صداقة الشجعان: إسبانيا والمغرب

صداقة الشجعان: إسبانيا والمغرب

A- A+
  • صداقة الشجعان: إسبانيا والمغرب

    انتهت الزيارة الناجحة التي قام بها الوفد الإسباني برئاسة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى المغرب، بعد يومين من الحوار الذي أسفر عن 19 اتفاقية تعزز روح الشراكة بين بوابتي القارة الأوروبية والقارة الإفريقية على حوض البحر الأبيض المتوسط، أكدت أن الوضوح والاحترام المتبادل والشراكات الحقيقية هو ما يجب أن يربط الدول على قاعدة الربح المشترك والحوار الجاد لحل كل الإشكالات العالقة بين بلدين جارين.

  • بعد توقف طويل بسبب الأزمة التي انفجرت العام الماضي، اجتمعت اللجنة العليا المشتركة المغربية الإسبانية، بقيادة وزيري الحكومتين أخنوش وسانشيز، وبمتابعة ورعاية من جلالة الملك في أدق التفاصيل.. كان الاجتماع ناجحا على أكثر من مستوى، بدليل مخرجاته العميقة غير المسبوقة في تاريخ العلاقات بين المغرب وإسبانيا، وهو ما أكده تصريح رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بإعلانه التزام بلاده في علاقاتها مع المغرب بـ «الشفافية والتواصل المستمر والحوار وسريان كل الاتفاقات المبرمة بين الجانبين». وقال: «سنلجأ دائماً إلى الحوار، وليس إلى فرض سياسة الأمر الواقع. أكدنا مجدداً صحة وسلامة جميع الاتفاقات بين الطرفين، تلك التي أرست أسس علاقاتنا في الماضي، وتلك التي حددت حدودنا، وتلك التي أرست آليات تعاون متطورة». وأوضح سانشيز، في كلمته، أن بلاده ستتجنب في خطابها ومواقفها وفي ممارستها السياسية «كل ما من شأنه الإساءة إلى الطرف الآخر، ولا سيما فيما يخص السيادة والشؤون الداخلية».

    إن الأمر يتعلق بصداقة الشجعان، فقد اتخذ سانشيز قرارا تاريخيا شجاعا، قدر من خلاله بميزان من ذهب المصالح العميقة لبلده، ووضع المغرب يده في يد إسبانيا لتعزيز شراكة اقتصادية وثقافية تاريخية تلتقط الجوانب المضيئة من تاريخ البلدين وحضارتهما المشتركة، ووضع الإشكالات العالقة التي تفرضها الجغرافيا أو جزء من الماضي الكولونيالي على مائدة التفاوض بدون عقدة النقص، العلاقة بين إسبانيا والمغرب اليوم هي مكسب للبلدين على قاعدة الندية واحترام السيادة الداخلية للبلدين وصنع تاريخ نوعي في مسار العلاقات بين دولتي حوض البحر الأبيض المتوسط من أجل الأجيال القادمة عوض سب وشتم المستقبل.

    على فرنسا أن تعي الدرس الناتج عن اجتماع اللجنة العليا المشتركة الإسبانية المغربية، وأن تلتقط بذكاء التخلص من ثقل التاريخ، والنزعة الاستعمارية لإخضاع وتطويع الشعوب والأمم كما حدث في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 هو ماضي ولّى، والوفاء لقيم الثورة الفرنسية وشعاراتها يقتضي من صناع القرار الفرنسي، أخذ العبرة بالتقدير الإسباني البعيد المدى لمصالح الدولتين لإرساء شراكة حقيقية قائمة على الوضوح والاحترام المتبادل والندية، عوض اللعب على تناقضات المنطقة، والنزعة البراغماتية الضيقة الناتجة عن الحاجة إلى الغاز، لتغيير جذري في علاقاتها مع المغرب، الأمر لا يتعلق بتغيير عاشق أو معشوقة بعاشق أو معشوقة أخرى، فاللاوعي الاستعماري هو من يتحدث خلف هذا المجاز الاستعاري الاستعماري.. فهذه السياسة هي التي أودت بفرنسا ماكرون إلى فقدان معاقلها التقليدية في قلب إفريقيا من مالي إلى غينيا بيساو، لقد مر زمن الحماية والوصاية والانتداب وكل أشكال الاستعمار المتخفي والمكشوف، ودقت ساعة علاقات صداقة الشجعان، المبنية على الاحترام المتبادل لا على الابتزاز، ستنتهي الحرب، وسينتهي مشكل الغاز، وستنقشع غيوم كثيرة، ويبقى ما ينفع في الأرض، هذا هو الدرس الذي استوعبه سانشيز ابن سيرفانتيس، وتخلف عنه ماكرون ابن موليير..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث