن نفسه قادرا على التأثير على مخرجات هذا الورش بهذه الأساليب، وهو يسيء لنفسه قبل الإساءة لغيره.

    مبادرة نوعية جديدة تقدم عليها المديرية العامة للأمن الوطني تمثلت في وضعها رهن إشارة الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة عناصرها للقيام بمهام البحث والتحري وتتبع المشتبه بهم. خطوة إضافية أخرى تعكس الانخراط المواطناتي لهذه المديرية في محاربة الفساد وكذا الإرادة السياسية للدولة في مواجهة هذه الآفة التي صارت تؤرق المغاربة. يلزم المواطنين بعد الآن القيام بواجبهم في التبليغ كذلك وعدم التسامح مع الفساد والمفسدين. لم نسمع للطوابرية رأي حول هذه الخطوة. وكعادتهم يختارون الصمت كلما كان الأمر في غير صالحهم.
    أصبح مألوفا عند الطوابرية الصمت والتجاهل، كما هو الشأن كذلك مع تقرير مكتب القضايا السياسية والعسكرية التابع للخارجية الأمريكية بشأن التقييم الدوري لعلاقات التعاون الأمني والعسكري مع مختلف الدول والشركاء الدوليين، والذي أكد بأن المغرب حليف رئيسي في صون الأمن الإقليمي والجهوي، وبأن التعاون الأمني بين البلدين يهدف بشكل مشترك لضمان الاستقرار والأمن والسكينة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وبأن التعاون بين البلدين عميق ومتين، ويدعم الاستقرار الجهوي، ومكافحة الإرهاب.

    هذه الإشادة في هذه الظرفية لا توحي لأمثال الدونا بريما أن يراجع استنتاجاته المتسرعة واتهاماته المجانية لأن هدفه ليس الحقيقة ولكنه “مسخر” لتبخيس عمل المؤسسة الأمنية خدمة لأسياده الذين تصيبهم هذه التقارير بالجنون لأنهم يكتشفون منها حجم التفوق المغربي عليهم.
    لقد كان لافتا للنظر نهاية رمضان انخراط تيارات الإسلام السياسي في المغرب في دعاية مجانية لإيران وحزب الله وهم يدعون في بيانات رسمية إلى تخليد يوم القدس العالمي الذي يصادف كل سنة الجمعة الأخيرة من رمضان. المعروف أن هذه المناسبة إيرانية ولم تحظ بالقبول في المنتظم الدولي وهي مناسبة يستعرض فيها الشيعة عضلاتهم على العالم ويوظفون كل بيادقهم للتحرك ولو بشكل رمزي لأن في ذلك مؤشر على حجم ومستوى نجاح الأفكار الخمينية بشأن تصدير الثورة ونموذجها للعالم الإسلامي. هل كان “إخوان” المغرب في حاجة لجعل هذه المناسبة مرجعية للتضامن والنصرة؟ هل كانوا يستوعبون حقيقة التنصيص على ذلك في بيان رسمي؟ هل يصرون على تكرار هذه الخطيئة في المستقبل؟
    كانت سقطة أخلاقية وسياسية ودينية تلك التي سقط فيها الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية وهو يدعو المغاربة في بيان رسمي للحركة إلى تخليد هذه المناسبة ومعها كذلك المبادرة المغربية للدعم والنصرة التابعة لها. هي فضيحة تكشف حقيقة ما تروجه هذه التيارات من أكاذيب حين تنسب نفسها للتدين المغربي والتربة المغربية مع أنها في الحقيقة شيعية الهوى وترتضي لنفسها لعب دور الكومبارس لإيران وحوثيي اليمن وميليشيات حزب الله ولا تستوعب أنها تخوض حربا بالوكالة لفائدة هذه التيارات وتضعف العالم السني المعتدل والوسطي.
    مثل هذه السقطات تؤكد الحاجة الملحة لإمارة المؤمنين كحامي للملة والدين من كل اختراق.
    يتفادى نظام الملالي خوض حرب مباشرة رغم الخسائر التي يتكبدها متعللا بالصبر الاستراتيجي، ويوظف بيادقه في الكثير من الأراضي وعلى مختلف الجبهات، وللأسف، سقط إخوان المغرب مرة أخرى في الفخ وهم ملزمون بالاعتذار للمغاربة عن هذا الخطأ وتوضيح أسباب ذلك.
    خسائر الإسلام السياسي لا حد لها، وآخر خسارة تمثلت هذه المرة كذلك في الهزيمة المدوية لشعبوية أردوغان في الانتخابات البلدية في عقر داره بإسطنبول وغيرها من المدن الكبرى في تركيا. كان أردوغان يحلم بإعادة مجد السلطنة والخلافة في الذكرى المائوية سنة 2024 لمحو آثار الأتاتوركية، فكانت هذه السنة كابوسا مزعجا له ولأنصاره ينضاف إلى هزائمه السابقة.

    الخلاصة من كل التجربة الأردوغانية أن سياسة “جوج وجوه” و”الهمزة” مصيرها الفشل مهما طال الزمن. راهن أردوغان على تيارات الإسلام السياسي الإخواني بعد الخريف العربي وانتهى به المطاف إلى التخلص منهم بعدما صاروا عبئا عليه، واختار أسلوب المواجهة مع دول المنطقة العربية مثل السعودية والإمارات ومصر فانتهى به المطاف إلى استجداء المصالحة معها بحثا عن استثماراتها وأسواقها بعد حالة الكساد التي عاشتها تركيا في السنين الأخيرة، وغامر بشعبوية مقيتة لاستدرار عطف الجماهير العربية بالمزايدة بالقضية الفلسطينية وتناسى أنه غارق حتى أخمص القدمين في التطبيع مع إسرائيل وأن دولته هي التي تؤمن التغذية للقوات الإسرائيلية التي تخوض حربا ظالمة ضد الفلسطينيين في غزة والضفة. ولذلك كان أول رد فعل بعد الهزيمة الانتخابية محاولة الاستدراك لإنقاذ ماء الوجه بتقييد تصدير بعض منتوجاتها إلى إسرائيل إلى حين الوقف الفوري للحرب على غزة. هل سيكون جادا في شروطه أم هي محاولة شعبوية أخرى؟ لماذا لم يشترط هذا الشرط منذ شهور؟
    هذه هي الأسئلة التي يتفادى أتباع أردوغان طرحها لأن الجواب عنها سيكشف كم كانوا مغفلين حين صدقوا تلك الشعارات التي كان واضحا أنها مجرد مزايدات وشعبوية مقيتة.

    قلتها في بوح سابق بأن القضية الفلسطينية فاضحة لكل من يتاجر بها ويزايد بها على غيره، وها هو الشعب التركي يلقن أردوغان وحزبه درسا لن ينساه وهو يتخلى عنه في البلديات الكبرى ويمنح أصواته لغريمه حزب الرفاه الجديد الذي خرج أردوغان وحزبه من جبته. وما أكثر من فضحتهم هذه الحرب على غزة من تجار النصرة والتضامن بينما هم يبحثون عن دور سياسي في بلدانهم عجزوا عن الوصول إليه بصناديق الاقتراع.
    وضعت الحرب على غزة كذلك جمهورية شنقريحستان في الميزان، وفضحت متاجرتها بقضية إنسانية عادلة دون أن تقدم للفلسطينيين شيئا يذكر، ولذلك حاولت خوض حملة ضد المغرب تحت عناوين مختلفة رابطها الكذب مستعينة بطابور المناولة الذي تتحكم هي في كل حركاته وسكناته. ما تزال جزائر تبون وشنقريحة مسكونة بالمغرب وعاجزة عن مواكبة التحولات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية ومتوجسة من أي تقارب بينه وبين فرنسا وغيرها. وأول ارتباك تعيشه شنقريحستان هو كيفية التعامل مع جلسة مجلس الأمن المقرر عقدها منتصف الأسبوع، الثلاثاء 16 أبريل، والتي سيقدم فيها دي ميستورا إحاطة حول تطورات الملف في جلسة خاصة مغلقة إضافة إلى التقرير عن التطورات الميدانية الذي سيقدمه الروسي ألكسندر إيفانكو الممثل الخاص للأمم المتحدة ورئيس بعثة المينورسو تنفيذا لمقتضيات القرار 2703 لعام 2023، والذي يحث المسؤولين الأمميين على عقد جلسات دورية أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي لمناقشة تطورات نزاع الصحراء كل ستة أشهر.
    العين على جار السوء التي ستشارك في هذه الجلسة بحكم عضويتها في مجلس الأمن. هل ستتحلى بالموضوعية؟ هل ستغلب صوت السلم والحكمة والعقل والمنطق؟ هل ستلجأ إلى الأكاذيب دون مراعاة ما تستلزمه العضوية في المجلس؟ وهل لها القدرة على التأثير في توجهات مجلس الأمن المتواترة؟
    سياق الجلسة لا يخفى على متابع، فهي تنعقد في ظل تحركات يقوم بها دي ميستورا في العديد من العواصم بحثا عن خيط للحل لم يتوفق في إيجاده بعد وهو ما أسقطه في أخطاء سيكون لها أثر على مدى حياده، وتنعقد الجلسة كذلك في سياق تصعيد مجاني وعدواني من عصابات البوليساريو لخرق اتفاق التهدئة، وشلل واضح في طاولات الحوار بسبب الجزائر، وكذا الانتصارات الدبلوماسية والسياسية والميدانية للمغرب بدءا من تزايد عدد الدول التي تعترف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وفتح القنصليات بالعيون والداخلة وتوسع دائرة الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي، وهذه كلها عوامل تجعل المغرب متمسكا بمقاربته لحل هذا الملف المصطنع لإشغاله عن تحقيق أهدافه.

    آخر صدمة تلقتها شنقريحستان هي تعيين كينيا لسفيرة لها في المغرب لأول مرة بعد موافقة البرلمان الكيني، وهو ما جعل تبون يتحسس الخطر وكعادة نظام العسكر في تسميم الأجواء بعث تبون وزير خارجيته للضغط على كينيا تحت غطاء “تعزيز علاقات التعاون والصداقة التاريخية بين الجزائر وكينيا، وكذا توطيد عرى التشاور والتنسيق حول التطورات الإقليمية والدولية”.
    لم يعد خافيا على أحد أن دبلوماسية تبون وشنقريحة لم يعد أمامها سوى تلقي الصدمات والأسلوب الدفاعي للحد من انتصارات المغرب. ولذلك فالمغرب يأخذ بعين الاعتبار كل هذه التحولات والمستجدات ويقف على أرضية صلبة وفق مرجعية واضحة عمادها اللاءات الثلاث، وهي رفض كل مفاوضات سياسية خارج الموائد المستديرة للأمم المتحدة مع شرط مشاركة كاملة للجزائر كطرف، ولا حل خارج المبادرة المغربية لمنح الأقاليم الصحراوية المغربية حكما ذاتيا تحت سيادة المغرب، وثانيا لا يمكن إطلاق عملية سياسية دون وقف عصابات البوليساريو لانتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار وتهديداته بالعودة إلى الكفاح المسلح.
    الحمد لله أن مصداقية المغرب وصواب مقاربته وحقائق الميدان صارت كلها عوامل مهمة في تدبير هذا الملف، وهذه كلها انتصارات ما كانت لتتم لولا المجهودات التي تبذلها الدولة المغربية في هذا الملف وعدم تساهلها بشأنه مع أي كان.
    كانت جلسة المساءلة بالكورتيس الإسباني منتصف هذا الأسبوع فرصة أخرى لكل أعداء المغرب وهم يستمعون، على امتداد أزيد من خمس ساعات، لإصرار بيدرو سانشيز وحكومته على العلاقات مع المغرب ودفاعه عنها، كما كانت مناسبة لكل من تابعها كي يعرف حقيقة الأدوار الخبيثة التي يلعبها بعض الطوابرية لخدمة أجندة اليسار واليمين المتطرف المعاديين للمغرب. وهذه الصراحة والتمسك من الجانب الإسباني درس لبعض الدول التي ما تزال مترددة في اتخاذ خطوة شجاعة تجاه المغرب والاعتراف بمغربية الصحراء وتفضل ولوج المصالحة مع المغرب من النوافذ عوض الباب.
    تستحق خطوات فرنسا الأخيرة التشجيع، وخاصة تعدد وتواتر زيارات المسؤولين الفرنسيين لبلدنا وتصريحاتهم المتتالية عن الحرص على العلاقة مع المغرب وبحثهم عن تصفية الأجواء الملبدة بسبب أخطاء فرنسا المتراكمة ضد المغرب والتي تضررت منها فئات واسعة من المغاربة تنتظر الإنصاف من الجانب الفرنسي.

    هل يمكن أن تكون لهذه الزيارات نتائج؟ وهل تتجاوز تلك التصريحات حدود اللباقة الدبلوماسية؟ وهل يمكن أن تنفع المبادرات الاقتصادية لتصحيح الغموض السياسي لفرنسا؟ وهل تغني زيارات مسؤولين فرنسيين عن المطلوب من رأس الدولة ماكرون؟
    من السابق لأوانه الإجابة عن كل هذه الأسئلة، ولكن المؤكد أن كل خطوة تخدم تحقيق هدف إعادة الدفء للعلاقة بين بلدين يجمعهما الكثير لن تجد من المغرب إلا التشجيع والمباركة والانخراط، وما على فرنسا سوى التحلي بالوضوح والشجاعة ومعرفة بأن نهاية كل هذا التقارب يجب أن تكون اعترافا فرنسيا بمغربية الصحراء وبأن هذا وحده المعيار الأساس والحاسم لطبيعة العلاقة مستقبلا بين البلدين.
    يجب على فرنسا أن لا تستسلم “للبلطجة” الجزائرية التي ترى نفسها متضررة من كل تقارب بين المغرب وفرنسا ولذلك فهي لا تخفي انزعاجها من تمويل فرنسا مشروعات في مناطق صحراوية وتعتبرها خطوة استفزازية، كما على فرنسا عدم الخضوع للأسطوانة المشروخة لعصابات البوليساريو حول “نهب الثروات الطبيعية والموارد الوطنية الصحراوية” لأن هذه العصابات تتمنى لو بقيت هذه المناطق مثل مخيمات تندوف التي تفتقد لأبسط شروط العيش الكريم.

    يجب على فرنسا التحلي بفضيلة الإنصاف تجاه المغرب والاعتراف بأخطائها والتخلي عن أساليب الابتزاز التي لم يعد لها مكان في عالم اليوم وتخسر منها فرنسا الكثير في العالم.
    يتطلع المغرب إلى علاقات جيدة مع فرنسا وغيرها من القوى الكبرى ويعتبر ذلك مؤشرا على جاذبيته وحسن تعاونه ومصداقيته، ولذلك فعلى فرنسا كذلك الاقتناع بأن الزمن تغير وبأن منطق الوصاية على مستعمراتها السابقة ولى إلى غير رجعة والإصرار على استحضاره يخسرها مناطق وشركاء ومصالح هي في أشد الحاجة إليها.
    يمكن لكل الخطوات أن تساهم في رأب الصدع بين البلدين إن كانت النية سليمة والطوية صادقة والرغبة حقيقية في إقامة شراكة متكافئة مع المغرب في احترام تام لسيادته واستقلالية قراراته. ويبقى أن فرنسا ملزمة بمصارحة الفرنسيين حول حقيقة الاتهامات التي كالتها أجهزتها للمغرب بدون أدلة. هذه خطوة سيكون لها أثر بالغ في ردم الهوة التي تشكلت خلال هذه السنين.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أيت طالب: خاصنا الصيغة باش نقطعو مع شيك الضمان في المصحات