دنيا الفيلالي المناضلة الطارئة .. أو الدرجة الصفر من النضال الحقوقي

دنيا الفيلالي المناضلة الطارئة .. أو الدرجة الصفر من النضال الحقوقي

A- A+
  • يبدو أن النضال الحقوقي أصبح مطية سهلة للاستثمار السياسي، ومدرا مغريا للمال، حيث يطلع علينا كل صباح من يدعي أن مناضل حقوقي ويدافع على حقوق الناس أمام الناس، وهو بينه وبين هذا المجال النبيل، الذي دفع ثمنه مناضلون حقيقيون الغالي والنفيس من أجل الدفع بالبلاد بشكل حثيث إلى التقدم.

    مناسبة هذا الكلام، هو أن إحدى المناضلات الجديدات، تدعى “دنيا الفيلالي” استفاقت صباحا وادعت أن مناضلة وصدقت الكذبة، بل زادت الطين بلة وطالبت باللجوء السياسي بجمهورية الصين الشعبية، تشتكي تعرضها للتضييق على حريتها في المغرب، وأعلنت حصولها على صفة لاجئة سياسية بالجمهورية الشعبية.

  • صحيح أن اللجوء السياسي حق كوني وإنساني يضطر له الأشخاص الذين يجدون أنفسهم معرضين للتهديد والخطر في حياتهم الجسدية، بسبب مواقفهم الثورية والإيديولوجية والسياسية، ووراءهم العديد من الأتباع الذين يتغنون بهم وببطولاتهم، لكن من تكون هذه “دنيا الفيلالي”؟ وبماذا طالبت؟ وما سقف هذه المطالب حتى تكون حياتها بالفعل معرضة للتهديد؟ وما نصيب جمهورية الصين الشعبية من حقوق الإنسان حتى يطلب اللجوء إليها مناضل أشوس لا يشق لا غبار؟

    واقعة تستحق الوقوف عندها والبحث عن الإجابة عن سؤال منطقي، هل نحن أمام مناضلة حقيقية لها خلاف مع الدولة يبرر لجوؤها السياسي، أم أننا أمام شخصية تلعب دور النضال من أجل مكسب شخصي لا أقل ولا أكثر.

    فهذه المناضلة “الطارئة” على حقوق الإنسان، والتي وضعت هذا النضال في الدرجة الصفر، ليست مناضلة بالمعنى الحقيقي والكامل لكلمة نضال، بما تعنيه من التزام وتمسك بالمبدأ في أي مكان أو زمان، ولا هي بالصحافية التي تدبج المقالات وتصيغ التحقيقات التي تنفض الغبار على العتمات، كما تحاول أن تروج له في كل مناسبة، وإلا فعليها أن تبسط لنا موادها الصحفية، إلا إذا تم اعتبار قناتها على اليوتوب عملا صحفيا، وهو الأمر الذي يمكن لأي ممتهن للصحافة أن يشهد أنه لا علاقة له بأي عمل صحفي مهني؛

    أو هي ربما تعتبر نشرها لموادها على الموقع الإخباري التابع لزوجها والذي ليست له أي صفة قانونية لا بالمغرب ولا خارجه من العمل الصحفي، وإلا فإن أي شخص يمكنه أن ينشر محتويات غير مستندة على أي حقائق بالصحفي، ناهيك عن الأسلوب الركيك والحجج المبنية على الشائعات ولغة التشهير.

    دنيا الفيلالي تشتكي في الكثير من مقاطعها على اليوتيوب أنها تتعرض لحملة تشهير، والواقع أنها في مقاطعها تتعرض لأشخاص بالأسماء وتشهر بهم بلغة فيها الكثير من لغة الكراهية والعنف اللفظي، وعلى ذكر هذا لا بأس بالتذكير بواقعة الدعوى القضائية التي رفعتها ضدها جمعية أجنبية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق ومصالح المهاجرين المنحدرين من إفريقيا جنوب، تتهم فيها صاحبة قناة “Dounia Filali Tv” بنشر تصريحات ومعطيات بواسطة الأنظمة المعلوماتية تتضمن تحريضا على الكراهية والتمييز بسبب العرق واللون، وهي التهم المرفوضة أخلاقيا والمجرمة بمقتضى القانون المغربي والتشريعات المقارنة وكذا الاتفاقيات الدولية.

    وكانت النيابة العامة بالرباط قد كلفت الضابطة القضائية، وفق مصادر إعلامية، بمهمة البحث في هذه الشكاية والاستماع إلى الممثل القانوني للجمعية الأجنبية الشاكية، وهو مواطن يحمل الجنسية السينغالية، والذي شدد على رفضه للتصريحات التي أدلت بها صاحبة القناة في معرض الدعاية لمنتج إلكتروني مزيف “والتي عممت فيها وصف النصب والتدليس على جميع الأفارقة الملوّنين، مقدمة بشكل معيب جميع المواطنين المنحدرين من دول جنوب الصحراء على أنهم يمتهنون النصب والاحتيال بالمغرب”.

    وهناك أيضا دعاوى قضائية أخرى تواجهها مرتبطة بالتشهير وترويج أخبار كاذبة، والنصب والاحتيال، ولكنها كمواطنة مغربية لم تمتثل للقضاء بالحضور أمامه والدفاع عن نفسها بما يكفله لها القانون من كل الضمانات التي يتمتع بها أي متهم، بل إنها فضلت الوقوف ضد بلدها، لدرجة أنه في صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن بشكل بسيط ملاحظة من يشجعونها ويدفعون بها إلى ارتكاب المزيد من الجرائم القانونية، ومن بينهم نشطاء في منظمة البوليساريو الإرهابية، ناهيك عن متطرفي اليسار ومن على شاكلتهم؛

    ثم ما الذي يمكن لدنيا الفيلالي أن تفعله لتكون مزعجة كما تدعي، أكثر من بوليساريو الداخل الذين يمارسون حقهم الكامل في التعبير، والأسماء في هذا الصدد كثيرة، آمنتو حيدر حرة طليقة في مدينة العيون تمارس حياتها رغم أنها معادية لوحدة البلد، وسلطانة خيا التي ترسل يوميا مقاطع تفبرك فيها انتهاكات لم تحصل وتتهم رجال الأمن بها، ولكنها حرة طليقة لا يمارس في حقها إلا ما ينص عليه القانون

    ما الذي ستكون دنيا الفيلالي هذه قد فعلته أكثر من هؤلاء؟ هل تعتقد فعلا أن ترديدها للأسطوانات المشروخة عن المخزن والقصص المفبركة عن الدولة ستكون ذات وقع؟

    المغرب بلد يواجه الكبار من الدول ويصارعها بهدوء ويسجل نقطا ويربح الصراعات بحكمة، وما إسبانيا وألمانيا عنا ببعيد؛

    المغرب يواجه أعتى منظمات الإرهاب ويكسر شوكتها بضبط نفس وحنكة، ولها في داعش والقاعدة خير مثال؛

    المغرب يواجه مشروعا لتقسيمه بأموال البترول منذ 1973، ولكنه ما يزال صامدا ويواجه العدو بالكثير من ضبط النفس والعفو عند المقدرة، ولها في العفو عن العائدين إلى أرض الوطن من مرتزقة البوليساريو المثال؛

    هذا المغرب لا يمكنه أن يتأثر بخرجات روتين دنيا الفيلالي اليومي وممارستها لجرائم قانونية كاملة المعالم، هذه البلد فيها قانون، وتتعامل مع كل مخالف بما يقتضيه هذا القانون، ولكن مثل دنيا الفيلالي ومن يدورون في فلكها، لا يريدون لدولة القانون أن تقول كلمتها، ويفضلون مصالحهم ولو على مصلحة وطنهم، لذلك ساروا في درب الخيانة، بتلفيق القصص، والتشهير والسب والقذف ولعب دور الضحية؛

    لقد واجهت هذه البلد نصابين مثل هذه من قبل، نصابين أكثر قوة ومكرا من سذاجة دنيا الفيلالي، ولكن التاريخ ينساهم، لأنهم لم يكونوا على طرف الحق، فبالأحرى دنيا الفيلالي.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    المتفرج الأمريكي يكتشف تاريخ المغرب الحديث من خلال فيلم “خمسة وخمسين”