بوح الأحد: بوصوف يحرق كل أوراقه بعد تبوث تمويله و على مدى سنوات لنصاب بريشيا..

بوح الأحد: بوصوف يحرق كل أوراقه بعد تبوث تمويله و على مدى سنوات لنصاب بريشيا..

A- A+
  • بوح الأحد: بوصوف يحرق كل أوراقه بعد تبوث تمويله و على مدى سنوات لنصاب بريشيا و يبعث من الرماد ماضيه في جماعة الطلائع الإسلامية المنشقة عن الإخوان، ٱنتكاسات الطوابرية التي لا تنتهي و أشياء أخرى…

    هو موضوع أقرب إلى الزلزال ذلك الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام بشأن متابعة أمين عام مجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف بتهم خطيرة منها تورطه في تقديم المساعدة والأموال إلى نصاب بريشيا الذي لم يترك مؤسسة من مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الملك والملكية وإمارة المؤمنين إلا وجعلها موضوعا لتشهيره بالأباطيل والافتراءات بهدف التشويه. فكيف يستساغ أن يتم تمويل مجرم هارب من العدالة ومطلوب قضائيا وموقعه الذي يبث الأكاذيب حول المغرب من طرف شخصية عمومية معينة بظهير ملكي؟ بل كيف يستساغ أن يربط مسؤول بمؤسسة دستورية تواصلا منتظما طيلة سنوات مع شخص يطعن في الدولة ومؤسساتها؟
    قرينة البراءة تستوجب عدم الحسم في هذه التهم لأن الأمر صار في يد القضاء الذي له وحده الكلمة الفصل بعد أشواط تقطعها المحاكمة ليصبح الحكم حائزا لقوة الشيء المقضي به. وبالمقابل، وضعية بوصوف كشخصية عمومية توجب عليه الصمت والامتثال للقضاء وتجنب خلط الأوراق للتمويه أو تأجيج الرأي العام أو التأثير على حسن سير العدالة. ودور الإعلام هو نشر الأخبار وعلى كل من يرى نفسه متضررا مما ينشر حوله اللجوء إلى القضاء، وخاصة إن كان شخصية عمومية مثل بوصوف يلزم أن يكون قدوة في الإيمان بنزاهة مؤسسات الدولة التي يتولى مسؤولية فيها.
    لم تمر ساعات على شيوع الخبر، وقد كان منتظرا أن ينشر على نطاق واسع لأن المتهمين وطبيعة التهمة وعلاقة ذلك بالمدعو ادريس هربان نصاب بريشيا من طينة خاصة، حتى نفذ صبر “رجل الدولة” بوصوف وضاق صدره وبدأ يستقوي بالملك ويقحمه في موضوع لا علاقة له به، بل تتطلب المروءة إبعاد الملك عنه لأن في ذلك سوء أدب مع الملك الذي عهد عنه ردود على ما يصله من جهات متعددة ولكن هذا لا يعني التوقيع على بياض لهم.
    لجوء بوصوف إلى نشر رسالة ملكية موجهة إليه في موضوع مستقل ومناسبة خاصة لا علاقة لها بالحدث وسابقة عليه في الزمن اصطياد في الماء العكر وتعميم غير أخلاقي لرسالة شخصية وخاصة ومحاولة لإقحام الملك الذي يحرص على عدم الزج به في مثل هذه القضايا التي للقضاء وحده صلاحية الحسم فيها.
    لو كان بوصوف في حالة عقلية ونفسية سوية لاتّعظ من تجارب سابقة لم ينفع معها توشيح أسماء بأوسمة ملكية ولكنها حين أخطأت وعرضت على القضاء وقال كلمته فيها لم تنفعها سابقة الحصول على وسام ملكي. ولعل هذا الخطأ وحده يشكك في كفاءة بوصوف الذي ضاعف خرجاته على مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات ممولة موضوعها سيرته التي انتقى محطاتها بعناية ليظهر أنه وطني وخادم للمغرب ووفي له بأسلوب يغيب عنه التواضع ويغلب عليه المنّ على الوطن الذي يتشرف كل مغربي أن يكون في خدمته وحاملا لعلمه.
    طبعا لا يمكننا التشكيك في كل ما نسبه بوصوف لنفسه، ولا نشكك في حقه في انتقاء ما يخدم هدفه الآني لحظة النشر، ولن ندخل في النوايا من وراء النشر ومدى تأثيره على الرأي العام بعد الاطلاع عليه، ولكن من حقنا أن نتساءل عن أسباب هروبه من الإجابة عن الأسئلة موضوع التحقيق وهي التي تهم الرأي العام بالدرجة الأولى.
    هل ينفي السيد بوصوف أو يؤكد وجود علاقة له مع نصاب بريشيا ؟ وإن وجدت هذه العلاقة فما هي طبيعتها؟ وما هي حدودها؟ وكيف نشأت؟ ومتى؟ وما الهدف منها؟ ألا تتعارض تلك العلاقة مع وطنيته ومسؤوليته؟
    هذه أسئلة قفز عليها بوصوف للأسف متعمدا رغم أنها هي عنوان الحقيقة وهي التي تهم المغاربة وعلى أساسها سيتم الحكم عليه، بل إنه اعتمد التدليس وهو يقول “ما حز في نفسي صراحة، هو اتهامي في بلدي و خدش وطنيتي بحجة التواصل مع المدعو…/ نصاب بريشيا، علما أن أغلب الرسائل ملؤها التهديد و الابتزاز…وهو معروف بهذه التصرفات مع أكثر من مسؤول مغربي”، الأهم في ما نشر بوصوف أنه لا ينفي وجود تواصل مع النصاب مع أن الحقيقة التي تناقلتها وسائل الإعلام هي أن العلاقة أكثر من تواصل ووصلت إلى حد التمويل وتقديم أموال للنصاب وعائلته لأن الأدلة على التحويلات المالية المنتظمة قائمة وكان يلزم السيد بوصوف أن يبين للمغاربة مصدرها. هل هو مال عام أم مال شخصي؟
    لو كانت التحويلات من مالية مؤسسة دولة فهذه خيانة للأمانة تستوجب الاستقالة التلقائية بمجرد ثبوتها قبل الإقالة بفضيحة، وإن كانت من ماله الخاص فهي رشوة للنصاب المشهر قصد الدعاية له، وبالتالي فتبرير التمويلات بأنها من مال خاص عذر أكبر من زلة وتطعن في الصفة التي يمثلها بوصوف وفي الثقة الملكية التي حظي بها لما تم تنصيبه أمينا عاما لمؤسسة دستورية ولذلك فنشر الرسالة الملكية في هذه الظرفية مقصود منها الإساءة للملك قبل أي شيء.
    تجدر الإشارة أن ٱدريس هربان سبق أن دافع عن بوصوف في أكثر من مناسبة ورشحه لمنصب وزير الأوقاف باعتباره الأجدر بهذا المنصب، وهذه معلومة يمكن الوصول إليها بسهولة ببحث في هرطقات ادريس هربان منذ سنين. فمن يقنعنا بأن هذا الإشهار ليس بإيحاء من بوصوف؟ ومن يقنعنا بأن هذه الدعاية ليست مدفوعة الأجر؟ هل تعرفون لماذا هذا الترشيح لبوصوف لهذا المنصب؟
    هذا يدفعنا للحديث عن الجزء الغامض من سيرة الطلائعي بوصوف والتي حرص على تغييبها من سيرته التي انتقى محطاتها بعناية. بوصوف الذي فضحه النصاب ادريس هربان وهو يراه الأنسب لمنصب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ليس إلا الحركي المنتمي لجماعة الطلائع الإسلامية المنشقة عن الإخوان المسلمين والتي أسسها عصام العطار المراقب العام للإخوان المسلمين بسوريا الذي تولى المنصب بعد مصطفى السباعي ثم خرج منها هاربا في ظروف معروفة في تاريخ إخوان سوريا إلى بروكسيل ثم استقر به المقام في ألمانيا وجعل مركز منظمته في مدينة آخن الألمانية حيث أقام مركزا إسلاميا معروفا بمسجد بلال كان يرتاده المغاربة حينها وتأثر منهم كثير من الطلبة بأفكار هذه المنظمة، ومنهم بوصوف الذي لم يتغير رغم هذه المسافة الزمنية وما زال يحن لأخونة الدولة المغربية، من آخن وليس الإخوان، متناسيا عراقتها وبأنه لن ينال هذا الحلم بتولي منصب بهذه الحساسية في دولة يتولى هندسة شأنها الديني أمير المؤمنين الأحرص على التصدي لكل التيارات الخارجة عن الثوابت الدينية للمغرب.
    لا أريد أن أتوسع في أفكار هذا التيار وحجمه في المغرب وطبيعة الارتباطات التي ما تزل لبوصوف معه وحقيقة المقربين منه في مجلس الجالية فهذا ليس موضوع البوح، ولكن على بوصوف أن يوضح طبيعة ارتباطاته بهذا التيار، وطبيعة علاقاته مع النصاب ادريس هربان وأسباب التحويلات المالية التي حولها له والاتصالات المتكررة بينهما وتذاكر الطائرة التي كان يدفعها لعائلته وسر ترشيحه له كوزير للأوقاف والشؤون الإسلامية، وإن لم يستطع ذلك فما عليه سوى الصمت وانتظار كلمة القضاء ولو أن الشبهات تحوم حوله من كل جانب والمناصب العمومية تقتضي ممن يتولاها الابتعاد عن مواطن الشبهة حرصا على مصداقية المؤسسات.
    كلما توالت انتصارات المغرب وتأكد صواب مقاربته للدفاع عن مصالحه واتضحت صحة تشبثه باستقلالية قراراته وتنويعه لعلاقاته الدولية إلا وتزايد ارتباك الطابور المكلف بتنفيذ أجندات خصوم المغرب.
    يتحول الارتباك إلى حرب عشوائية على المغرب والمغاربة يستحل فيها الطوابرية كل شيء لأنهم ملزمون بقول أي شيء لملء الفراغ الذي تركه أسيادهم في الخارج بعد فراغ جعبتهم وانكشاف حقيقة كل الاتهامات التي كالوها بالجملة للمغرب ثم تبين أن المغرب منها بريء.
    المعيطي مول الجيب الذي راكم ثروة من التمويلات التي كان يتصرف فيها وكأنها مال خاص ما يزال مخلصا للخطة القديمة رغم ثبوت فشلها ورغم أنها لم تجر عليه إلا المصائب. المعيطي الذي يعيش أسوأ أيامه بعد تجاهل الكل له، وبعد فشل خطة الاستفزاز التي كان يبحث من خلالها عن دخول السجن، وبعد فشل خطة الإضرابات عن الطعام التي كان يقطعها خلسة ليأكل ما لذ وطاب من الطعام، وبعد فشل اصطناع تدهور وضعه الصحي ليظفر بصورة وهو منقول على سيارة الإسعاف رغم أن وضعه الصحي لا يستدعي كل هذه الجلبة “الحَيْحَة” وهو ما يذكرنا بأيام خضوعه للاستنطاق أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عام 2015 حين كان يبحث عن صورة على كرسي متحرك يشعل بها مواقع التواصل الاجتماعي لدغدغة العواطف وتقديمها للمنابر والمنظمات التي تولت الحرب على المغرب كهدية للنيل من سمعة المغرب، المعيطي هذه الأيام، وبسبب حالة الكساد التي تعيشها مقاولة فري كلشي وعدم جدوى بيانات التضامن التي تصدرها لجان التضامن بسبب التسرع وعدم التبين وطابعها العدائي لمؤسسات إنفاذ القانون، صار متخصصا في المقارنات البليدة ويتصيد أي حدث لإقحام المغرب فيه بخبث.
    لم يحرك تقرير الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس في المعيطي شهوة الكتابة عنه رغم أنه طيلة سنوات كان من “الحياحة” الذين يتهمون المغرب باستعمال بيغاسوس وهو ما يفضح الانتقائية التي تطبع ما يكتب عنه ويكشف حالة الحقد والعداء التي صارت تحكم تفكيره وتفاعله. لم ير المعيطي في الانتخابات الرئاسية بالسنغال سوى وقائع اقتطعها ليقحم المغرب انتصارا للريسوني وبوعشرين وعمر راضي رغم أنه لا قياس مع وجود الفارق لأن هؤلاء جميعا متورطون وبأدلة مادية وخضعوا لمحاكمة عادلة وثبتت في حقهم الجرائم المنسوبة إليهم ويقضون عقوبتهم التي حكم بها القضاء عليهم. والمثير في المعيطي هو تجاهله لزيان قبل أن يستدرك في تدوينته ويضيفه، وهذه وحدها دليل بأنه مقتنع بتورط زيان في الجرائم التي يتابع بها وتعديل التدوينة مرات تفوق الثمانية وبعد أكثر من يومين من نشرها يؤكد أن إقحام زيان فيها كان فقط استجابة للكتيبة الزيانية وتطييبا للخاطر وللحفاظ على تحالف هش مبني على مبدأ “انصر رفيقك ظالما أو مظلوما”.
    لقد وصل اليأس والحقد بالمعيطي درجة غير مسبوقة وهو يعمم خزعبلات من قبيل “أبطالهم في القبور ومُصلحوهم في السجون وخونتهم في القصور” بالاستناد إلى مصدر مجهول “قال أحدهم واصفا حال منطقتنا”. هل هذا الأسلوب يعتمده عالم؟ هل هذه العبارات تصدر عن مؤرخ؟ هل يستحق من يعتمد هذا المنهج صفة أكاديمي؟ هل يصح أن ينعت المعيطي بعد هذا الخلط بصفة الأستاذ الجامعي؟ ألا يكون الحق مع جسم الأساتذة الباحثين إن هم تبرؤوا من نسبة هذا الدخيل عليهم؟
    يعرف المعيطي مسبقا أن هذه الأساليب تضره وتزيده فضحا وعزلة ولكنه مأمور بالتشويش على انتصارات المغرب والتغطية على خلاصات تقرير الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس، ولكن بدون جدوى لأن التقرير كان واضحا وعباراته قطعية الدلالة ولا تقبل تأويلا وتبرئ المغرب من كل التهم التي حاول أعداؤه إلصاقها به.
    طوابري آخر تجاهله المعيطي في تدوينته رغم كثرة التعديلات التي أدخلت عليها. إنه المتصابي فؤاد عبد المومني الذي لا يراعي سنه المتقدم وهو على أبواب الشيخوخة ويستحل زوجات وبنات رفاقه. نشط المتصابي فؤاد هذه الأيام في نشر الأباطيل والانخراط في حملة تسفيه ضد المغرب بسخريته من الشروع في بناء ملعب جديد لكرة القدم قدمه وكأنه “أكبر ملعب لكرة القدم في العالم بالمغرب” دون التأكد من صحة ما يكتب.
    أليس من مستلزمات تنظيم كأس العالم، وهو إنجاز كان يتمناه المغاربة منذ عشرات السنين، أن يكون للمغرب ملعب كبير وبمواصفات عالمية ومن الأجيال الحديثة للملاعب؟ ألا يساعد ملعب بهذه المواصفات المغرب في تنافسه لاحتضان المباراة النهائية للكأس العالمية؟ هل نسي فؤاد وأمثاله اعتراضهم على مشروع التيجيفي وحملتهم ضده؟ ها هي اليوم كل المعطيات تؤكد نجاعته وفوائده وحجمُ الإقبال عليه يبدد كل المخاوف وخطابَ التيئيس ونشرَ الأكاذيب حوله، ولعل هؤلاء الذين كانوا ضد المشروع هم أكثر المستفيدين منه اليوم. الأيادي المرتعشة والعقول المريضة والشخصيات المترددة لا تصنع انتصارات ولا تخوض التحديات، والحمد لله أن للمغرب مؤسساته التي تخوض غمار هذه الصعوبات وتنجح فيها وتحقق إنجازات من قبيل تحقيق حلم تنظيم المونديال وهي بصدد توفير شروط نجاح الاحتضان ليكون أحسن نسخة في تاريخ المنافسة وهو ما يقدم أفضل خدمة للمغرب في كل المجالات، ولعل هذا ما يصيب أمثال هذا الطوابري بالحقد ويجعله ينفس على عقده بأمثال هذه العبارات المسمومة، دون أن ننسى حالة الاكتئاب التي يعاني منها بعد فشل مشروعه الإعلامي الذي أراده جلدا للمغرب في أسبوع فإذا به يتحول إلى فضيحة بعدما انصرف عنه الشركاء والمحتضن والجمهور حين فهموا خلفياته وأهدافه المسمومة واستوعبوا فشلهم في النيل من هذا المغرب الشامخ بمؤسساته وحماته وتاريخه وشعبه.
    لم يعد فؤاد يخفي فشله في تحقيق هدفه وأصابه اليأس من كل النخبة، ولذلك صار يصفها بأقدح النعوت ويسمح لنفسه أن يقول عنها “وتنطبق على هذه النخب النكتة المرة التي تقول: عندما يتبول علينا الحاكمون، يأتي خطبائها ليقولوا لنا أبشروا واشكروا، فهذا مطر نزل من السماء لإنقاذ بلدنا الميت”. انظروا إلى الوقاحة والجرأة أين وصلت؟ انظروا إلى التطاول في التشبيه وكأنه لم يجد ما يشبه به سوى المطر؟
    فضيحة أخرى كان بطلها هذا الأسبوع حسن بنخاسر الذي عرى حقيقة “نصرة” جماعته لغزة وكشف أن جماعة قومة المنامات تجيش مريديها تحت غطاء نبيل بحثا عن دقائق تغطية من قناة الجزيرة. في رسالة مشفرة لإخوان قناة الجزيرة تساءل بنخاسر باستغراب عن غياب القناة عن تغطية “المظاهرات العارمة” اليومية في مختلف مدن المغرب مقارنة مع غيرها من الدول. نسي غلام القيادة العدلاوية التذكير بأن المغرب من الدول القليلة التي سمحت للشعب بالتعبير بحرية عن تضامنه مع الفلسطينيين وبأن هذا دليل على خطأ كل ما يروجه هو وغيره حول المغرب بشأن مواقفه من القضية الفلسطينية، ونسي الاعتراف بأن عدلاوة وجدوا ضالتهم في هذه الحرب التي يتمنون لو طالت للتغطية على تراجع “دعوتهم” وفشل وثيقتهم التي أرادوا بها صناعة الحدث فإذا بها كانت مناسبة لكشف التناقضات وسط صفوفهم وكادت تتسبب في العصف بوحدتهم المصطنعة والتي تحفظها المصالح المشتركة لحراس المعبد، ولعل هذا ما جعل القيادة العليا تدفع برئيس مجلس الشورى بدون مناسبة أو سياق للخروج عبر بوق الجماعة في حوار مصنوع على المقاس لطمأنة الصف المتشكك من الوثيقة وكذا بعث الحياة في وثيقة ولدت ميتة.

  • لماذا غاب العلمي رئيس شورى الجماعة أزيد من أسبوعين بعد انعقاد المجلس ليخرج بعد ذلك أمام أحد الأتباع الذي كان يلعب دور الكومبارس وليس المحاور؟ لماذا لم يملك الشجاعة لإجراء حوار مع وسيلة إعلام مهنية محايدة والإجابة عن الأسئلة الحقيقية بشأن الجماعة ووثيقتها؟
    تتوالى الأدلة وتتكاثر الشواهد على ما يعتمل وسط عدلاوة من صراعات وما يطبع الصف من تراخي وفتور وعدم رضى عن مسار ومصير الجماعة، ولذلك كان يلزم أن يخرج شخص في منزلة عبد الكريم العلمي ليصلح ما أفسد أو عجز عن إصلاحه عبادي والذي سبق ووضحناه في هذا البوح، وما يؤكد ذلك هو الرسائل الممررة عبر المونولوغ الذي سمي حوارا من قبيل أن “الوثيقة تعبر عن كل واحد وواحدة في الجماعة ولهم أن يفخروا ويحمدوا الله عليها” و”لو كان المرشد لفرح بها”.
    هي خرجة أخرى تحت الضغط الداخلي والخارجي وفيها بعض من الرد على ما نشر في هذا البوح وغيره، وهي خرجة أخرى غير موفقة لعدلاوة الهدف منها هو الحفاظ على الأصل التجاري الذي تركه الشيخ الأبدي والذي تحرص القيادة على دوام الالتصاق به بالتذكير الدائم للأتباع الدراويش بأن الجماعة على منهاج الشيخ وبأن الوثيقة كذلك على منهاج الشيخ وحظيت بمصادقة كل مؤسسات الجماعة، ولكن المؤكد أن الأسئلة التي تشغل المريدين تم الهروب من الإجابة عنها من قبيل تبني الدولة المدنية والخلافة التي تكاد تكون جزءا من العقيدة عند الياسينيين. وفي أشبه بالرسالة المشفرة لم يفت العلمي أن يعطي الأوامر بالاعتكاف وهو يتحدث عن العشر الأواخر من هذا الشهر للعب ورقة المظلومية مرة أخرى واصطناع صور للنيل من مؤسسات الدولة التي تنظم الشأن الديني حتى لا تغدو المساجد قنوات تصريف خطاب جماعات خارجة عن الإجماع ومصالح فئات يهمها نشر تدين غريب عن المغاربة. وهذه فرصة أخرى لتتبع مدى استجابة مريدي الجماعة لذلك أم أنهم سيفضلون الشارع والاستمرار في مظاهراتهم فيه تحت غطاء نصرة غزة.
    طوابري آخر أصابه الخرس منذ مدة رغم أنه كان مصابا بإسهال الحديث ويقدم روتيني سياسي مسموم. إنه الفرنسي علي المرابط المقيم في إسبانيا والذي يتباهى بأنه يتقن الإسبانية ولكنه ربما لم يطلع على تقرير الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس. هل فعلا لم يطلع علي على هذا التقرير؟ ألم يجد فيه ما يستحق أن يكون حلقة من حلقات روتينه؟ ألا يمكن أن يكون سبب التجاهل هو أن التقرير يهدم أطروحته حول البنية السرية التي بنى عليها كل خطابه؟ أهو الخوف من أولياء نعمته إن هو تحدث وقال الحقيقة؟ هل يشفع له الصمت تجاه هذا التقرير الناصع حول تبرئة المغرب؟ هل يريد تجنب مصير عبد الحق سمبريرو الذي وجد نفسه في وضعية لا يحسد عليها وهو يريد تبخيس التقرير والتنقيص من قيمته ومصداقيته فأساء لنفسه ولمؤسسات بلاده خدمة لجهات ذات فضل عليه؟
    سيبقى التقرير الإسباني انتصارا مهما للمغرب، وستبقى السلطات الإسبانية صاحبة سبق في الاعتراف بالحقيقة وهو ما يحسب لها لأنها لم تقتصر على النفي ولكنها أرفقت التهم بتحقيق مؤسساتي استغرق وقتا ليس بالهين ولكن حين تحققت من الأمر امتلكت الشجاعة للاعتراف بالحقيقة ونشرتها أمام الرأي العام لتقدم الدرس للدول التي تتقاعس متعمدة أو غير متعمدة عن القيام بنفس العمل، وفي مقدمتها فرنسا التي لم تجرؤ لحد الساعة على نشر الحقيقة بشكل رسمي لأنها لا تريد الاعتراف بأنها أخطأت في حق المغرب وبأن تسخير دولتها العميقة للمنابر المغرضة والمنظمات المأجورة لم يوصلها لابتزاز المغرب وإضعافه وبأن مواجهتها للمغرب فشلت.
    السؤال المطروح على السلطات الفرنسية هو ما مصير التحقيقات التي فتحتها حول الاتهامات التي طالت المغرب؟ ولماذا لم تعلن على مستوى عال وبشكل رسمي نتائجها بطريقة غير ملتوية؟ ولماذا لم تعتذر للمغرب على ذلك؟
    الجواب هو أن سلطات فرنسا تستثمر في الغموض وتنتعش في الفوضى وتحب الاصطياد في الماء العكر وألفت أساليب الابتزاز الرخيصة وتوجيه بيادقها للنيل من سمعة كل من لم يخضع لأجندتها الاستعمارية.
    تتناسى فرنسا المطلوب منها وفق المتغيرات التي حدثت في العالم وتظن أن تصريحات عامة وفضفاضة كافية لدغدغة عواطف المغاربة، وتتناسى أنها مجبرة على تقديم مبادرات حقيقية والتجاوب مع انتظارات المغاربة الذين تضرروا من قراراتها العشوائية والتي كانت تستهدفهم بشكل انتقائي وانتقامي.
    تحاول فرنسا جاهدة استدراك أخطائها ولكنها تدور في دوامة فارغة وتفسد أجواء العيش المشترك بين الفرنسيين تحت مبرر التمسك بقيم الجمهورية بينما هي تستهدف فئة من الفرنسيين بإجراءات تمييزية وعقابية لهم على تمسكهم بشعائرهم مقابل التساهل مع فئات أخرى. آخر حماقات فرنسا هي اتخاذ الاتحاد الفرنسي لكرة القدم مجموعة من الإجراءات والقوانين تخص جميع المنتخبات الوطنية بشتى الفئات العمرية خلال شهر رمضان، ومنها أنه لن يتم إيقاف مباريات أو تدريبات المنتخبات لمساعدة اللاعبين الصائمين على الإفطار، حيث سيلزم جميع اللاعبين بالإفطار طيلة مدة استدعائهم للمنتخبات في فترة التداريب والمباريات معا، وقد تم تفعيل القرار في حق محمدو دياوارا لاعب منتخب تحت 19 الذي رفض الإفطار وتمسك بحقه في الصيام انسجاما مع قناعاته الدينية. هل هذه هي قيم الجمهورية؟ هل هذا هو الحياد الديني؟ ألا تستعدي فرنسا بهذه السلوكات فئات واسعة من الفرنسيين؟ ألا تقدم هدايا مجانية للتيارات المتشددة وتهيء الأرضية الخصبة لانتشار الإرهاب؟
    أخطاء فرنسا لا تتوقف وتداعياتها لا يمكن التكهن بها. ومن تداعيات فشل فرنسا في الساحل الإفريقي ما نعيشه هذه الأيام من اضطرابات وتحولات، حيث شبح الإرهاب يخيم على المنطقة بعد مصرع 23 جنديا في النيجر في كمين “إرهابي” نصب لهم. أليس هذا مؤشرا آخر على ما نذكر به دائما وهو أن الخطر الإرهابي قائم وأن الخلايا الإرهابية قد تنشط في أي لحظة لأنها موجودة وتنتظر فقط الضوء الأخضر والوقت المناسب كما حدث في روسيا كذلك.
    لا حل أمام هذا الخطر سوى التعاون والتنسيق والجدية وقطع دابر كل المنظمات الداعمة للإرهاب ومواجهة كل الدول الحاضنة له، وهذه مناسبة للتذكير بالتقارير التي تتحدث عن تورط جبهة البوليساريو في أنشطة إرهابية وفي علاقات مشبوهة مع منظمات إرهابية، ولعل الفرصة مواتية لمساءلة نظام دولة الجزائر الحاضن لهذه المنظمة من طرف فرنسا وغيرها من الدول التي يهمها محاربة الإرهاب. هل تجرؤ السلطات الفرنسية على ذلك؟
    أخطاء جمهورية شنقريحستان تتكاثر، ومحاولات إلهاء المغرب وإشغاله والنيل منه تعود عليها دائما بالخسارة، وآخرها اضطرار وزير الخارجية عطاف إلى الاعتراف بخطأ جمهوريتهم فيما راهنوا عليه بشأن بنايات دبلوماسية يستهدفها المغرب بالهدم وقد تحدثنا عنها بإسهاب في بوح الأسبوع الفارط.
    لقد اعترف عطاف بأن الجزائر أخطأت في حق المغرب حين قال في ندوة صحافية بأن “الأمر المتعلق بمصادرة ممتلكات سفارة الجزائر في المغرب انتهى بعد اتخاذ المغرب لموقف تم اعتباره لائقا”. ويمكن إضافة هذه الزلة إلى زلات سابقة تؤكد كلها أن حكام شنقريحستان هواة لا يحسنون اختيار ما يواجهون به المغرب لأن ما يحركهم هو الحقد الذي يجعلهم يتصرفون بتسرع يتنافى مع العمل الدبلوماسي والعلاقات بين دول، وينظرون إلى كل القضايا نظرة عوراء ولا يقلبونها من كل الزوايا. ها هو درس آخر يلقنه المغرب لنظام تبون ومن معه.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    نشرة إنذارية..موجة حر مرتقبة من اليوم إلى غاية الجمعة بعدد من مناطق المملكة