بوح الأحد: المفاتيح السبع لفهم استهداف المدنيين في السمارة و انتصار المغرب

بوح الأحد: المفاتيح السبع لفهم استهداف المدنيين في السمارة و انتصار المغرب

A- A+
  • بوح الأحد: المفاتيح السبع لفهم استهداف المدنيين في السمارة و انتصار المغرب في مجلس الأمن، تسخير العدل و الإحسان للأطفال و الشباب الملثمين لحمل مجسمات صواريخ في مسيرات التضامن مع الشعب الفلسطيني لها ما بعدها، فرنسا و رحلة البحث عن الدفئ في علاقتها بالمغرب و أشياء أخرى

     

  • أبو وائل الريفي

    زودت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني السلطات الألمانية هذا الأسبوع بمعلومات دقيقة مكنت من إحباط عملية إرهابية كانت تستهدف التراب الألماني. المعطيات المتوفرة تفيد أن المعني داعشي ألماني من أصول مصرية يقيم في دويسبورغ ويبلغ من العمر 29 عاما وكان يخطط لتنفيذ العملية بشاحنة وسبق له القتال إلى جانب داعش في سوريا والعراق.
    وقبل أيام أعلنت المخابرات الداخلية الإسبانية أنها أوقفت مهاجرا كان يخطط لتنفيذ عمليات إرهابية فوق التراب الإسباني بعد أن تلقت تحذيرا حوله من مراقبة التراب الوطني المغربية.
    يبدو للوهلة الأولى أن هذا خبر عادي صار معتادا منذ سنين لدى المغاربة، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للدول الأخرى التي تستشعر حجم الجهد الذي يبذله المغرب لمحاربة الإرهاب ودرجة التعاون الذي يبديه تجاه الجميع للقضاء على الإرهاب بمقاربة استباقية وشاملة وتشاركية.
    لا يضع المغرب هذا الملف موضوعا للمقايضة مع الدول ولا تتأثر علاقاته مع كل الدول بالتعاون حوله لأنه يعلم أن الإرهاب خطر على الجميع ولا ينتقي ضحاياه ونجاح عملية في أي مكان ينعش الإرهابيين ويرفع أسهمهم ويشجعهم أكثر على التمدد في كل العالم.
    حين نقول بأن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب ناجحة وأنها صارت جزءا من القوة الناعمة التي يملكها المغرب ويشتد الطلب عليها عالميا لمعرفة أسباب هذا النجاح والاستفادة من هذه الخبرة فإن مثل هذه الوقائع تؤكد ذلك.
    في سياق متصل، عرضت وزارة الداخلية أثناء مناقشة مشروع ميزانيتها الفرعية في اللجنة البرلمانية المتخصصة تقريرا ضمّنته حصيلة الحرب على الإرهاب منذ سنة 2002، أي السنة التي امتدت فيها يد الإرهاب إلى مملكة كانت آمنة مطمئنة. الأرقام مثيرة للانتباه وتوضح حجم الجهود المبذولة وكذا حجم الخطر المحيط بنا. لقد تم إجهاض أكثر من 500 مشروع إرهابي وتفكيك 215 خلية إرهابية. ولنتصور العواقب لو أن بعضا من هذه العمليات وصل إلى مرحلة التنفيذ لا قدر الله. ما يؤكد أن شبح الإرهاب ما يزال يشكل خطرا راهنا ما عرضه التقرير عن حصيلة هذه السنة حيث أكد تفكيك 6 خلايا إرهابية وتوقيف 21 شخصا منذ بداية سنة 2023.
    قلنا في أكثر من مناسبة أن الواقفين على هذا الثغر يستحقون التقدير لأنهم في الخط الأمامي يصلون الليل بالنهار لضمان الاستقرار والأمن الذي ننعم به جميعا ويعتبر أكبر ضمانة لربح الرهان في مجالات أخرى، وأصبح كذلك من أهم المكاسب لتعزيز العلاقات مع محيطنا الدولي، وما هذا الإشعار المبكر للسلطات الألمانية سوى دليل على ما يمكن تعميمه على دول كثيرة.
    تكتسب جهود المغرب أهميتها أكثر من المحيط الجغرافي الذي يشتغل فيه والمليء بالأعمال التي تنعش الجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي وعدم جدية بعض الجيران في التصدي للمخاطر الإرهابية، واستثمار بعض القوى المتضررة في المتغيرات الجديدة التي تعرفها المنطقة لإدامة هذا الخطر حتى تسترجع قوتها ومكانتها وتقطع الطريق على قوى منافسة لها.
    لا يمكن عزل القذائف التي سقطت على مدينة السمارة عن هذا السياق. ففي الوقت الذي تتكاثف فيه جهود الدول لتجفيف منابع الإرهاب، تأبى جبهة البوليساريو وحاضنتها، سياسيا ودبلوماسيا وترابيا، إلا أن تصنع البيئة المساعدة على انتشاره وتمدد خطره.
    إقدام البوليساريو على هذه الخطوة الانتحارية يكفي وحده لفهم درجة اليأس الذي وصلت إليه ويؤكد أنها تعيش أسوأ مراحل وجودها وتقتنع أنها في عد عكسي تحسب خلاله ما تبقى من عمرها لأنها أصبحت تحصد الهزائم تباعا وتتهاوى أسهمها في العالم وتخسر أنصارا اكتشفوا متأخرين أنها عنصر توتر في المنطقة حريص على إثارة القلاقل وغير جدي في البحث عن حلول لمشكل عمر طويلا بدون سبب.
    الأمر الثاني يتعلق بتوقيت العملية. يؤكد اختيار التوقيت حالة العمى التي تعيشها البوليساريو لأنها تحاول جبر خطأ بخطيئة. تظن أنها بهذه العملية الإرهابية ترد على المنتظم الدولي ولكنها تكرس بأنها لا تؤمن إلا بمنطق الفوضى. تتزايد مع الوقت حدة وعنف ردود البوليساريو على قرارات مجلس الأمن وعدم رضاها عنها، وقد يكون المجلس مجبرا على تغيير طريقة تعامله مع هذه العصابة إن هو أراد أن يحافظ على هيبته ومصداقية قراراته.
    الأمر الثالث نستنتجه من مكان هذه العملية الذي يحمل أكثر من دلالة. كيف يمكن استهداف منطقة مدنية ويسكنها مدنيون وخالية من أي أهداف عسكرية وبطريقة غادرة وخسيسة؟ أليس هذا دليلا كافيا للمنتظم الدولي على أن البوليساريو لا يمثل الصحراويين؟ لماذا لم نقرأ ولو تصريحا من البوليساريو والجزائر يترحم ويتعاطف مع ضحايا هذا الحادث؟ كيف يدعي البوليساريو ويقتنع معهم كابرانات الجزائر أنه ممثل للساكنة الصحراوية وهو يستهدفهم بقذائف في منتصف الليل؟ أليست هذه وحدها تكفي من لا يزال مغفلا تجاه دفوعات هذه العصابة؟
    أمر رابع هو تبني البوليساريو رسميا لهذه العملية وتصريحه أنها هي، بواسطة “جيش التحرير الصحراوي”، من استهدف بقذائفه ثلاث مناطق (المحبس، والسمارة، والفارسية). هذا دليل آخر على أنها منظمة إرهابية والرد الصارم من المنتظم الدولي لن يكتمل إلا بتصنيفها في هذه الخانة وترتيب أثر هذا التصنيف عليها وعلى من يحتضنها ويدعمها ويمولها ويتبنى خياراتها.
    وخامسا، تندرج هذه العملية في إطار خرق اتفاق أممي حول وقف إطلاق النار ساري المفعول منذ أكثر من ثلاثة عقود، ولا تخفى أهداف ذلك على المتابعين. إنها محاولة خلق الفوضى لإنعاش الجماعات الإرهابية وتنشيط تجارة الممنوعات والجرائم العابرة للدول والقارات وتقديم خدمة لجهات عجزت عن فرض وجودها بالسياسة والدبلوماسية وهي تبحث عن استرجاع مكانتها بهذه الأساليب. ولذلك فهذه العملية تندرج ضمن عمليات قذرة ورخيصة يقوم بها الكابرانات كخدمة مجانية لهذه الجهات، وليست البوليساريو سوى عون تنفيذ بليد لا يعي تبعات ذلك.
    الأمر السادس يرتبط بطريقة تنفيذ هذه العملية، حيث تؤكد هذه الطريقة المخاوف التي عبرت عنها أكثر من جهة وتضمنتها تقارير كثيرة عن وجود بصمات لميليشيات حزب الله وإيران في المنطقة. ولا بد من استيعاب أن التهاون في إدانة مرتكب هذه العملية سيكون مقدمة لنقل أجواء الشرق الأوسط إلى شمال افريقيا والساحل الإفريقي. والمستفيد الأول والأخير من هذا التمدد هو هذه الجماعات الإرهابية التي تهدد السلم الدولي وانسياب التجارة الدولية في هذه المنطقة.
    والأمر السابع له علاقة بمكان تنفيذ هذه العملية. يؤكد مؤشر المكان على أن التراب الجزائري الحاضن للبوليساريو أصبح مصدر تهديد مباشر للأمن القومي المغربي ولأمن المنطقة كلها. ولذلك وجب محاسبة النظام الجزائري على السماح باستعمال ترابه منطلقا لهذه العمليات الإرهابية التي تخرق اتفاقا أمميا وتهدد المدنيين العزل وتمس بأمن دولة مجاورة.
    قد تتبرأ الجزائر من مسؤوليتها عن الحادث، ولذلك فإن الإقدام على هذه الخطوة الانتحارية بهذه الطريقة البليدة وبدون رضاها يعتبر مؤشرا إضافيا على أن عصابة البوليساريو تعيش انشقاقات داخلية ولم يعد بمستطاع قيادتها الحالية وراعيتها الرسمية مراقبة تصرفاتها الحمقاء، وهو ما يجعل خطرها يتعدى الجزائر والمغرب والساحل الإفريقي لأنها قد تتمادى في تجاوزاتها إلى ما هو أكثر. من يستبعد بعد اليوم أن تلجأ هذه العصابة إلى حرب قطاع الطرق؟
    لقد تلقت البوليساريو الجواب يوما بعد هذه العملية من مجلس الأمن الذي لم يتأثر قراره بهذه العملية. وتلقت الرد من المغاربة الصحراويين الذين لم تتأثر حياتهم بهذه العملية واستمروا في نشاطهم بشكل عادي لأنهم واثقون في قدرة حماة الجدار على التصدي لأي عدوان وخطر خارجي.
    لن ينجر المغرب للعب في مربع اختارته البوليساريو وراعيتها، ولن يسقط في فخ الاستدراج لهذا الأسلوب القذر لأن المغرب دولة عريقة تحترم التزاماتها ولا يليق بها، احتراما لتاريخها وشعبها وتقاليدها، التعامل بمنطق العصابات، ولن تستدرج لإشعال حرب تعرف مسبقا أن المستفيد منها هم تجار الفوضى، ولكنها ستختار توقيت وطريقة ودرجة الرد بما يتناسب مع هذه العملية.
    لقد أكدت هذه العملية مرة أخرى خسة بعض من بني جلدتنا الذين أصابهم كالعادة داء البكم والعمى والصمم ولم تضربهم الغيرة على المغرب والمغاربة. أين موقف زيان الذي لا يفوت من سجنه حدثا دوليا إلا علق عليه وحلله وحرص على نشره في موقعه؟ أين الحقوقي المعطي الذي ينشط مع المنظمات والإعلام؟ ألا يعتبر المتضررين من هذه الأعمال الإرهابية أصحاب حقوق يجب عليه الدفاع عنها؟ ألا تستحق هذه الأعمال من علي لمرابط التفاتة في روتينه السياسي؟ أم أن جهات التمويل تحرم عليه الخوض في هذا النوع من القضايا؟ لماذا تجاهل العدلاويون هذا الحدث؟ ألا يعتبرون شركاء في هذه الجريمة بصمتهم؟ ألا يستدعي الواجب الديني والحقوقي والمواطناتي فضح مرتكبي هذه الجريمة؟
    لقد أصبح ميؤوسا من هؤلاء جميعا أن ينتصروا للمغرب ويخوضوا معركة من أجل المغاربة لأن الحقد هو ما يحركهم ولا تستهويهم سوى القضايا التي يرون في الانخراط فيها تحقق هدفهم الأزلي إسقاط أو إضعاف الدولة لأنهم جزء من أدوات تنفيذ أجندة تدميرية هدفها نشر الفوضى وتمزيق وحدة الدول.
    أصبحت العدل والإحسان الوكيل الرئيسي لنشر هذا المخطط وتستغل أحداث غزة بمكر ودهاء وتقية لخدمة أهدافها. الشغل الشاغل لعدلاوة هذه الأيام هو إدامة الاحتجاجات واستمرار احتلال الشارع العام واصطناع التوتر مع مؤسسات الدولة وعسكرة المظاهرات والوقفات وبث خطابات الكراهية والعنصرية لتهييء الأجواء لما لا تعلم هي نفسها مساوئه مستقبلا.
    كيف تفسر الجماعة الحرص على ملء الوقفات بالملثمين وحملة المجسمات العسكرية والصواريخ البلاستيكية؟ كيف تبرر الزج بالأطفال في هذه الطقوس الغريبة وتقديمهم في الصفوف الأمامية للمسيرات سوى أنها تتخذهم دروعا واقية؟
    ألفت الجماعة الصمت عن هذه المظاهر أو تفسيرها على أنها تصرفات فردية لا تمثلها ولكن انتشار هذه الأشكال بهذه الطريقة المرعبة يخرج الأنشطة التضامنية عن سياقها وهدفها، ويجعل هذه الفعاليات خارجة عن السيطرة، ويضع المسؤولية على عاتق قيادة العدل والإحسان وتيارات اليسار المتحالفة معها، بل إن اتساع حضور هذه الأشكال الشاذة وغير القانونية والمنافية لحقوق الإنسان في الوقفات والمسيرات يؤكد أن الجماعة صارت مخترقة أو لا تتحكم في صفوفها أو تلعب على الحبلين، ويعزز هذه التخوفات انخراطها في إسهال الفتاوي المتشبعة بالعنف والكراهية والمشجعة على الانقلاب على الأنظمة الحاكمة في العالم العربي التي تصدر عن اتحاد علماء الإخوان المسلمين الموجود مقره في قطر والذي تعتبر العدل والإحسان عضوا فاعلا فيه.
    لقد أصاب إسهال الفتاوي بعض “المتفيقهين” العاجزين عن الإقناع بوجهات نظرهم السياسية ومقارباتهم العملية فيلجأون لسلاح الفتوى التي هي أقرب للبرنامج السياسي وأبعد عن الفتوى، ويريدون بها فرض أجنداتهم على الدول والمنظمات الإقليمية ويستغلون بها العوام بالتجييش العاطفي المدمر.
    استمرار القصف الهمجي لغزة جريمة مكتملة الأركان، وعجز المنتظم الدولي حتى الساعة عن استصدار قرار لوقف إطلاق النار وهدنة إنسانية دائمة وتأمين ولوج الغذاء والدواء سيبقى سبة في وجه الإنسانية كلها في هذا القرن. والحل هو مزيد من الضغط الدولي على إسرائيل بالوسائل كلها دون الوقوع في معركة القيم والأخلاق وهذا متاح بالتأكيد. نشر خطابات الكراهية ضد اليهود بشكل عام خطأ يجب مراجعته وتعميم أجواء العسكرة داخل البلدان ومطالبات العدلاويين بفتح الحدود للجهاد خطاب غير مسؤول يقع على الجماعة عبء تصحيحه أو تحمل تبعاته.
    المغرب غني عن تضامن الطابور الخامس لأن أجندتهم مختلفة عن أولويات المغاربة، ولكنهم ملزمون أن يعوا أبعاد ما يقومون به من تصرفات غير محسوبة تداعياتُها، وملزمون أن يتحملوا مسؤولية أفعالهم.
    كل محاولات التطبيع مع مظاهر العسكرة والتسلح تندرج في سياق خدمة مخطط نشر الرعب وتهييء أجواء حاضنة للإرهاب ولا تختلف عن العملية الحقيرة لجبهة البوليساريو. هذه هي الخلاصة وكفى.
    انتصار آخر للمغرب ألفناه منذ سنوات نهاية أكتوبر من كل سنة. وربما بسبب تكراره لم يعد البعض يعطيه أهمية، ولكنه تميز هذه السنة بنكهة خاصة. إنه القرار 2703 لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية الذي يزكي الحقائق الميدانية التي يشهدها العالم وتتمثل في فتح أكثر من 30 قنصلية بمدينتي الداخلة والعيون واعتراف حوالي مائة دولة بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي.
    أول دليل على الانتصار المغربي هو الامتعاض الرسمي للبوليساريو الذي عبر عنه البيان الصادر عنهم غداة صدور القرار وهو يستعمل عبارات “أضاع مجلس الأمن فرصة أخرى…” و”لم يستطع مجلس الأمن التصدي بشكل حاسم…” و”رفضها لاستمرار صمت مجلس الأمن…” و”رفضها القاطع لسياسة الأمر الواقع…” وتمسك الجبهة بقرارات 1991 وكأنها نهاية التاريخ.
    الدليل الثاني هو خطأ تقديرات المنجمين الذين تنبأوا بأن الإدارة الأمريكية الحالية تراجعت عن قرار ترامب بالاعتراف بمغربية الصحراء. ها هي ولاية بايدن على مشارف النهاية ولم يتغير الموقف الأمريكي وهو ما تنبأنا به في هذا البوح حينها وقلنا بأن هذا موقف دولة وليس موقف حزب حاكم أو موقف شخصي لساكن البيت الأبيض. الموقف الأمريكي خلال مناقشات مجلس الأمن عبرت عنه بوضوح ممثلة أمريكا في المجلس ليندا توماس غرينفيلد حين قالت بأن الولايات المتحدة تواصل اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي جادا وذا مصداقية وواقعيا معربة عن قلقها إزاء الأوضاع الإنسانية في تندوف. هل يملك أمثال المعطي وفؤاد عبد المومني وبوبكر الجامعي الشجاعة ليعترفوا بخطئهم؟ هل يتحلون لمرة واحدة في عمرهم بهذه الفضيلة؟
    الدليل الثالث هو عدد المصوتين لهذا القرار الذي بلغ 13 وهي الدول الأربعة صاحبة المقعد الدائم في المجلس، أي الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة وفرنسا، ثم تسعة دول أخرى غير دائمة العضوية وهي ألبانيا والبرازيل والإمارات والإكوادور والغابون وغانا واليابان ومالطا وسويسرا. وامتنعت كما هي حالها دائما روسيا احتجاجا على عدم الأخذ بعين الاعتبار تعديلاتها، وامتناعُها رسالة موجهة لأمريكا كاتبة نص القرار “صاحبة القلم” وليس اعتراضا على الحكم الذاتي، ولعل هذا ما وضحه ممثل روسيا ديمتري بولانسكي حين قال في جلسة التصويت بأنه لم يتم أخذ أي تعليق واحد من تعليقات بلاده في الاعتبار بما في ذلك التعليقات ذات الطبيعة التوفيقية. والممتنع الثاني هو موزمبيق التي لا تأثير لها. وهذه مناسبة لاستحضار القرارات السابقة حيث لم تنجح الجزائر بأموالها في استمالة أكثر من دولة في كل سنة كما كان الحال مع تونس ثم كينيا.
    الدليل الرابع هو تناغم القرار 2703 مع قرارات عامي 2021 و2022 مما يؤكد أن الانتصارات المغربية متواصلة وبشكل تراكمي يتسع مجاله داخل أروقة مجلس الأمن والأمم المتحدة وأصبح الحكم الذاتي الحل الواقعي الوحيد على الطاولة.
    الدليل الخامس هو انكشاف محاولات الجزائر الاختباء والتهرب من مسؤوليتها في هذا النزاع المفتعل. كل عناصر القرار تشير إلى أن الجزائر طرف ومشاركتها في البحث عن حل ضرورية.
    الدليل السادس هو الموقف الفرنسي الذي عبر عنه ممثلها نيكولا دي ريفيير الذي أكد تثمين بلاده لمبادرة الحكم الذاتي واستعجالها تنزيلها معبرا عن قلقه إزاء انتهاكات وقف إطلاق النار مطالبا الأطراف بتنفيذ الاتفاق لتسهيل العملية السياسية. لقد كان لافتا للانتباه تكرار عبارة دعم فرنسا لخطة الحكم الذاتي المغربية المطروحة على الطاولة منذ عام 2007 وتأكيده أن الوقت حان الآن “للمضي قدما فيها” وكذا حث جميع الأطراف على الالتزام بإيجاد حل دائم يقوم على التسوية ودعم استئناف محادثات المائدة المستديرة. أليس هذا الكلام موجه للجزائر؟ أليس فيه نوع من الاعتراف بتقصير فرنسا تجاه المغرب؟
    قد يكون الموقف الفرنسي خطوة نحو تصويب أخطائه تجاه المغرب ولكنها غير كافية لأن فرنسا تستطيع فعل أكثر من ذلك ويلزمها المزيد من الوضوح والاستمرارية وتجنب الازدواجية، ولكن الأهم أنها فهمت كلام جلالة الملك بأن قضية الصحراء هي الميزان والنظارة والمرجع الذي يقيس به المغرب علاقاته مع الغير.
    هذا هو مغرب الانتصارات، ومغرب الدفاع عن كرامة المغاربة وعدم التساهل في وحدته الترابية والوطنية.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    ارتفاع مؤشر ثقة المواطنين تجاه المؤسسات الأمنية والشعور بالأمن بالمغرب