موقف عبد الرحيم الشيخي حول العلاقات بين الجنسين يفجر الخلاف بين الإسلاميين

موقف عبد الرحيم الشيخي حول العلاقات بين الجنسين يفجر الخلاف بين الإسلاميين

A- A+
  • فجرت تصريحات عبد الرحيم الشيخي، في مداخلة له بمناسبة ندوة علمية نظّمتها حركة “التوحيد والإصلاح” الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، أول أمس الجمعة، جدلا كبيرا في صفوف الإخوان الذين عبروا عن غضبهم ورفضهم لتصريحات رئيس الحركة، الذي قال “إنّ كل ما جرّمه الإسلام في العلاقات خارج إطار الزواج هو العلاقة الجنسية فقط”.

    وجاءت هذه الندوة في الوقت الذي خرجت بعض الأصوات المنتمية للصف الحداثي مطالبة الإسلاميين بالاعتراف بالحريات الفردية على خلفية اعتقال ومحاكمة الصحافية هاجر الريسوني، ابنة أخ الرئيس السابق لحركة “التوحيد والإصلاح” ورئيس “الاتحاد العالمي للمسلمين” حالياً أحمد الريسوني، وبعد أن توالت في السنوات القليلة الماضية حالات تفجير فضائح جنسية لأعضاء في الحركة الإسلامية؛ قال رئيس الحركة، بمناسبة هذه الندوة، إنّه يدعم مشروع القانون المعروض على البرلمان المغربي، والذي يحمل تعديلات تقر بعض الحقوق الفردية.

  • وفاجأ رئيس الحركة الإسلامية عبد الرحيم الشيخي، في تصريح صحافي، على هامش الندوة، إخوانه المتشددين في فهم النصوص والأحكام الدينية، بالقول :” إنه ركّز في مداخلته المقدمة أمام الندوة، على العلاقات بين الشباب، مؤكدا أنها تحتاج إلى تدقيق في النصوص القانونية”، موضحا أنّ “العلاقات الجنسية التي ينطبق عليها وصف الزنا المذكور في القرآن معروف، وشروط الإثبات عليه صعبة جداً، وبالتالي فإنّ توسيع هذا المفهوم ليشمل جميع العلاقات بما فيها تلك البريئة التي ليس فيها أي بعد من الأبعاد، هو نوع من الإجحاف”.

    وبخصوص موقفه من إباحة الإجهاض، التي ينادي به الحداثيون، أوضح الشيخي أنّ حركته عبّرت عن موقفها رسمياً قبل بضع سنوات، حين تم فتح نقاش وطني حول الموضوع، وأردف: “قلنا إن هذه المقاربة التشاركية التي تضم مؤسسات الدولة التشريعية والحقوقية ومؤسسة العلماء، وما تصل إليه، نعتبره اجتهادا صوابا”.

    وتعبيراً منه عن مساندة التعديلات المنتظر أن يدخلها مشروع قانون معروض على البرلمان على بعض من بنود القانون الجنائي، اعتبر الشيخي أن التعديلات جاءت بناء على نقاش بين تلك المؤسسات، وقال: “نحن نقدر بأنها اجتهادات مقدرة وغير مسبوقة، وإن كانت موجودة في عدة دول عربية وإسلامية متفرقة فإنها هكذا مجتمعة لا توجد في أي بلد إسلامي، وهذا من الإيجابيات التي يجب أن نثمنها ونسعى إلى أن ندقق ما أمكن في الإجراءات التي تحمي المجتمع والأسرة والنساء اللواتي يتعرضن لبعض الإشكالات”.

    وفي المقابل، صدرت ردود فعل غاضبة من طرف قيادات بالحركة الإسلامية تجاه هذه المواقف التي فجرت الصف الإسلامي، حيث عبر العضو القيادي محمد بولوز، ونشر ردا مطولا على رئيس الحركة، بعنوان يحمل الشيء الكثير من الأورثدوكسية والتشنج في فهم النص، وإغلاق كل إمكانية للاجتهاد حيث قال: “ليس المحرم هو الجنس فقط خارج الزواج، وإنما مقدماته وممهداته أيضا”.

    وقال بولوز، في تدوينة نشرها يوم أمس السبت، عبر صفحته الشخصية في “فيسبوك”، استهلها بالقول إن “ما يُسمح به في إطار شريعتنا بين الرجل والمرأة الأجنبيين عن بعضهما، هو الكلام بالمعروف عند الحاجة في المكان المفتوح أمام الناس، في غير خلوة ولا ريبة ولا شهوة، ومن غير تماس ولا تقارب أنفاس ولا مصافحة ولا ما فوق ذلك، إلى بلوغ الجماع”.

    وشدد بولوز، في رده على الشيخي، بتوظيف أدلة اعتبرها شرعية من القرآن والسنة، “للقول بتحريم اتخاذ الخلان بين الجنسين، أي الصداقة التي يقصد بها اجتماع بعضهم ببعض من غير عقد شرعي، وتحريم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبيين، وتحريم اللمس بغرض الشهوة ومقدمات الجماع”.

    تصريحات الشيخي المثيرة استفزت قيادي آخر في صفوف الحركة، وهو محمد الهلالي، المعروف بمحافظته في العديد من الخرجات وبتشدده ومعارضته لمقررات الحركة، ويعتبر من أتباع الريسوني الرئيس السابق للحركة، حيث رأى أن كثيرا من الحريات الفردية تتصادم مع حرمات شرعية، وقال: “ممارستها في الفضاء الخاص يندرج في إطار المعاصي والذنوب، وبعضها يصل إلى درجة الكبائر التي رتب الله عليها عقوبات دينية مختلفة، حتى وإن كانت رضائية، إلا من تاب وأصلح، أما ممارسة بعض هذه الحريات الفردية في الفضاء العمومي (المجاهرة) فيعاقب عليها القانون إلى جانب عقوبة الشرع الأخروية”.

    من جانبها رحبت القيادية في حزب العدالة والتنمية آمنة ماء العينين، بتصريحات الشيخي، وشجعت فتح باب الاجتهاد، لمعالجة إشكال معاصر لا يمكن الاستكانة فيه إلى فتوى القرن الخامس والسادس الهجري، وقالت في تدوينة في صفحتها بـ”فيسيوك” :” أنا مؤمنة أن موضوع الحرية في بعدها الفردي والجماعي موضوع سيرفع عنه “الإسلاميون” الحظر يوما، وسيحررون نقاشه وسيتجاوزون الأنساق التقليدية المغلقة التي يقاربونه من داخلها، رغم أن جوهر الدين والتدين هو الحرية، كما أن حرية العقيدة والاعتقاد هي أم الحريات الفردية التي كفلها الله ولازال البشر يمسكونها عن بعضهم البعض.
    سيأخذ الأمر وقتا، وسيُصْلب الذين يغامرون بطرح الأسئلة في هذه المرحلة، وسيخوض الخائضون في أشخاصهم قبل أفكارهم، ثم سيصل الوقت ليتحدث الجميع… هكذا شهدت حركية التاريخ والأمثلة كثيرة”.

    وكان رئيس الحركة عبد الرحيم الشيخي، قد قال، في خطابه أمام الندوة التي نظّمتها الحركة، أول أمس الجمعة، في الرباط، إنّ كل ما دون العلاقة الجنسية “من التقاء ومصافحة وقبلة، فهي أشياء غير مجرمة لا شرعا ولا قانونا في العلاقات الرضائية”. واستغرب الشيخي سبب القول بوجود جريمة في علاقة بين شباب لم يصلوا إلى درجة الممارسة الجنسية، معتبرا أن “هذا الأمر يستغل من أجل ممارسة القمع السياسي ليس إلا”.

    وتساءل الشيخي، في الندوة: “أين الجريمة في العلاقات اليوم بين الشباب؟ قديما كان المجتمع يرفضها لكنها اليوم موجودة. هذه العلاقات تبدأ من المصافحة إلى السلام إلى القبل… لكن المجرم شرعا هو الزنا، أي الجماع، وما دون ذلك لا أعتبره جريمة”، مشيرا في ذات السياق وتلميحا لما وقع للوزير الإسلامي السابق محمد يتيم الذي اشتهر بفضيحة المدلكة، ولما وقع للقيادية البيجيدية ماء العينين، التي نزعت الحجاب في شوارع باريس بالقول :”الجميع اليوم، وليس غير الإسلاميين فقط، يرتبطون بعلاقات تختلف مستوياتها، وبالتالي هناك إشكال في هذه القضية يستغل ليس لمواجهة الفساد، بل في بعض الأحيان يستغل فقط لتصفية بعض الحسابات السياسية”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    التقدم والاشتراكية: الاحتلال الإسرائيلي يتحدى العالم ويدعو العرب للتحرك السريع