شغب الملاعب يسائلنا جميعا

شغب الملاعب يسائلنا جميعا

A- A+
  • ما أصبح يتكرر أمام أعيننا من شغب داخل الملاعب أو خارجها في كل مباراة كرة القدم، يطرح نفسه بإلحاح شديد، ويدفع جميع الفاعلين المعنيين لفتح نقاش بشكل أعمق حول نجاعة السياسة الردعية لشغب الملاعب بالمغرب.. نعم لقد تم تطوير القوانين وتشديد العقوبات في حق المتورطين في إثارة أحداث الشغب في كل مناسبة رياضية، لكن المقاربة الأمنية والقانونية، رغم نجاعتها، لا تحل المشكل ولا تقتلعه من جذوره، خاصة الممارسات المشينة في بعض المنافسات الكروية في أكثر من مدينة وأكثر من ملعب، وهو ما يقتضي منا التحرك ونحن نسير نحو تنظيم منافسات رياضية كبرى من حجم «الكان» في عام 2025 ونهائيات كأس العالم لعام 2030، إذ يجب أن يكون تأهيل البنية التحتية التي تتطلب استثمارات كبرى في بناء وإصلاح المنشآت الرياضية والطرق ووسائل النقل والطاقة الإيوائية للفنادق وتجويد الخدمات المرتبطة بمناسبات كروية هامة من هذا الحجم، مصحوبا بتأهيل الإنسان، أي الجمهور الرياضي الذي بدونه لا تستكمل الفرجة الرياضية، وبالسلوكات المنحرفة التي تفسد أجمل المباريات الكروية وأكثرها تشويقا..
    لقد دخل المغرب عهد الصناعة الكروية بامتياز، التي بدأت تؤتي ثمارها في أكثر من مجال وفي أكثر من منافسة كروية، حتى ذاع صيت المغرب بحسن أداء فريقه الكروي وأيضا جمهوره الرياضي الذي أبان في كل المنافسات التي جرت خارج المملكة عن سلوك رياضي نبيل، وعن روح رياضية استرعت انتباه العديد من وسائل الإعلام الدولية كما في قطر أو في منافسات «الكان» الإفريقي الذي جرت أطواره مؤخرا بـ «الكوت ديفوار»..
    تربية الجمهور هو جزء من هذه الصناعة، لم يعد مسموحا اليوم أن تخاف الأمهات والآباء من إرسال أبنائهم إلى الملاعب لتشجيع فرقهم الرياضية كما لو يرسلونهم إلى الجحيم، بسبب ما أصبح يتسبب فيه بعض المنحرفين والقاصرين الذين يتسببون في خسارات كبرى في الملاعب والمنشآت وفي الممتلكات العمومية أو الخاصة، حيث تتحول الساحات المجاورة للملاعب الوطنية إلى ساحات حرب، بين أنصار الفرق الرياضية المتنافسة، ثم بين الجمهور الرياضي ورجال الأمن الذين يتدخلون لاستتباب الأمن والحفاظ على المنشآت العامة والممتلكات الخاصة..
    مسؤولية توعية وتربية الجمهور الرياضي تتقاسمها قطاعات عديدة بينها الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والإعلام بكل تصنيفاته، وجمعيات مشجعي ومناصري الفرق الوطنية والجامعة الوطنية لكرة القدم، وجمعيات الأحياء المهتمة بكرة القدم والساهرين على ملاعب القرب… لابد من وجود نقاش مفتوح في المجتمع حول مخاطر الشغب الذي يندلع في المنافسات الرياضية في مختلف المدن المغربية، إذ لم يعد الأمر مرتبطا بجمهور فريق بعينه، حيث انتقلت العدوى لبعض الهوامش بدل تمركزها في المدن الكبرى فقط..
    إن تشديد العقوبات وأشكال تأديب الفرق التي يحدث جمهورها شغبا في الملاعب الرياضية، حد من الكثير من الانحرافات التي ظلت مرافقة للمباريات التي يعرفها الدوري الوطني، لكنها لم ولن تحد من الشغب الرياضي، بل يلزم الكثير من الجهد لتنشئة وتربية جمهور كروي، تكون فيها مباريات كرة القدم جزءا من التربية الوطنية والبناء الجمالي للجمهور الحاضر، ويجب مقابل التعامل الصارم وفق روح القانون مع الشغب الميداني الذي يحدث كل أسبوع تقريبا، تشجيع الجماهير التي تحلت بروح رياضية عالية، أو الجمعيات التي تلعب دورا كبيرا في رفع التوعية بمخاطر شغب الملاعب وأضراره على الأفراد كما على الجماعات، أو اللاعبين أو المدربين الذين أبانوا عن سلوكات تناهض العنف في مباريات كرة القدم، من خلال تخصيص جوائز لتشجيع الروح الرياضية في ملاعبنا وبين جمهورنا الرياضي.. ودور الإلترات مهم في هذا الباب في قتل روح التعصب والأنانية المقيتة وعدم القبول بالآخر، أو عدم اعتبار الهزيمة والانتصار جزءا من المنافسة الرياضية السليمة، ولدينا في الروح الوطنية، روح «تامغربيت» الحقة كل السبل لتقديم القدوة والنموذج في التنافس الشريف والتشجيع الهادف وروح الأخوة التي يجب أن تسود ملاعبنا الرياضية، من أجل أن يحل العقل السليم في الجسم السليم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    المهندسون يهاجمون الرميلي ويؤكدون أن 90%من ملفات التعمير محتجزة في”دار الخدمات”