مسيرة الصحراء تتعزز

مسيرة الصحراء تتعزز

A- A+
  • حين بدأ المغرب يلعب ورقة دبلوماسية جديدة نوعية ترتبط بفتح القنصليات والسفارات الأجنبية بأكبر مدن أقاليمنا الجنوبية، كانت الجزائر- ورضيعها الصغير الذي لم يشب عن الفطام بعد- تشيع أن الأمر يتعلق بشبه دول أو دول صغرى غير مؤثرة، لكن حين دخلت دول كبرى من حجم الأردن والإمارات العربية والغابون وغينيا والبحرين وغيرها، أصيبت أبواق الدعاية الجزائرية بالخرس، بل إنها منذ بداية هذا الأسبوع أصيبت بالسعار اتجاه جارها الغربي، لأن الحدث كان من حجم ووزن إفريقي كبير، والأمر لا يتعلق بسمكة أبريل الذي تبدو أنها قد علقت في شباك الصيد الجزائري، لأن إعلامها هو الوحيد الذي لا يزال ينشر البيانات العسكرية لجبهة بوليساريو عن معارك وهمية لم تكن تجري إلا في مخيلة مهندسي السياسة الجزائرية.
    فقد افتتح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، ونظيرته السنغالية إيساتا تال سال، يوم الإثنين 5 أبريل الجاري، مقر القنصلية العامة لجمهورية السنغال في مدينة الداخلة بالصحراء المغربية، وهو ما يرفع عدد التمثيليات الدبلوماسية في الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى 21 قنصلية، حيث تضم مدينة العيون 11 بعثة دبلوماسية لكل من جزر القمر والغابون وإفريقيا الوسطى وساو تومي وبرينسيبي وكوت ديفوار وبوروندي وزامبيا وإسواتيني والإمارات العربية المتحدة والبحرين والأردن.. وتحتضن مدينة الداخلة 10 قنصليات لكل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي وبوركينا فاسو وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية وليبيريا وجيبوتي وغينيا وغامبيا والسنغال، والخير ما زال جاي القدام.
    هذه الانتصارات الدبلوماسية المتتالية للمملكة، جعلت جبهة بوليساريو تناور من جديد وتطلب من المغرب تفاوضا مباشرا، لتخرج بعدها الجزائر على لسان وزير خارجيتها صبري بوقادوم، فيما يشبه توزيع الأدوار بدعوة الأطراف إلى “مفاوضات مباشرة وجدية” حول الصحراء بين البوليساريو والمغرب لتسوية النزاع المستمر منذ عقود، والحقيقة أن قرارات مجلس الأمن الدولي أشارت إلى أن الجزائر طرف أساسي في النزاع حول الصحراء المغربية، ولا يمكن أن تقدم نفسها في وضع من يقدم النصح لأطراف معنية في قضية بعيدة عنها، فالعالم كله يعرف أن لا وجود لجبهة بوليساريو خارج الدعم الجزائري، وأن أي تعبير عن حسن نية من طرف الجزائر يفرض دخولها في حوار مباشر مع المغرب في قضية وحدته الترابية، فمن يعطي الدروس يجب أن يكون قدوة ويرفع يده عن ملف كان السبب الرئيسي وراء خلقه ودعمه ورعايته، ومده بكل أسباب الحياة ضد الجار الغربي.. كأن الأمر استباق واضح لرفض المبعوث الأممي الجديد الذي جرى اقتراحه من طرف الأمم المتحدة، وهذا يبدو واضحا في تصريحات وزير الخارجية الجزائري بوقادوم الذي قال إن “تعيين مبعوث أممي جديد لا يكفي، ويجب أن يكون هناك مسار”.
    بالنسبة للمغرب، الملف بيد الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن واضحة توصي بحل سلمي متوافق عليه، والمملكة لتعبر عن حسن نيتها قامت بتقديم مقترح الحكم الذاتي الذي وصف بالجاد والواقعي، وخلصت إليه كل الجهود الدبلوماسية الوازنة، بما فيها مبعوثو الأمم المتحدة وعلى رأسهم فان بيتر فالسوم، ولا أحد يملك فضيلة إعطاء الدروس للمملكة، خاصة من بلد يقوم بكل شيء كي لا ينتهي ملف الصحراء المغربية، وإذا كان العسكر الحاكم في الجزائر يريد حلا فليعبر عن حسن نيته بقبول وزير الخارجية البرتغالي الذي تم اقتراحه من طرف المنتظم الدولي كمبعوث أممي ويسير المغرب نحو قبوله كتعبير عن حسن النية في طي الملف، بدل التشكيك والسير نحو رفضه كما رفضت سابقيه فيما يشبه عملية القفز بالزانة على جوهر القضية، هذا هو حسن النية والنظرة الإيجابية لإنهاء المشكل المفتعل بالصحراء والذي تديره الجزائر وتدعمه بأموال طائلة يعتبر الشعب الجزائري أولى بها في ظروف هذه الأزمة الاقتصادية التي يعرفها البلد.. فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    بَركان تضع الجزائر فوق فوهة بُركان