تأبيد بوتفليقة على رأس السلطة “عدو” الديمقراطية

تأبيد بوتفليقة على رأس السلطة “عدو” الديمقراطية

A- A+
  • ونحن نتتبع ما يحدث بالشقيقة الجزائر من مهزلة انتخابية تحاول أن تحنط رأس السلطة، من خلال تأبيد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وكما عبر عن ذلك بكامل الوضوح رئيس الوزراء الأسبق عبد المالك سلال، الذي يشغل وظيفة مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة، فإن “مرض الرئيس حقيقة تاريخية، وبوتفليقة كان في صحة جيدة لما كانت الجزائر مريضة واليوم هي في صحة جيدة وهو مريض”..

    إذا كانت الجزائر الشقيقة بصحة وعافية حقا، فإن إكرام الميت دفنه لا ترشيحه، كما جاء في الشعارات التي رفعتها الحشود المتظاهرة ضد ترشيح عبد العزيز بوتفليقة الذي يفتقد الأهلية بسبب عجزه العقلي والجسدي، فإذا كانت الجزائر في صحة جيدة، فمعناه أن لديها أطرا وقياديين يستطيعون التنافس الحر في انتخابات ديمقراطية نزيهة، ليتمكن الشعب الجزائري من اختيار الرئيس الذي يرتضيه، أما الاستدلال بكون الجزائر في حاجة لضمان التطور السياسي والاقتصادي في البلاد، ولا بد أن يكون على رأس الدولة رجل يتمتع بالخبرة والتجربة، فهذا احتقار لذكاء الشعب الجزائري، واستهزاء بنخبه وطبقته السياسية.. هل بوتفليقة وحده من يملك الخبرة والكفاءة في الجزائر؟ هل هو وحده المؤهل لتحقيق الإجماع الوطني؟

  • إن مجرد طرح اسم عبد العزيز بوتفليقة- شفاه الله- للترشح لولاية خامسة معناه أن الجزائر ليست في صحة جيدة، وإذا كان مجتمعها معافى ومؤسساتها قوية فإن رأسها مريض، إن سعي الجيش إلى تحنيط رأس السلطة وتحويل بوتفليقة الذي يوجد في شروط إنسانية لا تسمح له بممارسة السلطة وإدارة دفة البلاد إلى صنم على رأس الجمهورية، يدل على أن هناك تخوفا كبيرا من فراغ رأس السلطة، وأن الإجماع الحاصل ليس حول مؤسسات الدولة ولكن حول شخص الرئيس الذي برحيله وحتى بمعرفة عدم أهليته لتسيير دفة الحكم، يمكن أن يعرض كل البلاد إلى عدم الاستقرار.. وهذا وحده يغتال أي نفحة من الديمقراطية بالجزائر.. لكن ما الذي يخفيه المتحكمون في صناعة القرار بقصر المرادية؟

    كشف الموقع الفرنسي “مغرب انتليجنس maghreb-intelligence” أن باريس كانت تعارض بشدة ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.. ولكن لماذا عادت لمراجعة حساباتها، حيث وافقت رسمياً على سيناريو خلافة الرئيس الجزائري لنفسه؟

    يؤكد ذات الموقع المعروف بصدقية الأخبار التي يكشف عنها أنه “بعد عدة محادثات بدأت على أعلى مستوى وبأقصى تقدير مع مبعوثين من الجزائر، ونقلاً عن مصدر مقرب من الإليزيه، أوضح أن الرئاسة الفرنسية لم تجد بديلا آخر تراهن عليه، معتبرة أن خيار أحمد أويحيى الوزير الأول، ورئيس حزب السلطة الثاني (التجمع الوطني الديمقراطي) غير صالح، نظرا لكونه لا يحقق الإجماع داخل القيادة العليا للجيش الجزائري، وأضاف المصدر أنه يمكن لوصول أويحيى أن يثير انقلابا عسكريا، كما توضح مذكرة من الاستخبارات الفرنسية موجهة إلى الإليزيه.. وعليه يقول المصدر: “شروط الانتقال السلمي بقيادة أحمد أويحيى دون وقوع أضرار لم تتحقق بعد في الجزائر”.

    وكل المباحثات التي جرت كانت في قلبها حماية المصالح الفرنسية المنتشرة بالطول والعرض في قلب مستعمراتها السابقة.. فأين هي القيم الديمقراطية والاقتراع الحر، وحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، طالما أن السلطة الحاكمة في الجزائر تدعي دوما دفاعها عن حقوق الآخرين في تقرير مصيرهم، فالأولى أن تكون منسجمة مع نفسها، وتترك صناديق الاقتراع هي التي تتكلم حتى يكون الشعب الجزائري سيد نفسه، وأن يقرر وحده مصيره دون وصاية لا من الجيش ولا من الأجهزة الاستخباراتية التي تختار له ما يناسبه كأن الشعب الجزائري وقواه الحية قاصرة..

    نعم عبد العزيز بوتفليقة – شافاه الله – قدم خدمات جليلة لوطنه، لكن هل يجب أن يكافئه الشعب الجزائري بتأبيده في الرئاسة التي لايمارسها حقيقة بفعل افتقاده شروط السلامة الصحية، أما المنطق الذي تحدث به مدير الحملة الانتخابية المحسوم في نتائجها من الآن، حين أوصى الشعب الجزائري بـ “ضرورة العمل على إنجاح الموعد الانتخابي المقبل، وضمان فوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بولاية رئاسية جديدة”. فالسلطة ليست جائزة للمكافأة والاسترضاء، وليست وساما نكافئ به الأشخاص على عطاءاتهم، إنها مسؤولية ثقيلة تهم مستقبل أمة وأجيال قادمة ومصير شعب… وفي الختام نتمنى للشعب الجزائري الشقيق أن يقرر مصيره بيده بعيدا عن وصاية صناع قراره الذين يلوون عنق الحقيقة في توظيف تقرير المصير حسب مزاجهم ومصلحتهم “البترولية” عفوا الأنانية..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    ألمانيا: إقبال واسع على رواق المغرب في أكبر معارض التكنولوجيا الصناعية