بوح الأحد: سفارة لتجار الزطلة بالجزائر بعد فشل ورقة البوليساريو

بوح الأحد: سفارة لتجار الزطلة بالجزائر بعد فشل ورقة البوليساريو

A- A+
  • بوح الأحد: سفارة لتجار الزطلة بالجزائر بعد فشل ورقة البوليساريو، ورقة الإضرابات المغشوشة عن الطعام تكشف مأزقها، بعد كبريات العواصم الأوروبية لندن تطلب بإحترام الخبرة المغربية و أشياء أخرى…

    أبو وائل الريفي
    لم يكن يتوقع أكثر المتشائمين من حكام شنقريحستان أن يصل الحمق بهذا النظام درجة إنشاء تحالف مقدس مع حركة “العشبة” لإقامة جمهورية “الزطلة”. يقول المثل “من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة”، ويبدو أن قادة شنقريحستان نسوا أن مجهودا بسيطا لإثارة النعرات القبلية وسط شنقريحستان كاف لتقسيمها أشلاء.
    ما أقدمت عليه شنقريحستان جنون وانتحار وإفلاس، هو مؤشر على حالة الانهيار النفسي والسياسي التي يعيشها نظام الجارة التي تتلقى الهزائم تباعا وتريد التغطية عليها بانتصارات وهمية أو بمحاولة إقناع العالم أنها هي كذلك بإمكانها الإضرار بمصالح المغرب، ولكن الرسالة التي تصل لكل من يتابع هذا التخبط هي أن الجزائر في حالة سقوط حر وتهاوي سريع نحو الهاوية إن لم يتداركها الجزائريون قبل فوات الأوان.
    أثبت نظام شنقريحستان بهذه الخطوة الجبانة التهم عليه من طرف دول أخرى تتهمه بالتدخل في شؤونها الداخلية وإثارة القلاقل ضدها وتمويل عصابات لزعزعة استقرارها، كما هو حال مالي التي اتهمت الجزائر بداية هذا العام بالقيام بأعمال عدائية تحت غطاء عملية السلام وبأنها تنظم اجتماعات متكررة في الجزائر على أعلى المستويات دون إشعار السلطات المالية أو إشراكها ويحضرها أشخاص وجهات معادية لمالي. هذه هي جزائر تبون وشنقريحة أصبحت فيروسا ينشر داءه في المنطقة كلها.
    لقد بين هذا النظام أنه أسير أساليب الماضي التي درج على استعمالها زمن الحرب الباردة باحتضان “معارضين” وتمويلهم وتدريبهم وتسليحهم وتسخيرهم لزعزعة استقرار دول لها معه خلافات يمكن تدبيرها بأساليب السياسة وأخلاقها، ولكنه عصابة لا تتقن غير أساليب المافيات ظنا منها أنها تجدي نفعا. سيكتشف شنقريحة، ومعه تبون ومن يوسوس لهما، أنه راهن على “كيدار” خاسر، وسيدفع ثمن ذلك باهظا من سمعته ومصداقيته واحترام شعبه وستتهاوى قيمته في المنتظم الدولي أكثر مما هي ساقطة اليوم.
    كشف هذا النظام، بإقدامه على هذه الخطوة، يأسه من وصول مغامرة عصابة البوليساريو إلى نتيجة ترضي حقده. يستشعر نظام جارة السوء أنه منذ سنين لا يحصد إلا الخسائر دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا وميدانيا وإنسانيا، ولذلك فإن ما قام به هو خطوة المترقب لهزيمة مدوية ويهيئ مبكرا بديلا لعصابة البوليساريو التي صار مؤكدا أنها تحتضر إن لم نقل في حالة موت بطيء قبل أن تلفظ أنفاسها وتصبح جيفة تزكم رائحتها كل أرض الجزائر التي احتضنتها فوق ترابها ومولتها وأمدتها بكل ما تحتاجه ولكن كانت النتيجة وبالا على الجزائر والجزائريين.
    لقد كان متوقعا أن يقدم حاكم شنقريحستان على هذه الحماقة لأنه دخل في منطق ردود الأفعال غير المحسوبة وهو تحت ضغط خارجي وداخلي ويرى رهاناته كلها فاشلة ووقعُها كارثي على الجزائريين الذين لم يعودوا يستسيغون ضياع ثرواتهم على عصابات بينما هم يعيشون ضنك العيش. لغة الأرقام لا تكذب، وهذه اللغة تكشف أن 110 من بلدان العالم تدعم المغرب وتعترف بمغربية الصحراء، و32 دولة منها فتحت قنصليات في الصحراء المغربية، والدول الكبرى كلها صارت تقر بواقعية مقترح الحكم الذاتي، والمنظمات الدولية الجادة صارت تنظر بعين الريبة للأدوار القذرة لعصابات البوليساريو في المنطقة ومهامها الخبيثة في انتشار الإرهاب والجريمة والاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية.
    كان متوقعا من نظام شنقريحة وتبون أن لا يقف مكتوف الأيدي وهو يرى التجاوب السريع والانخراط الواسع لدول إفريقية في المبادرة الأطلسية المغربية التي ستسحب من تحت أرجله البساط كما سحب منه في قضايا ومع دول أخرى مثل نيجيريا مما أدى إلى كسر محور الجزائر- جنوب افريقيا- نيجيريا.
    كان يمكن توقع رد فعل من نظام شنقريحة بالتأكيد، ولكن ما لم يكن متوقعا هو أن يكون بهذا الغباء الذي كشف أنه نظام بليد وأن الغباء صار مختلطا بجيناته ولم يعد عنده من الكفاءات والحكماء من ينصحه بأنه بهذه الخطوة يلعب بالنار التي سيكون أول من تحرقه.
    فضح نظام شنقريحستان حالة البؤس التي هو عليها بفبركة تمثيلية الريف لأنه خرق كل قواعد حسن الجوار ووضع كل من كان يناصره في حرج وبين أنه يستثمر في توتير الأجواء وليس تقوية الأواصر وأنه ما يزال مدمنا على “بلية” إنشاء واحتضان وتمويل وتوجيه كيانات لقيطة ومحاولة زعزعة استقرار المنطقة؛ وهذه المرة كانت الوسيلة بدائية واللاعبون عبء ثقيل عليه والكلفة باهظة جدا والقضية التي يناور بها محسومة في الداخل المغربي ولن ينفع فيها بيادق من الخارج طالما أن جبهتنا الداخلية موحدة.
    إن السماح بنشوء خلية الزطلة على التراب الجزائري مسمار آخر يدقه نظام شنقريحة وتبون في نعشه وإساءة أخرى للشعب الجزائري وتجاهل آخر لسياسة اليد الممدودة من المغرب ومغامرة غير محسوبة العواقب.
    الأكيد أنها ليست خطوة متسرعة لأنها مسبوقة بإعداد طويل وبحث شاق عن بيادق يمكنهم لعب هذا الدور القذر. لم يجد نظام الجزائر غير هؤلاء “ريافة” المزورين تجار “العشبة” وواحد منهم معروف بأنه من أباطرة تجارة المخدرات في هولندا ومعروف أنه كان يتردد على الجزائر منذ أكثر من عام كما كان يلتقي بمبعوثي النظام الجزائري في بلجيكا وهولندا مرات عديدة. إمبراطور الكوفي شوب المتخصصة في تقديم “الزطلة” هذا مطلوب للعدالة من أجل الاتجار الدولي في المخدرات ويريد التغطية على ذلك بادعاء النضال السياسي وبأنه يريد بناء جمهورية الزطلة. هكذا انتهى الأمر بجمهورية شنقريحستان أن تتبنى تحالف العشبة وتحتضن فوق ترابها ممثلية الزطلة وتسيء للجزائريين وتضرب كل قواعد حسن الجوار.
    في أكثر من تسجيل سابق كان زعيم انفصاليي جمهورية الزطلة ينوه ويدافع ويمدح حكام الجزائر، ويؤكد عداءه لمغربية الصحراء ويدعي زورا تمثيلية ريافة بدون انتخابات أو استفتاء. قد يكون هذا الشخص أحمق أو مغرورا أو مريضا أو يبحث عن غطاء يخفف به من العقوبة التي تنتظره كتاجر دولي للمخدرات، ولكن اللوم يقع على عاتق نظام الجزائر الذي فقد البوصلة ويتموقع في الموقع الخطأ وصار مسارعا لتبني كل القضايا الخاسرة لأن ما يحركه هو العداء الأعمى للمغرب. قد يكون الهدف من وراء كل هذه الخطوة تسجيل الحضور وتوضيح أن لهذا النظام كذلك أدوات ضغط وقد يكون الهدف إلهاء الرأي العام الجزائري وصرف الانتباه عن هزائمه المتتالية في كل المنتديات الدولية والقارية والإقليمية، ولكن حتما سيكون لهذه الخطوة تبعات لن تقل عن عبء تبني البوليساريو التي استنزفت أموال الجزائريين وشوهت سمعة هذه الدولة كجار سوء تزداد عزلتها. لقد تمسك غريق بغريق ومصير الاثنين هو الغرق لأن الجزائر ارتضت أن تكون قاعدة لأعمال عدائية وإرهابية ضد المغرب بشكل مجاني وبدون أي ضمانات أن هذه الخطوة ستحقق لها نتيجة لأن من يراهن على تجار الزطلة هو في أحسن الأحوال ” مبوق” من درجة جنرال أو رئيس.
    نفتح قوسا على هامش هذه المغامرة لنؤكد ما سبق أن تم تداوله على نطاق واسع منذ مدة عن ارتباط الطوابرية بجمهورية شنقريحستان. صارت كل الخيوط واضحة وشبكة العلاقات مكشوفة والولاءات لهذا النظام مفضوحة. دريس “سخفان” الطاليان أحد المشمولين برعاية نظام هذه الجمهورية الذي يخبط خبط عشواء في كل شيء ومصاب بهوس “السبق” مع أنه يردد سقط الكلام بروايات موضوعة ومنسوبة للمجهول ويحاول أن يعطي لنفسه مصداقية وسط المغاربة بأنه ملكي غير راض عن السياسات والتدبير.
    هي نفس الأسطوانة المشروخة التي يرددها محميو شنقريحستان ولكنهم في لحظة يغفلون عن الخطة ويفضحون أنفسهم. “سخفان” كغيره من الطوابرية المهووسين بالشهرة والسلطة يريد إقناعنا بأنه ملكي ويتناسى أن أكبر عدو للملكية هو من يستهدف دعاماتها بدون أدلة ويخدم أجندات أعدائها ويردد كالببغاوات شائعات لا أساس لها. “سخفان” بكلخه فضح كل شيء وبين أنه يستهدف الملكية باستهداف دعامات النظام وأساساته لأن الملكية نظام حكم ومؤسسات وطريقة اشتغال وأي استهداف لمؤسساتها هو تقويض للملكية وكل محاولة للفصل بين شخص الملك ونظام الملكية هي دس للسم في العسل. “سخفان” في آخر هرطقاته يبشر بنهاية حكم العلويين كما انتهى من قبل حكم السعديين، ويؤكد أنه يعارض النظام الملكي، وأن إمارة المؤمنين لم تعد قائمة، وأن الملك بعد الربيع العربي غضب على الشعب المغربي وأطلق عليه عصابته، هل يقول بهذا الهراء من يدافع عن الملكية والنظام الملكي؟
    بهذا “التكلاخ” يسَرّع الطوابرية سقوطهم ويفضحون حمق راعيهم داخل جمهورية شنقريحستان ويبينون أن الغباء صار جزءا ملازما لتركيبتهم. وكما هو حال من سبقهم، نبشرهم بأن زمن التسيب انتهى إلى غير رجعة، وأن كل من ارتكب ذنبا في حق هذا المغرب سينال عقوبته بالقانون وفي احترام للمواثيق الدولية، وأن مخططهم آيل إلى الفشل وسيسقطون تباعا عند أول اختبار كما سقط سابقوهم بجريرة أفعالهم.
    لا يمكن أن نغلق هذا الموضوع دون الهمس في أذن أصحاب خاوة خاوة. ألا يستدعي سلوك حكام الجزائر تدوينات استنكار؟ ألا يتطلب هذا العمل التخريبي مواقف واضحة؟ ألا يطعن هذا المخطط الانفصالي في وحدة المغرب؟ لماذا يلتزمون الصمت حياله؟ أين تلك الجمل المنمقة التي تميز بين النظام والوطن؟ أليس الذي يُستهدف هنا هو الوطن ووحدته الترابية والوطنية؟ أليس الصمت مباركة؟ أليس السكوت موافقة؟
    هذا مثال آخر يفضح حقيقة من يدعون أنهم معارضون للنظام ويصوبون انتقاداتهم فقط تجاه المغرب ويفضلون الصمت تجاه مثل هذه الجرائم التي ترتكب في حق وحدة التراب المغربي، ويؤكدون من حيث يدرون أو لا يدرون أنهم في صف جمهورية شنقريحستان.
    على المغاربة فهم سيكولوجية هؤلاء الذين بين ظهرانينا ويستفيدون من خيرات هذا المغرب ويوجهون سهامهم المسمومة ضد مؤسساته ويصمتون في حالة استهدافه. إنهم مجرد “مرايقية” ألفوا العطاء من أعداء المغرب ولا غيرة لهم على هذا الوطن ووحدته ومصالحه.
    انتصار آخر أحرزه المغرب في البرلمان الأوربي أثناء إعداد مسودة التقرير الأوربي التي حاول كالعادة أعداء وحدتنا الترابية بمناوراتهم التشويش عليها بوضع فقرة تهم الصحراء المغربية بصفتها “محتلة” وتعاني من وضع حقوقي سيء وربط التضامن معها بالتضامن مع فلسطين.
    أثمرت المجهودات المغربية نجاحا على المستوى التواصلي والدبلوماسي أكد أن كل الكتل البرلمانية الأوربية تقريبا صارت تتفهم حساسية هذا الملف وتعي الحقائق حوله وتتخوف من تكرار سابقة إزعاج المغرب وتتجنب الوقوع في الخطأ نفسه.
    سرعة التفاعل ودرجة فعاليته واستباقية التحرك المغربي وفشل أعداء المغرب كلها مؤشرات تبين أن زمن الانتصارات متواصل وعدالة قضية الصحراء المغربية وحساسية المناورات ضد المغرب بشأنها صار مفهوما لدى الجميع.
    في الوقت الذي يحرص فيه المغرب على لم الشمل وتكثيف التشبيك مع كل التكتلات القوية في العالم وتقوية التعاون جنوب جنوب من خلال مبادرة الأطلسي التي ستستفيد منها دول كثيرة لتقوية موقعها وتنشيط اقتصادياتها نلاحظ أن نظام شنقريحة وتبون يمزق تكتلا قائما ويحاول أن يبني على أنقاضه كيانا وهميا جديدا بديلا للمغرب العربي.
    مناورات جمهورية شنقريحستان على هامش قمة الدول المصدرة للغاز التي احتضنتها كانت بئيسة وفضحت الحالة المرضية لهذا النظام تجاه المغرب ولو اقتضى الأمر التضحية بالمغرب العربي والقضاء على حلم راود نخب وشعوب هذه الدول لعقود طويلة. التنسيق بين تبون وقيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي في ليبيا أفضى إلى عقد لقاءات مغاربية كل ثلاثة أشهر، ولكن يسجل إقصاء المغرب وتغييب موريتانيا التي رفضت الانضمام إلى هذه المناورة التقسيمية.
    بهذه الخطوة، فضحت جارة السوء نواياها الخبيثة وكشفت أنها جزء من مخطط إضعاف القارة الإفريقية والعالم العربي في زمن لا بقاء فيه إلا للتكتلات. لن يعوض هذا التنسيق الثلاثي الاتحاد المغاربي في الواقع أو في أذهان شعوب دوله وسينضاف إلى مؤشرات كثيرة توضح بجلاء حالة الغباء التي صارت ملازمة لحكام شنقريحستان.
    ومرة أخرى نهمس في أذن أصحاب خاوة خاوة الذين لزموا الصمت وكأن هذه الخطوة ليست طعنة للمغرب الكبير الذي ما فتئ الملك يمد يده لكل دول المنطقة من أجل تقويته. سننتظر كثيرا دون أن يصدر عنهم موقف صريح ينتصر للمنطق والحق ويسمي الأشياء بمسمياتها ويصف حكام الجزائر الوصف الذي يليق بهم بعد هذه السياسة المتعمدة لإقبار المغرب العربي.
    يبدو أن خريف الطوابرية صار مغريا للكتابة، وأوراقهم تتساقط وحقيقتهم تنكشف الواحد تلو الآخر.
    كان متوقعا، في إطار تبادل الأدوار، أن يأتي الدور على سليمان هو كذلك ليجرب حظه. اعتاد سليمان خوض تجربة الإضراب عن الطعام كلما اقترب شهر رمضان وكأنه بهذا يتقرب إلى الله أكثر.
    خضع المسكين لضغط مقاولي فري كلشي وأعلن إضرابا عن الطعام بدون سبب وبدون استطاعة ورغبة منه. صدقوني لو سألت كل من تضامن معه لن يعرف السبب، ولكن ما يعلمه أقرباء سليمان أنه يعيش في ظروف جيدة ويقضي عقوبته كغيره من السجناء.
    هل يريد سليمان وزيان وغيرهما امتيازات داخل السجن؟ هل يبحثون عن معاملة تفضيلية مع أن جرائمهم يستحيي المرء من ذكرها؟ هل يحسبون أنفسهم فوق القانون؟
    بدعة التهديد بالإضراب عن الطعام صارت قديمة ومتجاوزة، ولم تعد تخيف مؤسسات الدولة. من حق كل واحد أن يفعل بجسده ما يشاء وهو مسؤول عن تبعات ذلك في الدنيا والآخرة. لن تخضع المؤسسة السجنية للابتزاز لأن الأهم هو معرفة أسباب الإضراب وهل تستدعي هذه المغامرة وهل من حق المضرب عن الطعام ما يطالب به؟
    أصبح واضحا أن هذا سلاح يستعمله الطابور للفت الانتباه وإعطاء ورقة للمنظمات والمنابر إياها للنيل من المغرب، وليس مصادفة أن يتناسب ذلك دائما مع دينامية إشعاعية وتواصلية مغربية وقد تمثلت هذه الأيام بوضوح في التقارب المغرب الإسباني وبوادر تقارب مغربي فرنسي، أو تتزامن مع انتصارات للمغرب وهزيمة لخصومه كما هو حال نظام جارة السوء التي لم يعد لها شغل سوى المغرب.
    لم تنجح الخطة بعدما تفطن سليمان للعبة واكتشف صرامة المؤسسة السجنية التي وقفت على الإضراب المزيف الذي يخوضه وفي غرفته “مكملات غدائية” مما جعله في وضع حرج لم تنفع معه التغطية على الحقيقة.
    يحسب ربما لسليمان أنه رفض لعب دور كبش الفداء أو حطب الطوابرية ولذلك بعد ستة أيام تقدم من تلقاء نفسه بإشعار مكتوب إلى إدارة المؤسسة يعلن فيه بخط يده توقيفه الطوعي لإضرابه عن الطعام واستلامه وجبته الغذائية كما كان في السابق.
    مقاولة فري كلشي، وخاصة مكتبها العمومي الذي يسمى هيئة، تجاهلوا عمدا خبر توقيف الإضراب واستمروا في ترويج الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة ظنا منهم أنهم يصنعون بطلا بينما هم “يغرقون له الشقف”. يجهل هؤلاء أن مثل هذه الحرْكات لن تنفع لصناعة أبطال ورموز نضالية، بل هي تعبير عن حالة إفلاس حقيقي يعيشها عناصر الطابور الخامس، وهي عنوان حقيقتهم التي صارت على لسان أتباعهم قبل غيرهم الذين يعرفون ماضيهم وأهدافهم والأجندات التي يخدمونها طاعة لأسيادهم في الخارج.
    لم يعد خافيا على متابع موضوعي توقيت إعلان هذه الإضرابات، ودوافعه، وحقيقة ارتباطها بظروف الاعتقال، وطبيعة الجهات المحرضة على خوضه، وعدم أخذها بعين الاعتبار تداعيات ذلك على صحة سليمان وغيره.
    رأينا من قبل كيف يجبر ابن “السبع” زيان والده الطاعن في السن على الاستمرار في إضرابه ليصنع منه “شهيدا” يسترزق به بعد فشل الارتزاق من الحزب، ورأينا كيف يصر مقاولو فري كلشي على دفع معتقلين لخوض إضرابات عن الطعام بدون سبب أو باصطناع أسباب وهمية لصناعة توتر يخدم أجندات خارجية. المقاولة تبحث عن مشروع قتيل تضفي عليه صفة الضحية والشهيد لتسخين الأجواء التي صاروا مقتنعين أنها تسير بهم نحو النهاية والنسيان بسرعة قياسية، ولكن تأتي الرياح دائما بما لا تشتهيه سفنهم. هذه الأخطاء تفضحهم أمام المغاربة وتوضح بالمقابل قوة هذه الدولة التي ترفض الابتزاز من أي جهة كانت.
    أما المغرب فقد حدد وجهته واختار سرعته وحماة المغرب مشغولون بما ينفع الناس ويمكث في الأرض ويعود على البلاد والعباد بالنفع.
    يتصور بعض الطوابرية أنه بإمكانهم جر مؤسسات الدولة إلى الانشغال بالرد على أكاذيبهم بينما هي مؤسسات تشتغل في صمت وتترك الرد للميدان والتقييم للمغاربة بناء على مردودية جهودهم. لقد تناقلت وسائل الإعلام خبر زيارة عبد اللطيف حموشي للمملكة المتحدة ومباحثاته مع مسؤولين أمنيين بريطانيين، في مقدمتهم رئيس جهاز المخابرات الداخلية (MI5)، بشأن آليات تطوير التعاون المشترك في مختلف المجالات الأمنية، وخصوصا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
    خبر بسيط قد لا يتجاوز أسطرا ولكنه بمضامين كثيرة وعميقة تعكس الدور التواصلي والدبلوماسي الذي يقوم به حموشي لصالح المغرب وحجم الثقة التي يحظى بها وحجم الطلب المتزايد على التجربة والخبرة المغربية في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. بلاغ هذه الزيارة يفند كل ادعاءات الطوابرية بشأن مذكرات التوقيف والبحث في حق من يفهم من هذه الأسطر أنه مطلوب ومبحوث عنه من أجل التعاون والاستفادة من خبرته وتجربة المؤسسة التي يديرها بكفاءة للحد من الظاهرة الإرهابية بمقاربة شاملة واستباقية أبانت عن نجاعتها في المغرب وفي سائر الدول التي استفادت من التعاون مع المغرب. هل يعقل أن يزور مبحوث عنه مقر الشرطة اللندنية السكوتلانديار؟ هل من المنطق أن يحظى بكل هذه الحفاوة في كل زياراته لهذه الدول؟
    لن يستحيي الطوابرية من هذه الحقائق، ولن يعترفوا بخطأ ما قالوا، ولن يتراجعوا عن الأكاذيب لأنهم بدون إرادة ومجرد عبيد عند من يدفع لهم، ولكن ذكر هذه الحقائق يفيد من يبحث عن الحقيقة ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حَيَّ عن بينة.
    موعدنا بوح قادم ورمضان كريم للجميع.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    المهندسون يهاجمون الرميلي ويؤكدون أن 90%من ملفات التعمير محتجزة في”دار الخدمات”