العبرة بالنهايات في القمة العربية بالجزائر

العبرة بالنهايات في القمة العربية بالجزائر

A- A+
  • العبرة بالنهايات في القمة العربية بالجزائر

    عبر المغرب بأريحية عن قبوله استقبال وزير العدل الجزائري الذي يحمل دعوة رسمية إلى جلالة الملك لحضور القمة العربية المزمع عقدها بالجزائر في فاتح نونبر القادم، قرار المغرب منسجم مع خطاب جلالة الملك التاريخي في 20 غشت الذي توجه بقلب مفتوح إلى حكام الجزائر لبدء صفحة جديدة ونسيان الخلافات وفتح الحدود، الذي لم ير فيه كابرانات الجزائر سوى “تسول” و”لجوء” و”انسداد الأبواب أمام المخزن”… وغيره كثير مما سربه العسكر عبر أبواق الدعاية الإعلامية، قرار استقبال مرسول الجزائر برغم أنها أغلقت أجواءها في وجه الطائرات المغربية، هو تعبير عن أخلاق عالية في الصراع وتأكيد سياسة اليد الممدودة للمملكة وأيضا هو رؤية عميقة لجلالة الملك إلى جانب وحدة الصف العربي، وسنختبر النوايا بدءا من مدخلات القمة العربية ومخرجاتها، وهو ما يعتبر الحكم عليه و تقييمه سابقا لأوانه.

  • لكن كما يقول المغاربة، “من الخيمة خرج مايل”، فالذي يفكر في وحدة الصف العربي، يجب أن يكون مع وحدة الشعوب والأمم واحترام حدود الدول العربية، بدل تجزيئها وتقسيمها وتشجيع حركات الانفصال داخلها ورعايتها ومدها بالمال والسلاح عدا الدعم السياسي والإعلامي.. وهو للأسف ما تقوم به الجزائر عشية ونهارا.. من يراعي مصلحة الصف العربي، لا يمكنه أن ينشئ علاقات مع دول مناهضة لوحدة الصف العربي، وأن ينتصر لإيران ولتركيا على حساب المصلحة العربية.. وللأسف هذا عينه ما يقوم به حكام الجزائر الشقيقة.

    من يسعى إلى وحدة الصف العربي ويسعى إلى إدخال سوريا بدعوى عودتها إلى الصف العربي، يجب أن يكون قد مهد لذلك بجعل أولى قضايا القمة العربية هي إنجاز مصالحات كبرى، بين أطراف عربية متنازعة، وأن يقدم المثال بمد اليد إلى المغرب، لا عقد قمة عربية للضغط بها على المغرب، لأن ذلك لا يخدم وحدة الصف العربي الذي تدعي الجزائر الدفاع والمنافحة عنه.

    ثم من لا يزال يضع العصا في عجلة تجمع إقليمي وازن من حجم الاتحاد المغاربي، الذي يؤكد على التعاون المشترك بين بلدانه الخمس والذي تجرم بنوده استغلال أراضي إحدى الدول الخمس لشن هجوم على أي طرف منه، بل يؤكد ميثاق الاتحاد المغاربي على أن الاعتداء على دولة عضو بالاتحاد يعتبر اعتداء على مجموع الدول الخمس المشكل له، من لم يسمح بنسج علاقة سليمة مع دولة عربية جارة وأفشل ولا زال تجمعا إقليميا كاتحاد المغرب العربي، لا يمكن أن نعول عليه في تقريب وجهات النظر بين مختلف مكونات الصف العربي الذي وصل إلى ضعف وتشرذم غير مسبوق.

    نحن لا يمكن إلا أن نتمنى للقمة العربية بالجزائر النجاح في الخروج بتوصيات وتقريب وجهات النظر وتنفيذ مخرجاتها على أرض الواقع، لأن هذه هي الروح التي تحكم السياسة الخارجية للملك محمد السادس، وأي تقارب في وجهات النظر العربية لن يكون المغرب إلا فاعلا مركزيا فيه، ومستفيدا من ارتداده إذا خلصت النيات وصدقت الأعمال، لأن ما يعانيه المغرب حقيقة بخصوص قضية وحدته الترابية ليس هو حجم جبهة بوليساريو وإمكانياتها ولا خطابها المتهافت، إن بقي لها خطاب أصلا، ولكن هو المواجهة الموجودة مع الجزائر على جميع الأصعدة، وتورط الجزائر المفضوح في قضية ركبت عليها لمعاداة المغرب.

    غدا كما يقال ستبرز الحقيقة، وسنرى ما تسفر عنه القمة العربية بالجزائر، والمغرب الذي احتضن جل القمم العربية التاريخية التي صدرت عنها توصيات جريئة ومفصلية في التاريخ العربي، يعي صعوبات جمع الأنظمة العربية على مائدة واحدة، خاصة في ظل تباعد وجهات النظر وانهيار شامل للنظام العربي، ولا يمكن تصور قمة عربية خارج المغرب وبدونه، ويستحيل أن تخرج قمة عربية بتوصيات هامة لفائدة الوحدة العربية دون أن تكون للمملكة يد فيها، وننتظر وسنحكم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    السفير زنيبر يبحث مع غوتيريش ومسؤولين أمميين تفعيل أولويات مجلس حقوق الإنسان