بروفايلات من زمن كورونا : محمد راضي الليلي من منبوذ القبيلة إلى منبوذ الذات.

بروفايلات من زمن كورونا : محمد راضي الليلي من منبوذ القبيلة إلى منبوذ الذات.

A- A+
  • أبو وائل الريفي

    ولد محمد راضي الليلي خارج مؤسسة الزواج من أم عازبة من قبيلة أزرقيين في فاتح غشت 1975، ثلاثة أشهر ويزِيد قبل المسيرة الخضراء في دوار لَبْيَارْ الذي يوجد على بعد 44 كلم من جنوب مدينة گلميم.

  • بعد ازدياد المولود وتحت ضغط العائلة للكشف عن الأب البيولوجي لم تجد دَمَّاحَة بُدّاً من الاعتراف بكون رضيعها هو ثمرة علاقة مع المختار الليلي بن خطري، أحد أبناء قبيلة تُوبَّالت الذي كان متزوجا منذ ستينيات القرن الماضي من سيدة أخرى وله منها ثلاثة أبناء.

    المختار الليلي أنكر في البداية أي علاقة مع دَمَّاحَة أو أنه الأب البيولوجي للرضيع وصمد لمدة غير يسيرة لضغوط القبيلة قبل أن يقبل بعد تدخلات أعيان القبيلتين أزرقيين و تُوبَّالت ويعترف بالمولود كإبن له ويقبل بتسجيله بكناش الحالة المدنية ونسبه لزوجته الشرعية شريفة الزاوي، دون أن يوثق الزواج من دَمَّاحَة.

    بعد نجاحها في تسجيل مولودها في الحالة المدنية للمختار الليلي تركت دَمَّاحَة الزيعر لأبويها القيام برعاية وتربية محمد راضي.

    إنجاب محمد راضي خارج مؤسسة الزواج كانت فضيحة بكل المقاييس لاحقت دَمَّاحَة وأفراد أسرتها خصوصا في مغرب السبعينيات من القرن الماضي في مجتمع قبلي محافظ، لقد أترت فضيحة دَمَّاحَة على سمعة العائلة أمام أبناء القبيلة، ففكر أفراد القبيلة أمام تزايد القيل والقال حول السلوك المتحرر لدَمَّاحَة في وسط مغرق في المحافظة الاجتماعية في تزويج ابنتهم لوضع حد لتناسل الإشاعات وتفاديا لوقوعها في تجربة جديدة لحمل جديد خارج مؤسسة الزواج ولم يكن لهم من خيار سوى اللجوء إلى المختار الليلي فنجح أعيان القبيلتين في دفع المختار إلى القيام بمبادرة إنقاذ ثانية “زواج و طلاق” على الورق تمهيدا لزواج ابنتهم من جديد وهكذا حصلت دَمَّاحَة على “صك الخلاص والعفة” بعد عام ونصف من ازدياد محمد راضي بتاريخ 12 فبراير 1977، لتتزوج من جديد برجل يعمل حارسا في مدرسة ابتدائية بگلميم.

    عاش محمد راضي مع جده وجدته لأمه ولم يكن وهو صغير السن يعرف مدلول “ولد دَمَّاحَة الزيعر” و قساوة المدلول إلا حين ولوجه إعدادية محمد بن الحسن الحضرمي فثانوية لالة مريم ثم ثانوية “باب الصحراء” وكان عليه أن يواجه في صمت همس أبناء القبائل الذين لم يرحموه بالغمز واللمز وأحيانا بصريح العبارة حيث كان يُنعث “بِالفَرْخْ” وهي صفة ذات مدلول قدحي جعلت محمد راضي منبوذ المجتمع العشائري بامتياز، حدث سيرهن شباب ومستقبل راضي الصغير الذي بدأ يبحث عن سبل النجاح بأي ثمن خارج المجتمع العشائري التقليدي المحافظ ليبحث عن مستقبل حيث يحقق النجومية وينتقم لدَمَّاحَة الزيعر التي فرضت عليها القبيلة أن ترتبط بواحد من “خليقات مولانا” فقط لتبني زيجة قصد إخراس الألسن.

    سنة 2008 تمكن محمد راضي الليلي من استصدار حكم قضائي من المحكمة الابتدائية بگلميم يقضي بتغيير اسم والدته من “شريفة بنت محمد” إلى “دَمَّاحَة الزيعر بنت محمد”، معللا إقدام المختار الليلي على تسجيله باسم زوجة أبيه وعدم نسبه لوالدته الحقيقية بعدم توفر هذه الأخيرة، التي اعتبرها زوجة ثانية لوالده، على عقد زواج مكتوب عند ازدياده.

    هذه العقدة لازمت محمد راضي إلى اليوم وحتى عندما قرر الارتباط بنصف روحه لم يخترها حيث يلقب “بِالفَرْخْ” وبالزناگي (بدون انتماء قبلي واضح)، بل اختارها من أصل غرباوي ليكمل نصف دينه وعندما رُزق منها بذكر اختار له اسم محمد مختار.

    إنها عقدة الأب الذي أعطاه إسما ونسي أن يكفله وتركه لجده وجدته لأمه يساعدهم في “جني البرسيم” ليبيعه في “رحبة الزرع” و “رحبة الطين” قبل أن يشتغل في فترة من الفترات كمساعد لصاحب ورشة لإصلاح الأجهزة الإلكترونية.

    علاقة راضي الليلي بأبيه البيولوجي المفترض كانت متنافرة، فبالنسبة للمختار فراضي غير موجود، هو جزء من زمن طوى صفحته، فأبو راضي لم يكن “راضي” بماضيه ولهذا كان يتحاشى الكلام عنه ويشيح عنه بوجهه كلما ذكر اسمه.

    مات المختار لكن لا شيء تغير في حياة راضي كأنه لم يكن، راضي هو راضي والليلي كنسب أخذه بقرار مشترك لأعيان قبيلتين (الزرقيين و تُوبَّالت) لنزع فتيل أزمة وليس انتماءا خالصا.

    شكلت مرحلة العيون والدراسة في ثانوية محمد الخامس أهم مرحلة في حياة راضي، لأن منها سينطلق إلى فضاء أرحب، فضاء جامعة محمد الخامس لكي يبدأ رحلة الألف ميل التي انقلبت فيها حياته رأسا على عقب.

    المجد بالنسبة لراضي له مدلول واحد ألا يبقى نكرة، أن ينجح نجاحا يجعل والده يتودد إليه وينسبه إليه في جلسات العشيرة عوض أن يتحاشاه ويشيح عنه بوجهه..يريد أن يصبح مشهورا، أن تكون مشهورا في مغرب أيام زمان ومغرب اليوم (رَاهْ بَانْ فالتَلْفَزَة) هو أن تسكن في الإذاعة والتلفزة فهي التي تصنع المشاهير.

    ولد دَمَّاحَة كان لابد له أن ينتصر وكانت البداية كمتعاون خارجي متعاقد في الإذاعة المغربية بين 2010-1999 براتب “سمين” لايتجاوز 1500 درهم أصبحت 2500 درهم في سنة 2001 قبل أن تصبح فيما بعد 5000 درهم.

    بعد أحداث أگديم إزيك تم توظيف راضي الليلي بوزارة التربية الوطنية بدون مباراة فقط بقرار من قرارات “الريع الوظيفي” وأصبح “متصرف” في القطاع العام.

    فماذا جرى بين 2011 و 2013 ولماذا تحولت النجومية والشهرة التي وصلها محمد راضي الليلي إلى وبال على الفَرْخْ الزناگي ولد گلميم.

    وإلى الحلقة الموالية راضي الليلي و”الصعود إلى الحضيض”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    السفير زنيبر يبحث مع غوتيريش ومسؤولين أمميين تفعيل أولويات مجلس حقوق الإنسان