ثريا جبران…وفاة صاحبة صرخة ” العيطة عليك أعبدالرحمان” بعد مسار حافل

ثريا جبران…وفاة صاحبة صرخة ” العيطة عليك أعبدالرحمان” بعد مسار حافل

A- A+
  • لن يسمع اليوم المغاربة صوتها القوي والمميز وحضورها الطاغي وشخصيتها القوية، وهي تعتلي ركح المسرح كملكة متوجة، لقد غادرتنا ثريا جبران سيدة المسرح المغربي عن عمر يناهز 68 سنة، بعد رصيد فني حافل وأدوار لافتة في المسرح والتلفزيون والسينما، بل وحتى في عالم الإشهار.

    لم تكن السعدية قريطيف، “الكازاوية” ابنت درب السلطان بالدار البيضاء، تظن أنها ستصير ذات شأن وتصبح فنانة فبالأحرى أن تكون وزيرة في حكومة عباس الفاسي الاستقلالية.

  • بدأت حياة السعدية قريطيف، التي استعارت اسم “جبران” من زوج شقيقتها سنة 1952، من درب السلطان، حيث قضت جزء مهما من حياتها بدار الأطفال المتواجدة بحي عين الشق، بالنظر
    إلى كون والدتها كانت تشتغل في هذا الفضاء، قبل أن تصير في رعاية محمد جبران، زوج شقيقتها، الذي صار في فترة من الفترات مسؤولا عن مصحة دار الأطفال.

    ولجت ثريا المسرح بدعم من شقيق زوجتها وتشجيع من المخرج والممثل الراحل عبد العظيم الشناوي، لتلتحق في أواخر الستينيات من القرن الماضي بمعهد المسرح الوطني بالرباط، ومنذ ذلك الوقت وهي تعيش أدوار المهمشين، وتعبر عن حياتهم على ركح المسرح؛ ما جعلها تحت أعين المراقبين والسلطات التي كانت تنزعج حينها من الأعمال الفنية الملتزمة.

    طوال مسارها، كانت تتذكر ثريا جبران حادث اختطافها. ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل إن الأدوار التي أدتها حينها والتعابير التي كانت تطلقها، خاصة أنها كانت محسوبة على حزب الاتحاد

    الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض آنذاك، جعلت من مجهولين يحلقون شعر رأسها لمنعها من المشاركة في برنامج حواري على القناة الثانية.

    يختلط ما هو سياسي وماهو فني في سيرة الراحلة ثريا جبران، ففي سنة 1998، احتفت ثريا جبران بوصول حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي في تجربة التناوب التوافقي، وقدمت
    مسرحية حافلة بكل الآمال الممكنة التي يعلقها المغاربة على هذه الحكومة، وكان عنوان المسرحية “العيطة عليك أعبد الرحمان”. وواصلت تجربتها المسرحية بعمل آخر يدين الطبقة المخملية في البلاد، بعنوان “امرأة غاضبة”، وتلتها مسرحية أخرى عن جيوب مقاومة التغيير، بعنوان “الجنرال”.

    أثار تعيينها في منصب وزيرة للثقافة الكثير من الجدل سنة 2007، خاصة أن الراحلة ثريا جبران لم تكن حاصلة على شواهد عليا، بينما استغل مؤيدوها رصيدها الفني والمسرحي وحصولها على وسام الاستحقاق الوطني ووسام الجمهورية الفرنسية للفنون والآداب مبررا للدفاع عن شغلها هذا المنصب.

    ثريا جبران، ورغم ما تعرضت له من انتقاد حينها، وأصرت على تقديم الأعمال الفنية، مؤكدة أنها لن تتخلى عن هويتها كفنانة.

    لم يدم جلوس “بنت الشعب”، كما تسمي نفسها، على كرسي الوزارة كثيرا، فسرعان ما عجل المرض بتقديمها استقالتها من منصبها، إلا أنها استطاعت خلال تلك الفترة أن تدافع عن

    الفنانين من أبناء حرفتها، وحضر الهاجس الخيري في برامج عملها من خلال مجموعة من التدابير المتعلقة بقانون الفنان وبطاقة الفنان والتغطية الصحية لكل المشتغلين في القطاع الفني.

    من بين قفشات الراحلة التي مازالت تتردد عنها، أن الملك محمد السادس طلب منها أن تقف بجانبه خلال التقاط مجموعة من الفنانين صورة جماعية معه إثر إهدائهم له لوحة تشكيلية حول مناهضة الإرهاب بعد واقعة الأحداث التي شهدتها الدار البيضاء في 2003، حيث خاطبها الملك مازحا: “دابا ما كاين مخزن”، وهي عبارة وردت في مشهد من مسرحيتها الشهيرة “ياك غير أنا”.

    ثريا جبران أجابت الملك حينها: “عنداك يسمعونا ويجيو يشدونا”، الأمر الذي أضحك الملك محمد السادس؛ ما أثار انتباه الحاضرين من الفنانين الذين سألوها عما قالته للملك، فأجابتهم بـ”خبث” فكاهي بأنها طلبت منه “كريمة طيارة”.

    لدائما كانت الرعاية الملكية تشمل ثريا جبران في وعكاتها الصحية، و لاسيما في أيام عمرها الأخيرة، حينما دخلت مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة الدارالبيضاء، قبل أن تقول المشيئة الإلهية كلمتها وترحل عنا سيدة المسرح المغربي ثريا جبران، لكن أعمالها ستظل راسخة في ذاكرة الشعب المغربي.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي