بوح الأحد : شيوخ 20 فبراير يدفنون الحركة بعيدا عن صخب المشي و الصراخ…

بوح الأحد : شيوخ 20 فبراير يدفنون الحركة بعيدا عن صخب المشي و الصراخ…

A- A+
  • بوح الأحد : شيوخ 20 فبراير يدفنون الحركة بعيدا عن صخب المشي و الصراخ، خريف الطوابرية يتسارع تحت وطأة التواصل المؤسساتي، فرنسا تفشل في كل محاولاتها لتركيع المغرب وأشياء أخرى

    كما كان منتظرا، مرت ذكرى 20 فبراير بشكل باهت و بئيس يبرهن مرة أخرى، لمن لا يزال يحلم بإحيائها، أن إحياء الموتى مستحيل. رغم كثرة الجهات الداعية وكثرة الإعلانات كان عدد الوقفات قليل وحجم الحضور هزيل وطبيعة الشعارات قديمة لا تساير الإنجازات على الأرض وسن الحاضرين متقدم يمكن أن يطلق عليهم “شيوخ 20 فبراير” عوض ما سوقوا له سنة 2011 عن الطابع الشبابي للحركة، وانتماءاتهم لتيارات بعينها يبين أن الحركة ماتت وحتى محاولات الركوب على الحدث لافتعال “حراكات” أخرى غير مُجْد.
    من المفروض أن تكون هذه المناسبة تذكرة لمن يحاول السباحة ضد التيار ليفهم بأن الأوضاع تغيرت وجيلا جديدا نشأ وترعرع في مغرب مختلف، وإن كان حريصا على تخليد الذكرى فيمكنه الاكتفاء بذلك في مقر نقابته أو حزبه أو جمعيته وسط أتباعه لأن الشارع لم يعد منشغلا بذلك الحدث، بل إن الكثيرين ممن ساهموا فيه تفطنوا بعد كل هذه السنين لخلفيات محركيه وأجنداتهم المشوهة.
    كنت أشرت في بوح سابق افتتحت به هذه السنة بأن خريف الطوابرية متواصل وتساقطهم الواحد تلو الآخر سيتسارع بوتيرة أكبر من السنة الفارطة. ها نحن نعيش الحقيقة مع “السبع” الكهل زيان الذي فقد، وجميع كتيبته، الصواب وصاروا يروجون الأكاذيب ظنا منهم أن مؤسسات الدولة ستظل صامتة ولن تواجههم بالحقائق.
    ضاق زيان ذرعا بالسجن لأنه لم يكن يتصور أن يكون ذلك مصيره وهو الذي يرى لنفسه حصانة لا تتوفر لغيره وأنه فوق القانون. ألف زيان حياة البذخ والتسيب والتصرف الحر بعيدا عن أي رقابة أو مسؤولية، ولذلك لم يستسغ أن يكون موضوع متابعة قضائية حول جرائم لا تتناسب وسنه ووضعه الاعتباري كوزير ونقيب سابق.
    كررتها منذ بداية خرجات زيان غير المحسوبة بأن على محيط زيان أن يصارحه وينصحه ويرده إلى جادة الصواب ولا يزين له سوء عمله لأنه سيوقعه في المحظور. ما يعيشه زيان اليوم ليس إلا نتيجة لكل ما سبق.
    البوليميك الذي رافق إعلان زيان خوضه إضرابا عن الطعام مثال ناصع على حالة الإفلاس التي يعيشها الطابور الخامس. الخطوة في حد ذاتها مغامرة غير محسوبة لانعدام أسبابها فالشيخ زيان يعيش في زنزانته متمتعا بكل حقوقه إلى أن يقضي عقوبته الحبسية المحكوم بها وكل ادعاءاته غير مبنية على أدلة ملموسة ومطالبه لا يمكن لعاقل تبنيها لأنه يريد أن يفرغ العقوبة من مضمونها بالاستفادة من حقوق غير معترف بها لكل سجناء العالم. لقد كان الأمر كله أشبه بالفضيحة لكل من حشر نفسه فيها دون معرفة تفاصيلها.
    منذ أزيد من شهر ومحاولات التسخين على أكثر من واجهة لا تتوقف للتشويش على المغرب، وخاصة بعد انتخابه لرئاسة مجلس حقوق الإنسان. حاول المعيطي الاستفزاز على قناة عمومية فرنسية كما حاول غيره ولكن بدون نتيجة. لم يكن يتصور عاقل أن يتم الزج بكهل مثل زيان في هذه الأضحوكة ولكنه اختار طواعية أن يلعب هذا الدور رغم عدم توفره على ما يقنع به الرأي العام.
    يستنتج من واقعة الإضراب عن الطعام المفترى عليه كذلك حالة الارتباك التي يعيشها الطوابرية. امتنع زيان عن تسلم وجبته التي ألف تناولها وتعمد إرفاق ذلك بتصرف مستفز ومهين للموظف وهو يعلم أنه يمكن أن يكون هذا التصرف لوحده موضوع متابعة كما تعمدت كتيبته تعويم أسباب خوضه الإضراب لتشمل أسبابا لا أدلة عليها، وحين أحس زيان بجدية رد الإدارة السجنية وأنها لن تخضع لابتزازه ولا يرهبها تهديده تراجع مبكرا بعد يوم واحد عن إعلانه وتقدم صباح الجمعة بإشعار مكتوب بخط يده، أعلن من خلاله فك إضرابه عن الطعام وتسلم فعليا وجباته الغذائية كما كان دائما. ولأن الحرص كله كان على صناعة نوع من “الشو” الإعلامي لإثارة حملة حقوقية لصالح زيان فإن عناصر الكتيبة ظلت تروج لاستمرار الإضراب الوهمي عن الطعام في الموقع الميت الذي يموله زيان ويشرف على تحرير أكاذيبه أحد الأشخاص الذي يعيش نكسة غير مسبوقة. هنا سقط زيان في المحظور وأساء إلى نفسه من حيث أراد الإساءة للدولة لأنه سقط في الكذب المفضوح والمتعمَّد.
    تعمد حواريو زيان تجنب نشر خبر توقيف الإضراب عن الطعام، الذي لم يستغرق في حقيقته سوى سويعات، حتى الاثنين، كما تعمدوا جميعا تكذيب بيان إدارة السجون الذي نشر الحقيقة كلها في حينه. لقد كانت هذه سقطة أخلاقية نزعت المصداقية عن الطوابرية لدى أتباعهم الذين اكتشفوا بداية هذا الأسبوع أن كل ما تضمنه بلاغ مندوبية السجون صحيح وأن زيان وحوارييه كذابون ومضللون.
    تضمن الطلب الخطي لزيان إلى إدارة السجن توقيف الإضراب عن الطعام ولكن أتباعه يغالطون الرأي العام ويتحدثون عن تعليق، ويربطون ذلك بتحقق المطالب التي طالب بها رغم علمهم أن ليس هناك مطالب وأن ما دبجوه في بيانهم المكذوب يضعهم تحت طائلة المتابعة القانونية لأن فيه إساءة متعمدة لمؤسسات الدولة وسمعتها.
    فضحت واقعة الإضراب عن الطعام الطوابرية المستعدين للمتاجرة بكل شيء بما في ذلك الروح “العزيزة عند الله”. لا أحد منهم انتصر للحق في الحياة ومنهم من يدعي أنه حقوقي، ولا أحد منهم ناشده كشيخ طاعن في السن ومريض بأمراض مزمنة كما كانوا يدعون في بياناتهم لتوقيف إضرابه رغم يقينهم بمخاطر أي محاولة من هذا القبيل على صحته وحياته ورغم اقتناعهم بعدم تناسب مطالبه إن كانت صحيحة مع حجم الخطر الذي يعرض نفسه له. كشفت هذه الواقعة أنهم مجرد تجار أرواح بشرية مستعدين لتقديمها قربانا للحفاظ على امتيازاتهم ولا يساوي عندهم زيان شيئا ولذلك لم يكلفوا أنفسهم عناء مطالبته بوقف إضرابه حفاظا على حياته، واستمروا في الصمت تجاه كذبه وتلاعبه بالرأي العام رغم علمهم بتوقيفه للإضراب لأنهم شركاء معه في الرغبة في تضليل الرأي العام.
    فضحت واقعة الإضراب الوهمي كذلك جمعية “غالي” ورياضي التي دخلت على الخط وانحازت لرواية حواريي زيان دون التوفر على دليل يسندها ودون الأخذ بعين الاعتبار توضيحات مندوبية السجون رغم أنها تستند إلى وقائع مادية تؤكد صحتها. هذا شاهد آخر على أن هذه الجمعية بعيدة عن أدوات العمل الحقوقي والحياد المفترض في الفاعل الحقوقي وتنطلق من موقف سياسي وتنتصر لأطراف على أخرى دون تثبت وأدلة وتتموقع ضد الدولة المغربية وتأبى الاعتراف بخطئها. والأخطر أنها التزمت الصمت حتى بعد ظهور الحقيقة ولم تنشر بلاغا تعلن فيه توقيف زيان لإضرابه الكاذب الذي لم يدم إلا بضع ساعات. كان الأولى ل”غالي” ورفاقه الاعتراف بأنهم دخلوا على الخط متأخرين يوم 18 فبراير 2024 ونشروا بأن زيان لا يزال مضربا عن الطعام بينما الحقيقة التي اكتشفت رسميا وباعتراف حواريي زيان أنه أوقف إضرابه يوم 16 فبراير 2024. ألا يستحق هذا الكذب اعتذارا؟ ألا يعتبر هذا التصرف إساءة للمغرب؟ ألا يشكك هذا الكذب في مصداقية كل آليات عمل هذا الدكان الحقوقي؟ ألا يفضح الأجندة السياسية التي تخدمها هذه الجمعية؟ وهذه مناسبة أخرى للتذكير بما أقدمت عليه الجمعية من تسريب لجلسة الاستماع لضحية عمر راضي يومها وما تسبب فيه ذلك من أضرار لضحيته. ألا يؤكد ما حدث مع زيان صحة هذا التسريب؟ لقد تواترت سقطات رفاق “غالي” بما يجعل كل ما يقومون به بعيدا عن العمل الحقوقي لأنهم اختاروا أن يكونوا جماعة ضغط في أيدي أعداء المغرب.
    صمتت جمعية “غالي” عن توقيف الإضراب، وسقطت في مستنقع الكذب ولم تكلف نفسها زيارة زيان والاطلاع على الوقائع ولم تعتذر بعد ثبوت كذبها، وتلقت ضربة أخلاقية بعد ثبوت انفتاح مندوبية السجون على المنظمات الحقوقية التي تريد التأكد من حقيقة المعطيات وقد عاين أعضاء من المرصد المغربي للسجون زيان داخل غرفته على انفراد ووجدوه يتناول وجبة الغداء.
    يستفاد كذلك من هذه الواقعة أن التواصل المؤسساتي والانفتاح على مختلف الفاعلين نقطة قوة الدولة المغربية. التواصل السريع والواضح والمستمر والمبني على معطيات يصيب الطوابرية في مقتل ويضعهم في حالة ارتباك تجعلهم يراكمون الأخطاء ويفضحون أنفسهم أمام المغاربة.
    هذه عينة من طريقة عمل الطوابرية تبين كذبهم وتضليلهم وحرصهم على نظام الامتيازات وتصورهم أن لهم حصانة فوق القانون. لا شيء يعلو على القانون والمؤسسات.
    وتهاوي أطروحات الطوابرية مستمر لأنها ادعاءات كاذبة، وخراب بيت الطوابرية متواصل لأنه أوهى من بيت العنكبوت ولم يعد أمامهم سوى الكذب المفضوح ليصنعوا قضية ويلفتوا الانتباه ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه سفنهم. ويبقى مغرب المؤسسات وبلد القانون شامخا لا يضره من يكيد له. فهل يعي هؤلاء جميعا القطيعة ويعتذروا للمغاربة عن إساءاتهم؟
    مأدبة الغذاء التي أقامتها بريجيت ماكرون السيدة الأولى في فرنسا بقصر الإليزيه على شرف الأميرات للا مريم وللا أسماء وللا حسناء تؤكد أن يد المغرب ممدودة لما يخدم مصلحة بلدين يجمعهما أكثر مما يفرقهما. الاستقبال كان “بتعليمات من الملك محمد السادس” ويندرج في “إطار استمرارية علاقات الصداقة التاريخية بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية”. لا يبحث المغرب عن القطيعة مع أي دولة صديقة، وتلك منهجية الملك محمد السادس التي تم تأكيدها في أكثر من مناسبة ومع أكثر من دولة. سياسة جلالة الملك تبحث عن التخفيف من حدة التوتر وتدفع دائما في اتجاه تعزيز العلاقات مع الدول الصديقة طالما احترمت مصالح الدولة المغربية وقدرت الشعب المغربي الذي يعتبر نفسه المسؤول عنه. وصلت فرنسا الماكرونية للباب المسدود وهي تحاول منذ مدة تحقيق اختراق لإعادة الدفء للعلاقات مع المغرب وهي محاولات محمودة وتؤخذ بعين الاعتبار ولكنها ناقصة ويلزمها ضمانات أكثر وأن تشمل كل المغاربة الذين تضرروا من أخطائها. يلزم فرنسا الاقتناع بأن كل مناوراتها ضد المغرب وحملاتها ضد مصالحه ومحاولاتها لإخضاعه لمنطقها الكولونيالي قد فشلت. والمغرب من جهته، رحب أكثر من مرة بإعادة العلاقات لطبيعتها التاريخية، بل إنه تعامل مع كل الاستفزازات الفرنسية بمنطق الحكمة لأنه يعي جيدا طبيعة الروابط والمصالح المشتركة بين البلدين والتي لا يمكن أن تخضع لمزاج ساكن مؤقت للإليزيه.
    من حق فرنسا الماكرونية أن تدافع عن مصالح الشعب الفرنسي كما تراها ولكن عليها توقع فعل مماثل من كل من تستهدف مصالحه، وهذا ما حصل لها مع دول الساحل الإفريقي. ومن حق إدارة ماكرون أن تنتصر للعلاقة مع دولة على حساب أخرى ولكن عليها بالمقابل أن تكون مستعدة لأداء ثمن ذلك.
    يمكن القول بأن العلاقات الفرنسية المغربية مرت بمرحلة اختبار حقيقية خلال ولايتي ماكرون وها قد وصلت فرنسا للحقيقة وهي أنها الأكثر احتياجا للمغرب، وأنها أخطأت في حق المغرب، وأن عليها أن تتخلى عن نظرتها الاحتكارية والاستعمارية للمغرب، وأن من حق المغرب تنويع علاقاته وتوسيع شراكاته وبنائها على منطق المصلحة الوطنية.
    قد ترجع العلاقة مع الدولة ولكن بالتأكيد الشرخ الحاصل مع الشعب من الصعب إصلاحه وهذه هي الخسارة الكبرى التي يلزمها الوقت وخطوات أكثر دلالة ليقتنع المغاربة أن مراجعات تمت في فرنسا.
    استعملت فرنسا للأسف كل قوتها، الإعلام الرسمي مثل وكالة الأنباء الرسمية وفرانس 24 والإعلام الموالي والمنظمات الحقوقية والفريق البرلماني في البرلمان الأوربي، ووظفت خلاياها النائمة للإساءة للمغرب ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها، ولذلك فهي أكثر حاجة لبذل مجهود لإعادة المياه إلى مجاريها.
    إن كانت فرنسا تريد تجاوز الماضي فما عليها إلا أن تعترف بأخطائها وتعتذر للمغاربة وستجد أنهم شعب يعي عمق العلاقات مع فرنسا. يلزم لأصوات الحكمة والاعتدال داخل فرنسا أن ترتفع لتذكر ماكرون وفريقه بأخطائهم وتذكرهم بالجهود التي يبذلها المغرب من أجل الفرنسيين. واحد من هؤلاء العقلاء هو كريستيان كامبون رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية-المغربية بمجلس الشيوخ الذي أكد خلال مروره في برنامج Extralocal بأن المغرب قد ساعد فرنسا كثيرا خلال عملياتها بمالي أثناء حربها ضد الجهاديين.
    أهم اختبار مطروح على فرنسا لتقديم إشارات تجاه المغاربة هو الموقف من الوحدة الترابية للمغرب. الصحراء المغربية هي النظارة التي يرى بها المغرب العالم.
    يمكن لفرنسا الاستفادة من التطور السريع للعلاقات بين المغرب واسبانيا لاكتشاف الميزان الذي يعتمده المغرب لتقييم علاقاته مع الغير وتحديد حجم الشراكة معه. زيارة سانشيز هذا الأسبوع كانت هي الثالثة له للمغرب، وهي الأولى منذ تنصيبه خلال هذه الولاية وحظي خلالها باستقبال ملكي. هذا نموذج للعلاقة التي توطدت بين بلدين ظل سوء التفاهم يطبع علاقاتهما فلما سادت الثقة والصراحة توطدت العلاقات الثنائية وتعزز التعاون واتسعت الشراكة لتشمل مجالات كثيرة تعود بالنفع على البلدين وتتجاوزهما لكل الجوار في القارتين.
    تنظر جزائر تبون لهذا التقارب بتوجس وهي التي تلقت صفعة بعد تأكيد سانشيز لموقف اسبانيا الداعم لمغربية الصحراء، وبعد إلغاء وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس زيارته إلى الجزائر بسبب اشتراط المسؤولين الجزائريين التراجع عن الموقف الداعم لمغربية الصحراء، وبعد فشل كل محاولاتها قبيل الانتخابات للتأثير على الناخبين الإسبان وبعد الانتخابات للتأثير في طبيعة الحكومة المشكلة، وبعد اكتشافها أن أمثال سمبريرو يستنزفونها دون أن يكون لعويلهم تأثير على الإسبان. كل ما رافق زيارة سانشيز للمغرب يؤكد أن الجزائر في حالة شرود وأن قطار العلاقة بين المغرب واسبانيا يشق طريقه بثقة متبادلة وخطوات متسارعة غير آبهة بعراقيل شنقريحة وتبون اللذين يعيشان زمن الهزائم المتتالية سواء في مجلس الأمن أو الساحل الإفريقي أو الجوار الأوربي. وما على فرنسا إلا أن تستفيد من هذا النموذج إن كانت تنوي حقا إصلاح أخطائها تجاه المغرب.
    أختم هذا البوح بالزيارة التي قام بها أردوغان لمصر ولقائه مع رئيسها السيسي. المصافحة بين الرئيسين كانت بمثابة آخر حلقات مسلسل الشعبوية الذي كان ضحيته أردوغان بعد أن استعمله طيلة عقدين من الزمن ليستيقظ على واقع مخالف لشعبويته. بدأها بنقض كل غزله حول إسرائيل وهو يستقبل الرئيس الإسرائيلي على الأراضي التركية استقبال الفاتحين، وفضح نفسه وهو يدعي نصرة فلسطين بينما هو من أكبر مدعمي إسرائيل بالغداء أيام الحرب على غزة، وأنهاها بزيارة مصر التي دعم الإخوان ضد نظامها أزيد من عقدين ثم اكتشف في النهاية أنه كان ضد التيار. لم نسمع الأردوغانيين ينتقدون سياسات تركيا تجاه إسرائيل، ولم يستنكروا تخليه عن الإخوان المسلمين، ولم يفضحوا براغماتيته كما هو معهود عنهم ضد دول أخرى.
    الشعبوية لا تبني دولا ولا تغير واقعا ولا تدبر بها العلاقات بين الدول. هذه هي الحقيقة التي على الجميع معرفتها والعمل بمقتضاها. ومثال أردوغان حي أمامنا ويمكن لكل واحد معرفة المنحدر الذي وصل إليه بخصوص حفاظه على شعاراته ووفائه لمبادئه.
    موعدنا في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    عزيز أخنوش رئيس الحكومة يتباحث مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية