تدبير ندرة الماء مسؤوليتنا جميعا

تدبير ندرة الماء مسؤوليتنا جميعا

A- A+
  • وفقا لأغلب التقارير الدولية والوطنية المختصة أصبح الاتجاه العام للموارد المائية في الكرة الأرضية يسير بشكل مهول نحو مؤشر الانخفاض، ولسوء الحظ فإن بلادنا ليست بعيدة عن هذا المسار الذي تفاقمت وضعيته منذ الثمانينيات وزادت خلال الست سنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق، يكفي فقط أن ننظر إلى مؤشرات ملموسة تدل على أن بلادنا تواجه وضعا صعبا من حيث ندرة المياه، مثل تراجع صبيب الأودية، انخفاض حقينة السدود إلى مستويات جد متدنية بسبب قلة التساقطات، توالي مواسم فلاحية جافة، ضعف تزويد بعض المناطق بمياه الشرب، تراجع حصة الفرد المغربي من الماء المحددة عالميا، وغيرها من المؤشرات التي تؤكد بالملموس تراجع الموارد المائية بالمغرب.
    لقد أصبح بلدنا يعيش وضعا مائيا حرجا، سمي إجهادا مائيا، بفعل ظاهرة التغيرات المناخية التي أصبحت هيكلية بالمغرب وليست مجرد ظاهرة موسمية، لذلك ومن أجل رفع التحديات المرتبطة بقطاع الماء تم إعداد المخطط الوطني للماء، الذي يشكل امتدادا للأهداف والتوجهات الملكية التي دقت ناقوس الخطر مبكرا، بالإضافة إلى الإجراءات المتخذة في إطار الاستراتيجية الوطنية للماء.
    لقد قامت الدولة خلال العشريتين الأخيرتين خاصة بمجهود لا يمكن إنكاره من خلال تعزيز بناء سياسة السدود، محطات تحلية مياه البحر، معالجة المياه العادمة، اعتماد تقنيات سقي عصرية من خلال «نقطة نقطة»، وترشيد استعمال الماء في جميع القطاعات الأخرى، مثل استعمال المكتب الشريف للفوسفاط للمياه العادمة المعالجة في غسل الفوسفاط بثلاث محطات له، وسقي الحدائق وبعض ملاعب الكولف بنفس الماء، وخلقت شرطة للمياه بالإضافة إلى تعزيز الترسانة القانونية في مجال تثمين الموارد المائية بالمملكة.. لكن مع ذلك فتدبير هذه المادة الحيوية التي لا تنمية ولا تقدم ولا صحة بل لا وجود للحياة بدونها، ليس منوطا بالدولة وبمختلف المؤسسات المعنية بقطاع تدبير الماء، بل هي قضية وجودية تهمنا أيضا.
    نحتاج جميعا لروح إنسانية ووطنية عالية لنغير سلوكنا في التعامل مع تدبير الماء، علينا أن نهتم بإصلاح الأنابيب التي تضيع الكثير من الماء دون أن نلتفت لقيمة ذلك، على كل واحد منا خاصة ممن ليس لديهم مشاكل في ارتفاع فاتورة استهلاك الماء أن يسترشدوا بما قاله الراحل محمود درويش في قصيدته «فكر بغيرك»:
    وأَنتَ تُسدِّد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ..
    مَنْ يرضَعُون الغمامْ.
    للذين ينظفون سياراتهم بشكل مرضي أحيانا، وللذين يملأون مسابحهم غير المزودة بآليات تجديد الماء، أو من يطلقون الصنبور لسقي حدائق منازلهم بشكل فيه الكثير من التدبير والإسراف..
    نحتاج إلى روح أخلاقية عالية وإلى سلوك مدني مواطناتي يعي حجم المخاطر التي نواجهها بسبب ندرة المياه التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، تفرض علينا الاقتصاد في استهلاك هذه المادة الحيوية، لأن الأمر يتعلق بالأمن الغذائي بل وبالأمن الوجودي لنا كمغاربة في غياب الماء عن كل واحد منا، خاصة ممن لا يجدون عناء في الوصول إلى الماء، عليهم أن يفكروا عند فتحهم لصنابير المياه ألف مرة في أولئك الذين شحت آبارهم وجفت عيون ووديان أراضيهم ويجدون صعوبة كبرى في الوصول إلى الماء الصالح للشرب، وهذا لا يتطلب كبير جهد ولا مالا كثيرا، بل فقط الحس الأخلاقي والديني العالي.. لنتصرف باقتصاد في الماء.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أيت طالب: الناس اللي مراض غايبقاو يتعالجو والمستشفيات تتحمل المسؤولية