لغة التدريس ومزايدة السياسيين

لغة التدريس ومزايدة السياسيين

A- A+
  • فجر “مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي” المعروض على أنظار البرلمان العديد من النقاشات خاصة تلك المرتبطة بإشكالية لغات تدريس العلوم في المدرسة المغربية، بأي لغة سندرس تلاميذتنا العلوم، خاصة في المستويات العليا، ما يلاحظ في النقاش المرتبط بقضية حيوية ومصيرية هو المزايدات السياسية وتكييف النقاش لخدمة أغراض انتخابوية وسياسوية ضيقة، لا تراعي حيوية المسألة التي تحدد مستقبل الأجيال القادمة والشكل الذي سيكون عليه المغرب في القادم من الأيام، ليكون في مستوى التحديات المطروحة على أبنائنا مستقبلا.

    معظم النقاش الدائر يخوض غماره أشباه المتعلمين، وأنصاف الأميين، والإيديولوجيين المتعربين أو المتمزغين أو المتفرنسين أو المتدرجين “التوابل”، خارج أي فهم عميق لمعطيات الموضوع الذي يغيب عن الجدل فيه الحكماء واللسانيون وأهل العلم… دائما في الحروب المغلوطة تغيب الحقيقة وتبرز فهلوية المتسيسين وخدام المصالح، وكذا الموضوعون رهن الإشارة الذين يملؤون البلد جعجعة بلا طحين…

  • المفروض هو أن المجلس الأعلى للتعليم كان قد أعطى رأيه حول “مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي” الذي جاء استجابة لطلب تقدم به رئيس الحكومة في هذا الصدد، دراسة لمدى تجاوب المشروع مع الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والتمسك بوحدتها، وتحليل البعد الحقوقي الضامن لتنفيذ مضمون القانون الإطار. وهو الرأي الذي أشاد به مختلف الفاعلين وخلق إجماعا وطنيا حول تصوره العلمي والعملي لمختلف القضايا المطروحة.. فلم كل هذا اللغط وهذا الضجيج اليوم حول لغة تدريس العلوم في المدرسة المغربية؟.

    الكل يحس بأن هناك نوعا من البلوكاج، كلما تعلق الأمر بمسألة العدالة اللغوية والثقافية بالمغرب، لا يمكن لأي أمة أن تتقدم وهي مغتربة عن لسانها، وبالنسبة للمغرب حتى مع مسلسل التعريب تم توقيف المسلسل في التعليم الثاني وإبقاء الفرنسية كلغة أساسية لتدريس العلوم في الجامعة، وهو ما خلق جيلا يعيش فصاما ويمشي مشية الغراب، ليس الأمر نزهة ولا بلاغة خطابية في مرافعات الإيديولوجيين والسياسيين الموضوعين رهن إشارات جهات في الداخل أو الخارج، بل بمستقبل فلذات أكبادنا وبمصير التعليم بالبلد. وكان الأمر يقتضي الوقوف على مخاطر ما أنتجه ازدواج اللسان في لغة التدريس بالعربية والفرنسية في مجال العلوم، التفكير منذ زمن بعيد في البدائل وإعداد الأساتذة والكتب والمقررات والمناهج، قبل أن نصل حتى اليوم ليقول لنا وزير التربية الوطنية السيد أمزازي أنّ شروط اعتماد اللغة الإنجليزية لغة ثانية للتدريس لمْ تنضج بعد.. وأن “الجميع يعلم أنَّ كتب العلوم حاليا متوفرة باللغة الإنجليزية أكثر من اللغة الفرنسية، وباللغة الفرنسية أكثر من اللغة العربية، لكنّنا نعتمد التدريس باللغة الفرنسية، لأنّ لدينا رأسمال بشري من الأساتذة المتمكنين من اللغة الفرنسية”، وأنه إذا قررنا التدريس باللغة الإنجليزية فإننا سنواجَه بخصاص كبير في الرأسمال البشري المؤهّل، وعلينا انتظار عام الفيل.. هذا هو الارتجال، وهذا هو التخربيق بعينه..

    الذين يتحدثون عن تدريس العلوم بالدارجة أو بالفرنسية يوجدون في نفس الخانة تقريبا، لأن العدالة اللغوية والثقافية تعني الحق في اللغة الأم أوّلا كلغة للتدريس، وبالموازاة مع ذلك وفي إطار الانفتاح على العالم الذي لا يعتبر اختياريا لتحقيق التقدم والعيش في العصر، يفرض الحق في التدريس باللغة العالمية الأكثر تقدما وتداولا في كافة المجالات، وهي الإنجليزية على كل حال، وليست الفرنسية كما يحاول أن يوهمنا خدام المصالح الفرنكفونية.

    فدعونا من النقاشات البيزنطية، ومن الركوب الانتخابي على قضية حيوية للأمة المغربية، والادعاء بالخصاص يعري التدبير العمومي والسياسات العمومية في غياب أي تخطيط استراتيجي بعيد المدى للقضية اللغوية والثقافية بالمغرب، فالأمر ليس نزهة وليس غنيمة حزبية للاقتتال الإيديولوجي وفهلوات الشعبويين والديماغوجيين، بل بمستقبل الأمة المغربية.. إن كنا فعلا نهتم بهذا المستقبل وبهذه الأمة…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    رسميا: توزيع المناصب بمجلس النواب ومروى الأنصاري تحصل على منصب بالمكتب