إلى محمد برادة صديقا حميما ومواطنا نبيلا

إلى محمد برادة صديقا حميما ومواطنا نبيلا

A- A+
  • وأنت الآن ممدد على سريرك الأبيض، بعد أن مسك ضر الوباء الكوني، لا يسعنا إلا نرفع أكفنا للسماء للدعاء لك بالشفاء العاجل، فلا زال الوطن في حاجة لخدماتك الجليلة ولما تتمتع به مزايا مهنية وإنسانية، لقد احتككت بك عن قرب في أوقات الشدة كما في أوقات الرخاء، ولمست طيبتك كابن شرق أصيل، ووقفت على الكثير من نبلك، وهي شهادة يتقاسمها معي معظم الزملاء الذي خبروك عن بعد..

    سي محمد برادة أشهر من نار على علم، فقد عاش في قلب مهنة المتاعب كموزع وخبير وعايش أجيالا من الصحفيين، ورافق تطورات المشهد الإعلامي بالمغرب، وكيف أنه حلم في نهاية السبعينيات، حين كان حتى الحلم شبه مستحيل، بتأسيس مقاولة وطنية حملت شعار «جريدة لكل مواطن» وحققت انتصارا كبيرا بجمعها بين توزيع صحف رسمية حكومية وموالية وصحف معارضة في الآن ذاته، ظل محمد برادة على الدوام قريبا من الجسم الصحافي، وله أيادي بيضاء في ظهور وصمود الصحافة المستقلة، خاصة الأسبوعيات منذ نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة، ولم يكن يوما رقيبا على أي جريدة من الجرائد التي توزعها شركة «سابريس» سابقا التي كان يديرها لعقود طويلة..

  • سي محمد برادة أيضا لمن لا يعرفه فهو مبدع، رغم أنه ترأس شركة تهتم بتوزيع الصحف أي بالأرقام، لكنه يمتلك حاسة إبداعية فريدة، ولا توجد في كل من مارسوا هذه المهمة بعده، لأنه لم يكن أبدا تقنيا أو محاسباتيا، بل كان يمتلك ذكاء استثنائيا في قضايا وهموم الصحافة ومهتما بكل إشكالاتها، وقربه من الإبداع وشرف مهنته ظلا متناغما في مسار حياته، ليس لمحمد برادة أعداء، لذاك فهو صديق للكل، وكان يتدخل حتى في النزاعات التي كانت تنشب بين الفينة والأخرى بين الصحافيين أو بين مدراء الصحف، وحتى داخل الجريدة الواحدة، حتى أصبحنا نلقبه بصاحب الخيط الأبيض..

    برادة الصديق الحميم والصادق يمتاز ببعد نظر، إن توجيهاته دوما كانت تتسم بنظرة بعيدة، ورغم مغادرته وكالة سابريس لتوزيع الصحف، ظل منخرطا في الإشكالات التي تهم المشهد الإعلامي، حيث ظل يدافع دوما عن تجسيد مقاولة إعلامية عصرية كمطلب ملح من كافة الأطراف المتدخلة في المجال، صحيح لم يحقق حلمه في أن تصل كل مواطن جريدته، لكن هذه قضية مجتمع وأمة بأسرها، لأن برادة ظل في كل المواقع يدافع عن أن تكون لنا كمغاربة صحافة نستحقها لأن دورها لا زال مفتوحا بل ضروريا لمواكبة الأوراش الكبيرة التي يعرفها المغرب، وفي آخر لقاء له كان قد عبر عن الأمل في أن يحظى موضوع الإعلام، والصحافة بشكل خاص، بالعناية اللازمة، ويكون من بين الأولويات التي ستناقشها لجنة النموذج التنوي الجديد التي يرأسها شكيب بنموسى..

    لنا كل الأمل في شفائك يا صديقي، وستعود كما عودتنا إلى الحلبة كفارس، لأن البلد في حاجة إليك، الصحافة خاصة بحاجة ماسة إلى مدافع صنديد لتحتل المرتبة التي تليق بها وسط هذا المجتمع، سندعو لك من قلوبنا لتغادر سريرك وتعود إلى ساحة المنازلة، من أجل الدفاع عن الصحافة التي يستحقها المغاربة، وسلمت من أي عطب أو داء، وسنستمر لك في الدعاء حتى نراك بيننا مرة أخرى، ونعيد ما كنا قد أخذنا فيه من نقاش وجدل حول ما تعبره الصحافة الوطنية والمجتمع المغربي عامة في هذه اللحظة التاريخية الحرجة…

    بالشفاء العاجل صديقنا العزيز وننتظر عودتك لنا بأحر من الجمر

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب: علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي في الفلاحة غنية