القضية في السفارة

القضية في السفارة

A- A+
  • خرجت الخارجية الجزائرية ببلاغ «حربي» في قضية دبلوماسية يفترض حتى إذا كانت الجزائر جدلا على حق, أن تحل وفق اتفاقيات فيينا وما أقرته القوانين الدبلوماسية الدولية، والحال أن العسكر الحاكم لا يتقن إلا بلاغات الحروب التي بقوة كسله في خوضها في مجال تنمية الجزائر لمحاربة البطالة والفقر والجهل… فإنه حول مجالها في قضايا سياسية ودبلوماسية تحل بالحوار وبالطرق الدبلوماسية، لكن دولة لا تعرف سوى غلق الحدود ومد الأسلاك الشائكة وحفر الأنفاق والخنادق بين بلدين جارين، لا ينتظر منها أن تصدر بيانا فيه لغة دبلوماسية، لذلك لم أتفاجأ باللغة العسكرية لبلاغ وزارة الخارجية الذي يتحدث عن «الوعيد» و«الاستفزازات» و«أشد العبارات» و«سترد بكل الوسائل التي تراها مناسبة»…
    هذا هو «خلق من الحبة قبة»، كما يقول المغاربة، من خلال تغليط الرأي العام الدولي وإبراز كما لو أن المغرب أصدر أمرا لقواته العمومية التي اقتحمت السفارة الجزائرية وصادرت كل ما فيها وطردت أو اعتقلت الموظفين وكل من وجدته هناك، والحال أن الأمر بعيد كل البعد عن الحقيقة، لم يكن من أخلاق المملكة اليوم ومنذ غابر الأزمان التصرف بغير لياقة مع البعثات الدبلوماسية التي كان يحمي وجودها في إطار سيادته، لذلك نلاحظ أن البيان الناري للخارجية الجزائرية أشبه بإعلان حرب لدولة لها تاريخ أسود في التعامل مع البعثات الدبلوماسية، فقد سبق للهواري بومدين أن احتجز الرئيس الموريتاني لساعات في المطار وهو الذي كان في ضيافة قصر المرادية، وقبلها ضرب دايها السفير الفرنسي بمروحة.. وغيرها من السوابق الدبلوماسية المخجلة.
    والحقيقة أن ما حدث هو كما سأحكيه لكم بالوقائع.
    كان جلالة الملك قد وهب الجزائر نصف هكتار في أحد أغلى المناطق بالرباط في شارع محمد السادس كما فعل مع سفارات أخرى بما فيها سفارة سويسرا وأوغندا، على أن تسلم الجزائر القطع الأرضية المحاذية لمقر وزارة الخارجية والتي كانت هبة من الحسن الثاني للجزائر بعد عودة مياه العلاقات بين البلدين إلى مجاريها في نهاية الثمانينات،، كان ذلك عام 2006، حيث شيدت السفارة الجزائرية بطريق زعير على مساحة 5 ألاف متر مربع، وبالفعل لم تعد البنايات المذكورة تحمل العلم الجزائري ولا هي مجال لأنشطة السفارة، 18 سنة والجزائر تماطل في تسليم هذه القطع الأرضية للمملكة، وما دام هناك مخطط تهيئة حضرية يهم مدينة الأنوار، فقد سلك المغرب الطرق القانونية لنزع الملكية من أجل المصلحة العامة والتي شملت قطعا أرضية مملوكة لمغاربة أيضا، وصدر القرار بشكل قانوني لا لبس فيه في الجريدة الرسمية، وأخبرت السفارة الجزائرية بشكل ودي بالأمر، فأين هي الاستفزازات ومصادرة أراضي تابعة للسفارة؟ وإذا كانت الجزائر قامت بنفسها بنزع ملكية رئيس بعثة السفارة المغربية التي يوجد مقرها بالعاصمة قرب قصر الشعب، من أجل المنفعة العامة، فكيف «الذيب حلال هناك، حرام هنا..؟!».
    يخيل إلي أن الجزائر التي دأبت على اقتطاع أجزاء من الدول المجاورة لها، أنها اعتبرت «التجزئات» السكنية قرب شالة والتي هي أصلا هبة ملكية، أراضي يجب إلحاقها بالجزائر الأم، والحق أن القطعة الأرضية الوحيدة موضوع نزع الملكية، غير مشمولة باتفاقات فيينا حول البعثات الدبلوماسية، ويرى كبار الخبراء الدوليين المهتمين بالمجال الدبلوماسي، أن حتى مقرات السفارات، قد تتعرض للمصادرة إذا كان في الأمر مصلحة عامة للبلد المضيف مثل، تهيئة، مرور شارع، إقامة مستشفى… أو أي مصلحة للبلد المضيف له حق في مصادرة أراضي البعثات الدبلوماسية بشكل قانوني مقابل منحها قطعا أرضية بديلة.
    على حكام الجزائر أن يخجلوا من الحديث عن المواثيق الدولية، فقد مارس عسكرها أكبر زلة في تاريخ الدبلوماسية حين طردوا عشرات الآلاف من المغاربة من التراب الجزائري في سابقة تاريخية..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أيت طالب: الناس اللي مراض غايبقاو يتعالجو والمستشفيات تتحمل المسؤولية