بوح الأحد: نجاح القمة المغربية الإسبانية يعمق ٱنحسار فرنسا في إفريقيا

بوح الأحد: نجاح القمة المغربية الإسبانية يعمق ٱنحسار فرنسا في إفريقيا

A- A+
  • بوح الأحد: نجاح القمة المغربية الإسبانية يعمق ٱنحسار فرنسا في إفريقيا و كتيبة الجزائر تفقد صوابها بترويج الأخبار الكاذبة و ٱنتكاسات أخرى على الأبواب

    أبو وائل الريفي
    يبدو أن كوارث البرلمان الأوربي لا حد لها ومحاولاته الاستباقية للتغطية عليها بافتعال قضايا تصرف نظر الرأي العام عن الفساد الذي يعشش داخل دواليبه فشلت. لم ينفع هذا البرلمان ادعاء الانتصار لحقوق الإنسان والدفاع عن استقلال القضاء، كما لم يُجْدِ نفعا افتعالُه لخصومة مجانية مع المغرب ومحاولة الزج به في معارك وهمية في قضايا تهم المغرب وحده ولا دخل لهذا البرلمان فيها إلا إذا كان يتعامل بمنطق استعماري مع شركائه. هذا أكبر سوء تفاهم يمكن أن يشوب العلاقة بين المغرب وبين بعض مكونات الاتحاد الأوربي التي تنظر للشراكة بعين الخضوع وليس التكافؤ وتتعامل مع شركائها بمنطق الأستاذية وليس الندية وتتصور مساعداتها لهذه الدول مبررا للتدخل في شؤونها السيادية واستباحة الحديث في شؤونها الداخلية.
    كان الأولى للفرق البرلمانية التركيز على تنظيف مطبخها الداخلي وسد الثغرات الكبيرة التي صارت مدخلا لإفساد ديمقراطية الاتحاد الأوربي وتزيد من إضعاف البرلمان تجاه غيره من مؤسسات الاتحاد، وخاصة المفوضية الأوربية، أكثر مما هو ضعيف من حيث الصلاحيات. للأسف، سقط البرلمان الأوربي في فخ الدولة الفرنسية العميقة التي تحكمت في مدخلات ومخرجات وسياقات بعض القرارات الانتقائية التي كان الهدف منها تصفية حسابات مع دول ترى فرنسا أنها تشق عليها عصا الطاعة وتخرج عن سيطرتها. آخر فضائح البرلمان الأوربي هي سلبيته تجاه التحقيقات بشأن تهم الرشاوي لبرلمانيين أوربيين، وتوجيهه بشكل غير مباشر للتناول الإعلامي لها ضد المغرب والتغاضي عن دول أخرى لاعتبارات سياسية ومالية.
    أصبحت اللعبة مكشوفة وصار الاستهداف للمغرب مفضوحا. كيف لهذا الإعلام أن يوجه كل مدفعيته للمغرب طيلة هذه المدة التي تقارب الشهر بسيل من التهم بدون أدلة ودون احترام لما تستلزمه المهنية والأخلاقيات والموضوعية ثم يتناول باحتشام المعلومات حول تورط دول أخرى بعد تأخر زمني ملفت للنظر ومثير للريبة؟ هل من تفسير منطقي لهذا التناول الإعلامي غير المتكافئ؟ لماذا لم يثر هذا الإعلام المعلومات المرتبطة بشبهة تورط الإمارات كذلك في هذه الاتهامات بنفس الحجم مقارنة مع غيرها؟ ألا يشم في هذا التحيز رائحة تصفية الحسابات أو الخضوع لإغراءات البترودولار؟ لماذا لم نسمع عن إمارات كيت كما سمعنا عن موروكو كيت؟
    كشفت التحقيقات، حسب ما تم تسريبه وبغض النظر عن حقيقته ودقته، عن تورط الهلال الأحمر الإماراتي في فضيحة الرشاوي التي دفعتها دولة الإمارات للبرلماني بانزيري حيث عثر عنده على أظرفة تحمل اسم وشعار الهلال الإماراتي تحتوي على مبالغ مالية كبيرة. السؤال الذي يفرض نفسه هو من يقف وراء تسريب وثائق التحقيق بهذا الترتيب الزمني ووفق هذه الأجندة؟ ولمصلحة من يتم تأخير تسريب وثائق بعينها وعدم تداولها إعلاميا بتضخيم كما حصل مع سابقاتها؟ أليست هناك جهة أو جهات هدفها الابتزاز والضغط؟ ما الذي يجعل البرلمان الأوربي، وهو المعني المباشر بهذه الفضائح، يتوارى إلى الوراء تاركا الملف لقوى خفية تتاجر فيه؟
    المفروض أن تفتيش بيت البرلماني بانزيري تم منذ مدة والوثائق التي يقال أنها ضبطت بحوزته متوفرة كذلك منذ مدة، فلماذا هذا الانتقاء في التسريب؟ ولماذا التركيز على المغرب بدون أدلة وتأخير ترويج ٱحتمال تورط الإمارات التي هناك وثائق مادية “تورطها”؟ ألا يؤكد هذا الانتقاء وجود مصالح للجهات المسربة في تصفية حسابات مع المغرب والتغاضي عن الإمارات لأسباب لم تعد خافية على أحد؟ ومرة أخرى يلزم التأكيد أن مجريات هذه القضية كلها لا تبعث على الاطمئنان وتلزم المتابع المحايد بالتريث وعدم استعجال الأحكام وتفرض على الإعلام المهني الحذر من أن يصبح سوطا في يد بعض القوى ضد دول بعينها. يلزم التأكيد كذلك على أن اتهام المغرب غير مبني على أساس لأنه لا يتصور أن يعطي ملايين الأورهات من أجل لا شيء وللضغط على برلمان أوربي لمنع إصدار قرارات يعي المغرب أنها بدون قوة إلزامية أو لتقوية مواقعه التفاوضية بشأن اتفاقات يعلم أن الاتحاد الأوربي أحوج إليها. يعي المغرب جيدا نقاط قوته وجدية محاوريه في المفوضية الأوربية وحدود دور البرلمان الأوربي، بل إن للمغرب تجارب مريرة مع بعض الجهات داخل هذا البرلمان التي تعرقل دائما تحسين العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي، ومنها بعض الأسماء التي تنسب اليوم للمغرب بهدف تشويهه.
    صار واضحا أن هناك جهات افتعلت هذا الملف لابتزاز دول خليجية ولما كبر هذا الملف وخوفا من الرأي العام الأوربي كان لازما أن تتحمل وزره دولة أخرى وبدا لهذه الجهات أن “الحائط القصير” هو المغرب، وأن المبررات المقنعة للرأي العام هي لعب ورقة حقوق الإنسان وحرية الصحافة واستقلال القضاء. فضيحة الارتشاء والفساد داخل البرلمان الأوربي تنتشر ومفاجآتها لا تتوقف ومحاولات التغطية عليها بقضايا أخرى باتت مكشوفة وعجز البرلمان الأوربي عن وضع حد لها صار حقيقة، بل إنه صار الحلقة الأضعف في مؤسسات الاتحاد الأوربي والأقل مصداقية بينها، وسيتضح هذا أكثر في الانتخابات القادمة من خلال حجم المشاركة ليفهم هؤلاء الذين كانوا وراء هذا المخطط أنهم أساؤوا للديمقراطية ولفكرة الاتحاد الأوربي وقيمه وأهدافه من حيث ظنوا أنهم يضعفون المغرب. انقلب السحر على الساحر ولم تزد هذه الحملة الظالمة المغرب إلا وحدة وقوة وتماسكا لأنه ألفها وكان مهيأ لمواجهتها ولأن كل شركائه يعون خلفياتها ومراميها ورفضوا السقوط فيها.
    للأسف، لم يُقَدّر البرلمانيون المنخرطون في هذه اللعبة القذرة أنهم يخربون بيوتهم بأيديهم ويضيفون أدلة أخرى إلى أصحاب أطروحة نهاية الاتحاد الأوربي وانتهاء مهامه وفشله في تحقيق أهدافه ويؤكدون صواب فكرة البريكسيت بانسحاب بريطانيا من هذا الاتحاد. جَعْلُ البرلمان الأوربي وكالة خدمات لبعض دول الاتحاد وسوطا تستعمله دول مثل فرنسا لابتزاز المغرب ومساومة دول خليجية انحدار أخلاقي ورعونة سياسية واعتراف مباشر بالهزيمة، وقد كان الأولى بهذه المؤسسة أن لا تسقط نفسها في هذا المأزق لأنها تسيء إلى مسار اتحاد هناك حاجة ماسة إليه قويا في هذا العالم في ظل التحولات التي يعيشها والتي تستلزم وجود فاعل قوي ومؤثر وموحد يدافع عن قيم الديمقراطية ويتمسك بمبادئ حقوق الإنسان ولا يتاجر بها.
    فرنسا بهذه الممارسات تضعف البرلمان الأوربي وترهنه بأجندتها، وتفقده طابعه التمثيلي للشعب الأوربي، وتجعله مجرد مجموعة ضغط بالمعنى السلبي للكلمة التي تعني الابتزاز. فرنسا بأنانيتها المعهودة تغامر بمصداقية مؤسسة في ظرفية مفصلية تواجه فيها القارة الأوربية تحديات وجودية، وإن لم تتحل باقي دول الاتحاد باليقظة وتواجه هذه الأنانية الفرنسية فإنها ستؤدي الثمن غاليا، وهو نفس الأمر المطلوب من باقي مؤسسات الاتحاد الأوربي.
    فرنسا الماكرونية أصبحت جزءا من مشكلة الاتحاد الأوربي ويصعب بمقاربتها لقضايا الاتحاد الأوربي وتصورها لمستقبلها كدولة أن تكون جزءا من الحل، ولذلك فقد كانت مدة ولايتها على رأس الاتحاد باهتة وبدون لمسة وبصمة ستبقى شاهدة على تحملها لهذه المسؤولية. أخفق ماكرون في تحقيق اختراق إيجابي في ملف الحرب الروسية الأوكرانية، كما أخفق في ملفات كثيرة. وهذه هي الحقيقة التي تريد فرنسا الماكرونية التغطية عليها أمام الرأي العام الفرنسي بافتعال قضايا أخرى والترويج لأطروحات عدائية لفرنسا ومصالح فرنسا.
    فشل البرلمان الأوربي في النيل من المغرب بمقرره الذي افتقد لأساس قانوني ودافع منطقي ووقائع صحيحة. فشلت فرنسا في جعل هذا القرار بالصيغة التي صدر بها يحظى بإشادة من باقي دول الاتحاد وتتبناه باقي مؤسسات الاتحاد. فشل القرار في حصد تعبئة إعلامية ضد المغرب لأنه لم تتوفر فيه مقومات المادة الإعلامية التي تستحق تصدر العناوين باستثناء الأبواق الدعائية لفرنسا مثل فرانس 24 التي تدوس كل المقتضيات الأخلاقية والمهنية وتتعسف على مهنة الصحافة وتكشف أنها منبرا دعائيا أقرب إلى “الإعلام العسكري” المملوك للدولة العميقة في فرنسا. صار تشويه المغرب مهمة رئيسية لدى بعض طاقم فرانس 24، بل إنهم صاروا مستعدين للتحايل على أبسط الشروط المهنية من أجل ذلك. يمكن لفرانس 24 أن تتبنى محتوى معاديا للمغرب دون أن يكون رأي المغرب حاضرا فيه، ويمكن أن تتدرع متعمدة بأوهى المبررات لتبرير هذا التغييب رغم علمها أن لا أحد سيصدقه. يمكن لهذه القناة بصفاقة أن تقاوم بشكل غير قانوني قرارات الجهات الوصية في فرنسا على الإعلام لتجنب الاعتذار عن أخطاء مهنية وقعت فيها لأنها متأكدة أنها ستكررها في المستقبل طالما أن الدولة العميقة تضع المغرب في خانة الاستهداف والعداء وطالما أنها مطمئنة أن معاقبتها من طرف هذه الجهات الوصية غير واردة.
    اتضح خلال هذا الأسبوع أن التوصية غير الملزمة للبرلمان الأوربي ضد المغرب لم تكن هدفا في حد ذاتها، واتضح أن الجهات التي وراءها كان هدفها الأساس تهيئة الأجواء لحملة أخرى أطول وأشد ضد المغرب للتشويش والتشويه والإلهاء. فشل الإعلام الفرنسي في جعل التوصية مادة إعلامية تحظى بمتابعة كبيرة لأن لا أحد اقتنع بصدق نوايا هذا البرلمان وأحقيته في الخوض في قضايا سيادية لدولة مستقلة مما جعل الحاجة ماسة إلى تحريك جهات أخرى. وكالعادة، فقد حان الدور على أذرع فرنسا الأخرى مثل أمنستي التي انخرطت مرة أخرى، فاضحة تبعيتها لفرنسا، بإصدار “أوامرها!!” للحكومة المغربية على سبيل “الاستعجال!!” للإفراج!!” عن زيان و”الإسقاط الفوري!!” للتهم “الزائفة!!”. اللغة المتعالية ومنطق الأستاذية والصيغة الآمرة لا تفارق بيانات أمنستي لأنها تخفي وراءها جهلها والطابع المسيس لعملها والخدمة الخبيثة التي تقوم بها.
    يمكن تفهم الجهل بالوقائع والقانون المغربي لدى منظمات غير عاملة بالمغرب بمبرر أنها لا تتوفر على المعطيات الكافية والإمكانيات اللازمة والمصادر المتنوعة لتشكيل مواقف متوازنة تجاه بعض القضايا كما هو الشأن مع بعض الجهات مثل لجنة حماية الصحفيين أو فريدوم هاوس التي تكتفي بالتواصل مع جهة واحدة وتشكل من خلالها قناعاتها التي تضعها في خانة الفاعل السياسي المتحيز لجهة معينة وليس المدافع عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة واستقلال القضاء، ولكن كيف يمكن أن تصدر تلك الأوامر عن أمنستي التي تشتغل في المغرب بدون قيود ومتاحة لها كل الوسائل؟ كيف تتجاهل أمنستي أن زيان ظل يتابع في حالة سراح منذ بداية المتابعة في حقه وطيلة المرحلة الابتدائية والاستئنافية؟ وكيف لا تعبأ أمنستي بحقوق ضحايا تحرشه المسنود بأدلة مادية غير قابلة للتشكيك؟ وكيف تتجرأ لمطالبة المغرب بالإسقاط الفوري والإفراج الفوري عنه؟ وكيف تتجرأ للمطالبة بمنحه وضعا امتيازيا عن غيره من السجناء؟
    كيف تتجرأ لجنة حماية الصحفيين على اللجوء إلى جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ليضغط على المغرب للإفراج عن عمر راضي وتوفيق بوعشرين وسليمان الريسوني؟ هل تتصور هذه اللجنة أن المغرب دولة مستباحة؟ هل تتجاهل طبيعة التهم التي يتابعون بها؟ لماذا لم تنتصر لضحايا بوعشرين وراضي ومنهن صحافيات كذلك؟ هل يرضى هؤلاء الثلاثة بهذه الصيغة للإفراج عنهم؟ هل يمكن أن يصل الاستقواء بالخارج إلى هذا الحد؟ هل هذا ما يبشرنا به الطوابرية؟ ألم تقع اللجنة في تناقض وهي تتحدث عن مزاعم تجسس المغرب على معارضين ببيغاسوس وفي الوقت نفسه تتبنى المزاعم وتجعلها حقائق؟ أليس في مطالبة اللجنة بوريل بالضغط على المغرب لإجراء تحقيق مستقل وكامل جهلا بالتحقيق الذي فتحه البرلمان الأوربي حول هذه الادعاءات ولم يصل لحد الآن إلى إثباتات ضد المغرب؟ لماذا لم تقم هذه اللجنة بمطالبة المنابر الإعلامية الشريكة معها بتقديم أدلتها الدامغة لإدانة المغرب بشكل نهائي وتضييق الخناق عليه؟ لماذا لم تطالب الاتحاد الأوربي بنفس المطالب تجاه دول أوربية تعترف بامتلاكها لبيغاسوس ولم تنف استعماله؟
    هذه فقط بعض الأمثلة التي تؤكد الخلفيات السياسية لهذه المنظمات التي تدعي أنها حقوقية، وتفضح انخراطها في أجندات عدائية ضد المغرب، وتكشف عدم صدق ادعاءاتها الموضوعية والحياد وتعاملها بمنظار واحد ومتكافئ مع كل الدول.
    لن تنجح فرنسا الماكرونية بهذه المؤامرات لإضعاف المغرب، كما لن تنجح في كسب ود أصدقائها القدامى الذين تفقدهم واحدا تلو الآخر. نجحت فرنسا في توسيع دائرة عداواتها وتسويق فشلها وكشف خلفياتها الاستعمارية. مشكل فرنسا ليس مع المغرب وحده ولكن مع كل افريقيا تقريبا التي بدأت تنظر لمصالحها بشكل موضوعي متحرر من الإكراهات التاريخية التي ورثتها عن الاستعمار الفرنسي. تخطئ إدارة ماكرون حين ترجع سبب ضعف فرنسا في افريقيا وتزايد موجة العداء ضد سياساتها إلى تيارات معادية لفرنسا. تختار إدارة ماكرون الجواب الجزئي السطحي لتخفي الأسباب الحقيقية لهذا الإخفاق والمتمثلة في مقاربتها الكولونيالية وغير المواكبة للتحولات الدولية وغير المكترثة بمصالح هذه الدول وغير الآبهة برغبات شعوبها.
    فشل فرنسا ماكرون في افريقيا مظهر فقط لفشل إدارته داخل فرنسا، وهو مظهر إضافي لفشلها دوليا وأوربيا. لم يعد بإمكان ماكرون تغطية الشمس بالغربال. ولذلك لم تعد التصريحات الرسمية لإدارته تطمئن الفرنسيين وغير الفرنسيين. أن تصرح المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية نافية وجود أزمة في العلاقات مع المغرب لا يعني أن علاقات فرنسا مع المغرب في أحسن حالاتها أو حتى في وضعها الطبيعي. لم تعد لغة المجاملات قادرة على إخفاء حقيقة الوضع الذي يلمسه المغاربة تجاه تصرفات فرنسا العدائية ضد المغرب. هل تقليص نسبة التأشيرات للمغاربة إجراء عادي؟ هل تعمد إذلال المغاربة عادي؟ هل تسليط المنابر الدعائية العمومية ضد المغرب عادي؟ هل تسخير الفريق البرلماني لماكرون كل قواه لدفع البرلمان الأوربي لتبني توصية عدائية للمغرب عادي؟
    لن تنطلي هذه التصريحات على المغرب لأن صلاحيتها الاستهلاكية نفذت منذ مدة طويلة ولم تعد حيلها تخدع المغاربة، ولن تغطي التصريحات الدبلوماسية الفضفاضة على الطعن الغادر في الظهر الذي تتولاه فرنسا ضد المغرب في كثير من المحافل الدولية. ستستهلك الدولة العميقة في فرنسا كل مخزونها من هذه الأسلحة القديمة دون أن تحصل على مرادها، وليس أمامها إلا الاعتراف بأخطائها وتجاوزاتها تجاه المغرب وإصلاحها والاعتراف بالأمر الواقع والتخلص من مقاربتها الاستعمارية القديمة والجديدة. والأولى لها أن تستنفذ جهودها في حل مشاكلها الداخلية بتحسين تدبيرها دون الاعتماد، كما في السابق، على شركائها كمتنفس اقتصادي لأزماتها الاجتماعية التي تتسع سنة بعد أخرى. الأجدر بفرنسا التركيز على حالة التوتر المتزايد داخلها والذي تهدد الإضرابات في قطاعات حيوية كالنقل والطاقة والصحة والتعليم بشل حركة البلاد وتكبيدها خسائر غير مسبوقة. الأولى لإدارة ماكرون تأمين الاكتفاء الطاقي لفرنسا دون لجوء الفرنسيين إلى التفريط في قيم الجمهورية لأن الحل الأسهل هو الجزائر ولكن كلفته على سمعة فرنسا مرتفع جدا بصمتها عن جرائم الكابرانات وفسادهم. والأولى لها البحث بجدية وموضوعية عن أسباب إخفاقاتها الدولية الناتجة عن أخطائها وعدم الاكتفاء بنسب ذلك إلى تيارات معادية لفرنسا لأن وجود هذه التيارات، إن صح ذلك، ليس إلا نتيجة وليس سببا.
    لا يمكن إغلاق هذا القوس دون تقديم دليل على صحة ما سبق. لنقارن بين العلاقات المغربية الفرنسية ونظيرتها مع اسبانيا، وحينها سيتضح مكمن الداء والعيب في أي اختلال بين شركاء هذه العلاقات الثنائية. لماذا تنجح الشراكة المغربية مع اسبانيا مقارنة مع مثيلتها مع فرنسا؟
    اكتست القمة الثنائية بين المغرب واسبانيا أهمية بالغة لأن الرهانات بشأنها كانت كبيرة تتجاوز ما هو ثنائي إلى ما هو إقليمي ودولي. فرنسا من جهتها تنظر بعين الريبة لهذه الشراكة وتتمنى فشلها لأنها، بنظرها القاصر وأنانيتها المفرطة، تتصور أن نجاح هذه العلاقة يضر بمصالحها في المغرب. نتائج القمة الثنائية والأجواء التي مرت فيها يعني الكثير، وزادها قوة الاتصال الملكي ببيدرو سانشيز ودعوته رسميا لزيارة للمغرب. هذا النجاح رسالة لكل شركاء المغرب مضمونها وفاء هذا البلد بالتزاماته واحترامه لشركائه وقدرته على تعزيز أجواء الثقة وتحويل الأزمات إلى فرص لكل أطراف الشراكة شريطة احترام سيادته ووحدته الترابية والوطنية واحترام مقتضيات الشراكة المتكافئة والشفافية والندية. ليس هناك خاسر في هذه الشراكة المفيدة للشعبين الجارين سوى طابور نظام الكابرانات وعصابات البوليساريو. لا يمكن إغفال أن جزءا من مكونات الائتلاف الحكومي لبيدرو سانشيز قاطع هذه القمة لأسباب غير مبررة، ولكنها خطوة مهمة لفضح هذا التيار المعادي للمغرب بدون سبب وكشف تناقضاته. ألم يكن من الأولى لهؤلاء أن يكونوا مبدئيين وواضحين وينسحبوا من هذا الائتلاف الحكومي؟ هل من الشفافية والأخلاق السياسية الاكتفاء بالمنزلة بين المنزلتين؟ ألا يعتبر هذا الموقف السلبي دليلا على خوف هذه المكونات من الشعب الإسباني الذي يعرفون جيدا أنه لا يرهن استقراراه ونموه بقضية يعرف جيدا تضاريسها والحل الكفيل بالتخلص من ورطتها؟
    تحييد هذه الأحزاب المؤيدة لعصابات البوليساريو واكتفاؤها بعدم الحضور للقمة دون شق التضامن والائتلاف الحكومي انتصار كبير للدبلوماسية المغربية وتأكيدا لصواب الخيارات الاستراتيجية التي ينهجها المغرب بقيادة جلالة الملك الذي دشن هذه الخطوة مع الإسبان في وقت صعب وفي ظل حسابات دقيقة وإكراهات شديدة.
    المتضرر الكبير من هذا التقارب هم أمثال سمبريرو الذي بدا كاليتيم المعزول العاجز عن التأثير في مجريات العلاقة التي تتوطد. وكالعادة، لا ينتظر من أمثال سمبريرو الصمت والاعتراف بخطئه. وكالعادة، أمام غياب وقائع حقيقية، يلجأ سمبريرو للفايك نيوز ظنا منه أن له من المصداقية وإمكانيات التأثير ما يشوش به على القمة الثنائية بأكاذيبه التي يوحي له بها اسياده. كذبة سمبريرو حول المغربي ياسين قنجاع لم تنطل على أحد ولم يستغرق كشفها إلا دقائق بعد نشرها لأن أساليب سمبريرو صارت معروفة واصطياده في الماء العكر بات مفضوحا ولم يعد يصدقه من المغاربة غير حوارييه من الطوابرية من أمثال لمرابط كبير المتضررين المغاربة من التقارب المغربي الإسباني.
    قطار مغرب النجاحات انطلق منذ مدة ولن توقفه هذه المؤامرات ولن تغير وجهته هذه الطعنات ولن يستطيع الوقوف أمامه هؤلاء المساميم والطوابرية. قطار مغرب النجاحات أدرى بوجهته وبالإكراهات التي تعترضه وبكلفة النجاح التي سيدفعها. قطار مغرب النجاحات يتولى قيادته جلالة الملك المعروف بحكمته وهدوئه وصبره وعدم تأثره بهذه المؤامرات. قطار مغرب النجاحات مسنود بدعم شعبي ولن يخيبه الله لأنه لا يريد إلحاق الضرر بالغير ولا يفكر إلا في ما يخدم مصلحة المغرب والمغاربة دون أن يكون على حساب الشركاء.
    نلتقي في بوح آخر.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية