بوح الأحد: ما لم يقال عن حالة يأس الطوابرية في البوبليكو الإسبانية،…

بوح الأحد: ما لم يقال عن حالة يأس الطوابرية في البوبليكو الإسبانية،…

A- A+
  • بوح الأحد: ما لم يقال عن حالة يأس الطوابرية في البوبليكو الإسبانية، نخبة مسارات الريع تحدث نفسها و تسقط في مستنقع الخيانة


    أبو وائل الريفي

  • لم يكن أمام الطوابرية من حل لوقف النزيف الذي يتعرضون له سوى الاستعانة بخدمات طوابري أبقوه في الاحتياط تحسبا للطوارئ والحالات القصوى. ولأن خريفهم متواصل ومعاركهم وهمية وقضاياهم خاسرة فإن الفضيحة تكون دائما هي النتيجة ولكن عقلهم القاصر ونفسيتهم الحاقدة تعميهم عن معرفة هذه الحقيقة.
    لم يكن أمام هذا الطابور سوى الاستعانة بخدمات بوبكر الجامعي لعله يرفع معنوياتهم الموجودة في الحضيض، وظنا أنه بإمكانه صناعة فارق بالنيل من انتصارات المغرب ولكن انقلب السحر على الساحر فإذا بالخرجة الإعلامية لحفيد بوشتى الجامعي تهدم ما تبقى من البناء الآيل للسقوط للطابور الذي وضع نفسه رهن إشارة أعداء المغرب.
    توقيت الحوار والجهة الناشرة له ومحتواه وسياقه كلها تؤكد أنه أمر مدبر ضد المغرب ومصالحه واستهداف للعلاقات المغربية الإسبانية بالتشويش والتبخيس.
    توقيت الحوار يتزامن مع اقتراب انتخابات البرلمان الأوربي المنتظر تنظيمها في يونيو القادم، أي بعد شهرين من الآن، وهو توقيت انتخابي بامتياز وأولوياته لا تخرج عن الحسابات الانتخابية ولذلك فعلى من يتكلم في هذا التوقيت استحضار هذا المعطى ليعرف مع من يتحدث وماذا يقول خوفا من أن يوظف في معركة انتخابية لا ناقة له ولا جمل فيها إلا إذا كان يظن نفسه معنيا بها بشكل مباشر، وهذا يدفعنا للحديث عن المعطى الثاني.
    المحاوَر هو بوبكر الجامعي المواطن الإسباني لأنه يحمل الجنسية الإسبانية وزوجته وأبناؤه كذلك ولكنه لا يملك الشجاعة للإفصاح عن ذلك أمام المغاربة لأن هذه معلومة فارقة في حكم المغاربة على تصريحاته حول مثل هذه المواضيع المرتبطة بالعلاقات المغربية الإسبانية. والأدهى والأمر مما سبق أن بوبكر الجامعي مقيم بإسبانيا حيث اختار مغادرة إيكس أون بروفانس بفرنسا بعد سنين من الإقامة فشل فيها فشلا ذريعا في صناعة مجد واسم يحلم به أو يكون ذا تأثير يظن نفسه مؤهلا له لأنه مهووس بالأنا ويتصور نفسه دائما يستحق أفضل مما هو عليه حتى صارت عقدة المظلومية ملازمة له ومؤثرة على سلوكاته التي كلما تقدم به العمر واقترب من السراب زادت عدوانيته، ولذلك فقد اختار اسبانيا للعب دور جديد لعله يوصله للحلم الذي فشل في تحقيقه في كل الدول التي استقر بها انطلاقا من المغرب ومرورا بأمريكا ثم ألمانيا ثم فرنسا وها هو يشد الرحال بمدريد بحثا عن دور جديد.
    المحاوِر ليس سوى جريدة البوبليكو Público لليسار المتطرف في كاطالونيا، والذي عجز عن منافسة الحزب الاشتراكي قائد التجربة الحكومية ومتصدر الانتخابات الأخيرة ويرى فيه منافسا في الانتخابات الأوربية ويسخر كل الوسائل لهزمه فيها، ومثله مثل تيارات اليمين المتطرف يظن بأن خطوات حزب سانشيز في تقوية علاقاته مع المغرب يمكن أن تشكل المنفذ لإضعاف موقعه الانتخابي مع العلم أنهم جربوا ذلك في الانتخابات التشريعية السابقة وفشلوا كما جربوا اللعب بورقة الصحراء وهزموا شر هزيمة. هم لا يستوعبون أن المواطن الإسباني يضع ضمن أولى مطالبه تقوية حسن الجوار مع الجارة المغرب وتطبيع العلاقات معها بحكم الروابط الكثيرة والمصالح المتنوعة. وفي هذا الإطار نسجل بأن بوبكر الجامعي غيب جزءه المغربي وهو يقدم هذه الخدمة لليسار المتطرف المتحامل بدون سبب على المغرب، كما غيب انتماءه لجمهور الناخبين الإسبان وانتصر لأقلية وذلك شأنه ولم يكن لنا أن نتدخل فيه لو تحلى بالشجاعة ووضح في بداية حواره أنه يتحدث كمواطن إسباني حول شأن إسباني لا دخل لنا فيه ولكنه اختار التدليس والتزييف خدمة لأجندة معادية للمغرب. مرة أخرى يسقط “الخفيف” بوبكر ضحية لنزقيته ولسذاجته المعهودة لأنه يتقعر في التفكير أكثر من اللازم ظنا منه أنه عبقري زمانه و”وحيد قرنه”.
    لا يمكن فهم سياق الحوار بدون استحضار الانتكاسات التي تطال الطابور المعادي للمغرب والخسائر السياسية والدبلوماسية والميدانية التي يتعرض لها نظام جمهورية شنقريحستان سواء في قضية الصحراء المغربية أو الفشل في إخضاع الحكومة الإسبانية ومنعها من مزيد من التقارب مع المغرب والخضوع لشروطها لإعادة العلاقات الفاترة وقد تحدثنا في هذا البوح بتفصيل عن ذلك سابقا. بوبكر الجامعي هو البيدق الأخير في اللعبة لإعادة نظام جارة السوء للواجهة ولكنهم بعد الحوار اكتشفوا بالتأكيد أن هذا النوع من السلاح قديم ولم يعد مجديا ودفوعات أمثال بوبكر قديمة كذلك ولا تساير الواقع الذي عرف تحولات جوهرية لا يدركها حفيد بوشتى الجامعي دفين ماضيه الغامض وضحية أحلامه غير الواقعية وأسير طموحاته المريضة.
    مشكلة بوبكر الجامعي أنه لا يستفيد من أخطائه وتمنعه نرجسيته من الاعتراف بها ولذلك سبق أن وصفه أحد أصدقائه في كتابه بالدونا بريما donna Prima أي مغنية الأوبرا “اللي عاجبها راسها” وتغني لنفسها دون أن تنتبه للجمهور وهو ما لم يعجبه حينها وثارت ثائرته ضد صديقه ولم يخفها سرا ولا علنا. مناسبة هذا القول نصيحة لبوبكر وأمثاله أن يراجعوا مقولاتهم والأثر الذي تحدثه ونسبة تحقق الأهداف منها، ويحضرني مثال واحد بهذه المناسبة. كان “الديفا” بوبكر الجامعي يضخم ملف أميناتو حيدر ويتصور بأنه الخطر الزاحف على المغرب وسمعته وبأن تحريك القانون ضدها خطأ ومضر بالمغرب، وها هي اليوم انتهى بها المطاف “حراكة” في إسبانيا تتوسل تجديد إقامتها بينما حقق المغرب انتصارات كبيرة على هذه الجبهة سياسيا ودبلوماسيا وحقوقيا وميدانيا. ألا يدعو منطق بوبكر هذا وشخصيته المرتعشة والنرجسية إلى مطالبته بمراجعة ذاته وقناعاته واختياراته؟ أليس مطالبا بتقييم مساره واستيعاب أن ما يسميه نجاحات في مسيرته كان بسبب المخزن الذي وفر له كل سبل النجاح في فترة زمنية يصفها هو دائما بالذهبية قبل أن يقع في مرض تضخم الأنا والتفاصيل يعرفها هو جيدا ولا يملك الشجاعة للبوح بها.
    من أكثر ما يجب على الدونا بوبكر مراجعته هو التدليس الذي يمارسه وهو يخلط متعمدا بين الحديث عن الوقائع واستخلاص الاستنتاجات، وهو مؤشر على الهشاشة المعرفية ل”إطار بنكي” اقتحم تعسفا وببضاعة مُزْجاة عالم المعرفة والصحافة وبدأ يتلقب بالأستاذ الجامعي والأكاديمي وهي صفات بينه وبينها برزخ لا يبغيان. ومن اطلع على حواره مع البوبليكو الإسبانية يفهم هذه الملاحظة جيدا لأن الخفة توقع بوبكر في هذا الخلط ومرض الأنا يجعله يحضر نفسه في قلب الوقائع وكأنه مركز الكون وهوس البطولة يجعله يسمح لنفسه بتأويل وقائع حسب ما يخدم نفسيته المريضة.
    من يحب بوبكر عليه أن ينصحه بتجنب الانتقائية في عرض الماضي وخاصة إذا كان ما يسكت عنه يفضحه ويجعل من يطلع على هذا الجزء الذي يتجاهله يفهم حقيقة حفيد بوشتى الجامعي الذي كان مساره المهني ريعيا بامتياز. ما كان للشاب بوبكر خريج المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات أن تفتح له أبواب عالم التجارة والأبناك لولا انتماؤه إلى الجوامعية ووساطتهم لدى آل الكتاني ملاك “بنك الوفاء” للعمل في موقع حساس داخل هذه المجموعة البنكية والتدرج مهنيا فيها، وما كان للشاب بوبكر أن يشتغل ضمن طاقم مصطفى التراب في الديوان الملكي لولا علاقاته العائلية حينها، وما كان للشاب بوبكر أن ينجح في مشروعه الصحافي لولا أموال الإشهار “المخزني” الذي كان يغدق عليه حينها وقد كان فرحا به أكثر من فرحه بالسكوبات التي كانت تمنح له دون غيره من الصحف لأنه كان يؤدي دورا في ترتيبات مرحلة، وقد وصل به تضخم الأنا حدا جعله يتصور نفسه من صناعها ومحددي وجهتها وهنا بدأت متاعب بوبكر الذي أعطى لنفسه حجما أكبر منها ولم يستفد ممن سبقه أو لحقه.

    ينسى بوبكر أنه صنيعة مخزنية وأنه ما كان له أن يصل إلى ما وصل إليه لولا انتماؤه العائلي واستعداده الطوعي للعب الدور الذي أسند إليه والذي كان يغلفه كعادته بتشبيه دور صحيفته بالدور الذي لعبته الباييس في الانتقال الديمقراطي بإسبانيا أواخر السبعينيات. وحتى في تجربته الإعلامية الإلكترونية كان الفضل للتمويلات الأجنبية التي كانت تغدق عليه ولكنه فشل في تحقيق نجاح لأنه فاشل وعاجز عن إدارة مشروع إعلامي ولذلك وجد ضالته في الأخير في وضعية أجير في مدرسة أمريكية خاصة بجنوب فرنسا قبل أن ينتقل إلى إسبانيا.
    جرت مياه كثيرة تحت الجسر يتحاشى بوبكر الحديث عنها وقد تأتي الفرصة للتفصيل فيها، ولكن الأهم هو أن بوبكر كان دورا وانتهى ولم يصدق الحقيقة وأراد قلب الطاولة وادعاء البطولة فكانت عاقبة أمره خسرا حين رمى نفسه في أحضان أعداء المغرب يخوض حربا لفائدتهم بالوكالة ضد بلده الذي يزوره وقتما أراد ويتحرك فيه بحرية دون أن يمسه أحد رغم أنه يبرر ذلك في حواره الأخير بأن سبب عدم اعتقاله يكمن في أنه حالة استثنائية لأن جده من موقعي وثيقة الاستقلال ووالده هو المرحوم خالد الجامعي.
    لقد صار هذا الموضوع محرجا لبوبكر ويتمنى لو تم توقيفه واعتقاله ليخرج من دائرة الحرج ويجد لنفسه مبررا واقعيا للتوصيف الذي يقدم به نفسه أو يسمح للغير بأن يقدمه به “صحفي سابق في المنفى” دون أن يصحح الخطأ ويصرح بأنه فعلا صحفي سابق ولكنه اختار العيش خارج المغرب بدون نفي ويدخل المغرب ويخرج منه بحرية وبدون ضغوط.
    يعيش الدونا بوبكر في الماضي ولا يريد الاستفاقة من ثمالته لأنه يتعامل مع ماضيه كأصل تجاري لا يتقادم عنده ويتحدث مع أجيال لا تعرف عنه شيئا ويرويه كما يحب هو على هواه وبدون شجاعة في قول كل شيء عن التمويلات والضوء الأخضر والأطماع والارتباطات. مشكلة أمثال بوبكر أنه غير وفي للحقائق ويخلط الاستنتاجات الشخصية بالأحداث ويدلس على من يقرأ ليضعه في سياقات خاصة تخدم الأجندة التي يريد خدمتها في تلك اللحظة.
    من يحب بوبكر عليه نصحه بتجنب الكذب وقول الحقيقة. فلا أحد يصدق بأن منع لوجورنال كان بسبب حواره مع زعيم عصابات البوليساريو عبد العزيز المراكشي ومن عاش تلك المرحلة يفهم أن حوارا من هذا القبيل لم يكن له تأثير على مسيرة الجريدة التي أدت ثمن أخطائها التي كانت سبب إفلاسها. على بوبكر تجنب الكذب على الأموات ونسبة روايات حاسمة إلى مصادر مجهولة تأسيا بهيكل. غير مقبول من بوبكر الجامعي في حواره أن يتحدث بلسان وزير خارجية دولة أوروبية كبيرة الذي أخبره بأن المغرب “يمارس دبلوماسية عدوانية عديمة الفائدة”. هل يمكن نسب مثل هذه المعلومة لمصدر مجهول وكبير في هذا المستوى؟ ألا يمكن اعتبار هذه النسبة محاولة لإضفاء مصداقية على موقف شخصي لبوبكر ويعرف أنه لن يصدقه أحد؟
    لا يستحيي بوبكر من الاستمرار في التغليط وترويج ما اكتشف العالم كله عدم صوابه، ولذلك فهو الوحيد، ومعه الطوابرية شركاؤه، المتمسك بكذبة أن “الاعتراف الأمريكي ليس اعترافا حقيقيا” وأن “المغرب متورط في استعمال بيغاسوس” رغم أن كل التقارير والوقائع تثبت عكس ذلك وآخرها تقرير الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس الذي تجاهله بوبكر في حواره لأنه يبرئ رسميا المغرب من التجسس، كما تجاهله باقي الطوابرية لأنه لا يخدم سرديتهم الضالة والمضللة، وفي مقدمتهم علي المرابط الذي صمت عن هذا التقرير واختار الانحناء لعاصفته قبل أن يستأنف بطريقة عصبية وبأسلوب يائس روتينه السياسي قافزا عن خلاصات التقرير ومتجاهلا حتى الإشارة إليه ولو بفذلكاته المعروفة ومراوغاته عن قول الحقيقة بشأن خلاصاته. المرابط ملزم بالحديث عن التقرير وقول الحقيقة بشأن خلاصاته والاعتذار عن اتهام المغرب ولا يقبل منه تجاهله لأن في ذلك تحقير لأتباعه واستهانة بذكائهم لأنه يصورهم كالقطيع الخاضع لإرادته ومزاجه.

    حوار بوبكر الجامعي قفزة انتحارية وعنوان لحالة اليأس التي تعم الطوابرية ومؤشر على حالة الحقد التي صارت تتملك بوبكر وتتحكم في عقله لدرجة تجعله يتهم المغاربة بأنهم وراء كل الأحداث الإرهابية التي وقعت في أوربا، وهذا غير صحيح البتة. أما اتهامه بأن ذوي الأصول المغربية هم المتورطون في هذه الأفعال الإرهابية فلا يعدو أن يكون دليلا على الأجندة الاستعمارية التي يخدمها بوبكر ومن يتقاسم معه هذه الرواية الكولونيالية التي تبرئ هذه الدول وتعفيها من تحمل مسؤولية إحباط جيل ولد ونشأ وتعلم وسطها وعجزت عن إدماجه دون سلب قيمه، وطبعا لا يمكن لأي ظروف تبرير القيام بأعمال إرهابية. بوبكر بهذا التحليل بين أنه دمية استعمارية مستعد لكيل التهم الباطلة لبلد نشأته وصاحب النعمة عليه لفائدة موطنه الأوربي بعقلية يمينية متطرفة سيكون أول ضحاياها ودون الأخذ بعين الاعتبار خطأ هذا التحليل وضرره على المواطنين الأوربيين ذوي الأصول المسلمة، وعجبا كيف لحفيد بوشتى الجامعي موقع وثيقة الاستقلال أن يسقط هذه السقطة ويتبنى رواية استعمارية وينشرها دون تحفظ رغم أن جده حارب الاستعمار. هو بهذا ينطبق عليه المعنى القرآني “خَلْفٌ” وليس “خَلَفٌ”.

    تجاهل بوبكر دور المغرب ومؤسسته الأمنية في إنقاذ دول أوربا من أحداث إرهابية بشهادة هذه الدول وبالأدلة التي لا تخفى إلا على حاقد أو جاهل لأن عقدته هي هذه المؤسسة التي يرى فيها عدوه اللدود ولذلك لم يكن مستغربا طريقة استنكاره لتوشيح السيد عبد اللطيف حموشي من طرف دول أوربية ولو استحضر فقط عدد التنبيهات التي كان عبد اللطيف حموشي والمؤسسة الأمنية مصدرا لها وحجم الخسائر التي جنبتها هذه الدول لاستخلص أن المغرب يستحق أكثر من وسام أو توشيح مع العلم أن حموشي لا يضع ضمن اهتمامه التوشيح ويتصرف ضمن اختصاصه وتنفيذا لالتزامات المغرب وامتثالا لتوجيهات جلالة الملك بمحاربة الجريمة والإرهاب دون انتظار جزاء أو شكر من أحد من خارج المغرب والأهم هو رضى ملك المغرب ومؤسسات المغرب وشعب المغرب، فهذا هو أكبر توشيح وأغلى وسام.
    لقد صار كره الطوابرية للمؤسسة الأمنية ضمن ثوابت عقيدتهم، ولكن لم يُتخيل أن يصل إلى درجة تبرير فشل دول في إدماج جزء من مواطنيها بمقاربة استعمارية يمينية متطرفة عنصرية، والاستكثار على المؤسسة الأمنية المغربية أن تكون صاحبة فضل بمعلوماتها الاستباقية في وقاية هذه الدول من أحداث إرهابية كانت مخططة. لم يكن يتصور أن ينزلق حفيد الجوامعية في مثل هذه الخدمة لسادته للطعن في التعاون الأمني الذي يقوم به حموشي بحس مهني ووطني وتشاركي. وصدق من قال بأن الحقد يعمي، وهو فعلا يعمي البصر ويطمس البصيرة.
    من التضليل الإعلامي تسمية الصراحة والوضوح الدبلوماسي بالعدوانية. إنه منطق استعلائي استعماري يرفض التعامل وفق مبدأ الندية والمساواة، وللأسف سقط بوبكر في هذا المستنقع متناسيا نتيجة هذا الخيار الذي انتهجه المغرب وأسبابه. لم يستعمل المغرب سوى حقه في الدفاع عن مصالحه والانتصار لوحدته الترابية والدافع لذلك هو إنجاح الشراكات مع دول تعد صديقة ولكنها تتحاشى الاعتراف بمغربية جزء من التراب المغربي بمبررات غير مقنعة، أو مطالبة بعض المنظمات بالموضوعية والأدلة على اتهاماتها للمغرب ورفضها التجاوب مع الطلب المغربي. هل يرغب بوبكر وغيره أن ينصاع المغرب لرغباتها؟ هل المغرب أصبح بدون سيادة؟ ألا يفهم بوبكر وسادته أن زمن الاستعمار ولى إلى غير رجعة؟
    مردودية هذا الخيار الدبلوماسي لا تخطئها العين المجردة حيث أصبح خيار الحكم الذاتي هو الحل الذي يراه جل المنتظم الدولي واقعيا وعمليا ومنصفا، ووحده الدونا بريما بوبكر يغني نشازا بأنه حل وهمي لأنه يحب أن يغرد بشكل نشاز لإثارة الانتباه إلى نفسه المريضة.

    مردودية هذا الخيار الدبلوماسي هي التي تضع المغرب في قلب وعمق القارة الإفريقية كفاعل مهم بعد طول قطيعة أملتها ظروف وحيثيات في فترة من الزمن وحين انتفت عاد المغرب لحضنه بقوة. آخر المؤشرات على ذلك هي الدعوة التي توصل بها جلالة الملك لحضور حفل تنصيب الرئيس السنغالي الجديد، حيث كانت الدولة الوحيدة من دول المنطقة الحاضرة خارج منطقة الساحل وغرب إفريقيا، في هذه المناسبة. أليس هذا مؤشر على نجاح خيارات الدبلوماسية المغربية؟
    لا يمكن وصف الدبلوماسية المغربية بالاندفاع أو العدوانية لأنها تعي متى تكون محايدة ومتى يلزمها التصريح ومتى تكتفي بالتلميح ومتى يلزمها الحزم، وهي لا تتدخل في الشؤون السيادية للدول ولا تعبر عن مواقف بشأنها إلا بالقدر الذي يراعي مصالحها وتراعي في ذلك قواعد العمل الدبلوماسي وأعرافه ولم يسجل عليها أنها خرقت اتفاقيات بهذا الشأن.
    لا شك أن المعيطي اكتشف بعد هذه الدعوة وحضور ممثلي جلالة الملك والحفاوة التي استقبلوا بها أن هرطقاته حول الانتخابات السنغالية كانت في أحسن توصيف لها انطباعات مدون لا يفهم شيئا في الشأن الإفريقي الذي يقدم المعيطي نفسه خبيرا فيه، بينما الأصوب أن ينال صفة بوق دعائي لعدلاوة الذين كافأهم على حضورهم معه في محاكمته ودعواتهم له في أنشطتهم التي تخرجه من العزلة الاختيارية التي وضع نفسه فيها بمقال إشهاري ودعائي لوثيقتهم محاولا من جهته كذلك نفخ الروح فيها لعلها تسعفه في الدفاع عن طروحاته في تجميع المتناقضات التي فشلت ويحاول إلصاق الفشل بالمخزن كعادة الطوابرية.
    نختم هذا البوح بجديد جمهورية شنقريحستان التي أعلنت عن تقديم انتخاباتها الرئاسية عن موعدها بدون مبررات منطقية، والتي خرج رئيسها تبون في مونولوغ تحت عنوان حوار مع العلم أن كل شيء فيه مرتب سلفا ليكون المحاوران مجرد رجع صدى لأسئلة يريد تبون الحديث عنها ورسائل يعرف هو وحده المعنيون بها.
    الغريب أن تبون وعلى بعد شهور قليلة من الانتخابات الرئاسية يخرج للرأي العام دون أن يكون قد حسم أمر ترشحه للانتخابات ويفضل الإجابة عن هذا السؤال بطريقة غامضة وملتبسة وكأنه يريد إرسال رسالة لمن يعنيه أمر الترشح من العسكر.
    فضح تبون نفسه وأبان بأنه مجرد أداة في يد العسكر وأن قرار الترشح من عدمه ليس في يده رغم أنه يعنيه قبل غيره. لم يكن أمام تبون في هذا الحوار ما يقدمه للجزائريين سوى مزيد من الوعود رغم أن المطلوب منه تقديم الحصيلة مقارنة بالوعود التي قطعها على نفسه، ولكن هدف الحوار كان شيئا آخر، والجهة المعنية به ليست الشعب الجزائري. إنه حوار لإعلان الولاء والاستعداد لتقديم مزيد من الخدمات والإقناع بأنه ما يزال صالحا للاستعمال.
    تكررت سقطات تبون في هذا الحوار وفضح عدوانيته وانعدام الحس الدبلوماسي في انتقاء كلماته وهو يعلن الحرب على دولة شقيقة مثل الإمارات ويلصق بها تهما بالتدخل بخلق الفتن في دول مثل مالي وليبيا والسودان، أو بإعلانه المضي في مشروعه الثلاثي مع تونس وليبيا كبديل للاتحاد المغاربي الذي تأكد بالملموس أن شنقريحستان لم تكن مقتنعة به لأنها لم تتخلص من عقدة التأسيس التي لازمتها منذ الستينيات وولدت لدى قادتها البومدينيين مركب نقص تجاه المغرب تحول مع الزمن إلى حقد ظاهر لم يعد بمستطاع أمثال تبون وشنقريحة إخفاءه.
    الحمد لله أن حوارات تبون فرصة لمعرفة السجن الذي يعيش فيه الجزائريون والحرمان الذي يعانون منه رغم ما تتوفر عليه البلاد من ثروات تستأثر بها فئة من المنتفعين من العسكر ومن والاهم.
    في مثل هذه المناسبات وإزاء هذه المخططات الجهنمية لإقبار اتحاد المغرب العربي يناط جزء من مسؤولية المواجهة على الشعوب والنخب والفاعلين المدنيين الذين عليهم التصريح العلني بموقف واضح تجاه هذا المخطط ومن يحاول إجهاض هذا الحلم ومدى نجاعة البدائل التي يقترحها، والأهم طبيعة الخدمة التي يقدمها للاستعمار الجديد الذي يرى مصلحته في حالة الشتات التي تعيشها دول المنطقة.
    موعدنا في بوح قادم وعيد فطر سعيد.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الملك يستقبل صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود