الميركاتو الانتخابي

الميركاتو الانتخابي

A- A+
  • الانتخابات على الأبواب، تبدو كل الأحزاب منشغلة بالميركاتو الانتخابي، الاستقطابات على أشدها ونحن على بعد ستة أشهر من الاقتراع المزمع إجراؤه في خريف هذا العام، لقد ربح المغرب احترام الدورة الانتخابية مؤسساتيا أي أن الفاعلين السياسيين والهيئة الناخبة لم تفاجأ بامتلاك الدولة وحدها توقيت الأجندة الانتخابية، وهو استحقاق دستوري يحقق التراكم في مجال البناء الديمقراطي..
    كل الأحزاب مهتمة بالفوز أو بتحقيق نتائج إيجابية في هذا الديربي الانتخابي، لكن المشكل يكمن في أن الانتخابات القادمة ستجرى بنفس التشكيلة القديمة، إذ عوض سعي الأحزاب لاستقطاب لاعبين جدد متمرسين لهم كل مؤهلات التنافس الانتخابي بروح رياضية، أخذ زعماء الأحزاب يأكلون من بعضهم البعض، ويتنافسون على نفس اللاعبين التقليديين الذين سئمنا وجوههم ويئسنا من طريقة لعبهم التي تفتقد للمهارة وللتمريرات الذكية والأداء الفني العالي..
    أحزابنا منشغلة فقط بربح الانتخابات، لذلك لا تهمها الكلفة السياسية لهذا الربح وكيف ستكون تشكيلتها التي تقدمها للانتخابات القادمة، لذلك يجري استقطاب الأعيان هذه الأيام من طرف كل الأحزاب السياسية، باعتبار تمرسهم في الميركاتو الانتخابي، ولهم دربة كبرى في خوض المنافسة الانتخابية، ولا يكلفون الأحزاب شيئا على اعتبار أن لهم جمهورهم وهيئتهم الناخبة المعروفة، ولهم إمكانيات مادية لا حصر لها، والدائرة الانتخابية يتوارثونها ويسيرونها كما يسيرون إقطاعياتهم الممتدة، لذلك لا تتعب الأحزاب نفسها في البحث عن لاعبين جدد وضخ دماء جديدة في تشكيلة فريقها الانتخابي، كأن العالم لم يتغير، والمغرب توقف عند انتخابات الثمانينيات والتسعينيات، وكأن ليس هناك جيل جديد تأطر في ظل التغيرات الكبرى التي جلبتها الشبكات الاجتماعية للتواصل في عصر الثورة الرقمية، وكأننا لسنا في العقد الثالث من الألفية الثالثة وأمام المغرب تحديات كبرى غير تلك التي اعتادها الأعيان التقليديون في تدبير شؤون الجماعات أو في شكل حضورهم في البرلمان وفي المؤسسات المنتخبة إقليميا وجهويا..
    لدينا أحزاب تفتقد لروح المغامرة وخيالها السياسي جد ضعيف وأدوات ممارستها السياسية بائتة ومتخلفة، وخطابها مكرر لم يعد يثير أي شهية، لذلك انفصلت عن المجتمع الذي أصبح يسير في واد وأحزابنا في واد آخر، وفقدت «النسغ» الحيوي الذي يمدها بأسباب الحياة، وأصبحت مثل جزر معزولة عن الامتداد الاجتماعي، لذلك أضرب عنها المواطنون، وفقدوا ثقتهم في أشكال تمثيلها لهم، لأن عرضها السياسي يفتقد للجودة والفعالية والمصداقية الملازمة لأي فعل سياسي.. هل يتسع الحقل السياسي اليوم لنفس الوجوه التقليدية من الأعيان الذين يهجمون مثل الجراد على الانتخابات ويكتسحونها، نفس الأسماء في نفس الدوائر تقريبا، نفس وجوه اللاعبين الذين حفظناهم ومللنا سحناتهم وطريقة لعبهم حتى أضرب الجمهور عن حضور مبارياتهم حتى قبل زمن كورونا..
    المغرب تغير وشباب اليوم الذين وصلوا إلى سن التصويت ليسوا مثل الجيل السابق من المغاربة، لأنهم أبناء الأنترنيت، جيل الفايسبوك والتويتر واليوتوب، جيل يعرف بقوة ما يحدث في كل بلدان العالم دون الحاجة إلى جواز سفر وفيزا، خمسة دراهم من الروشارج تجعل الشاب المغربي اليوم يقيم في أرض أرقى الديمقراطيات، ويتابع ما يحدث في أكثر الدول فقرا وتخلفا، جيل له طموحات مغايرة ويلزمه عرض مغاير واستجابات مختلفة، فهل تملك الوجوه التقليدية من الأعيان الذين تلهث كل الأحزاب وراءهم لقيادة لوائحها في الانتخابات القادمة، فهما بطبيعة المغرب الجديد ما بعد كورونا؟ هل العرض الموجود اليوم من اللاعبين في الميركاتو الحزبي يعد بمباراة ساخنة وفنون اللعب الرياضي الأنيق والإبداع في ساحة الملعب السياسي؟ ها أنا ها أنتم.. ماية الانتخابات تكذب الغطاس.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الوكالة المغربية للمياه والغابات بتعاون مع الدرك الملكي تطلق حملة واسعة للبحث