الانتهازيون… لا مكان لهم بيننا

الانتهازيون… لا مكان لهم بيننا

صندوق الاقتراع

A- A+
  • لم تعد ظاهرة الانتهازيين مقتصرة على مجال دون آخر، من السياسة إلى الإدارة، ومن التجارة إلى مختلف المهن والحرف، ومن الوظائف السامية إلى المهام الصغرى لموظفين في عدة قطاعات، حتى سلوك المواطنين العاديين..في العديد من النواحي والمجالات، ولم يعد أخطبوط الانتهازية محصورا في مجالات محددة، بقدر ما بسط الانتهازيون نفوذهم في كل المجالات من الدين إلى السياسة إلى الاقتصاد فالمجتمع..

    والمؤسف حقا أن وباء الانتهازية لم يعد سريا بل أصبح علنيا ويعبر عن نفسه بدون قناع أو التستر وراء حجاب.. والانتهازيون مهما تعددت أقنعتهم فهم بشكل عام بروح واحدة وهي اقتناص الفرص، السعي وراء المصالح الشخصية على حساب المجتمع، الفوز بالمغانم بدون وجه حق وبلا جهد، ضعف الولاء للحزب والوطن، لا ضمير أخلاقي لهم وبسببهم انعدمت العديد من القيم، وتقهقرت الكثير من المبادئ، فهم سبب فقدان الثقة في السياسة لأنهم لوثوا الأحزاب والجمعيات والمنظمات، ومس مرض الانتهازية جسد مؤسسات الدولة..

  • قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):” آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”، وعن عبد الله بن مسعود قال: “ثلاث من كن فيه فهو منافق، كذوب إذا حدّث، مخالف إذا وعد، خائن إذ اؤتمن” فمن كانت فيه خصلة من هذه المثالب فهو انتهازي.. إن انتشار موجة الاستهلاك وانتشار النماذج السلبية شجعت كل من وصل إلى مراتب المسؤولية “باش يزرب على الفلوس قبل ما يزربو عليه ويزولوه” ومستعد لبيع ضميره وشرفه في سبيل ما يحصل عليه من ثروة أو منصب أو مال مهما صغر حجمه، ممن يصدق في حقهم القول بأنهم باعوا أنفسهم بثمن بخس..

    امتلأت أحزابنا بـ “حرايفية” الانتخابات الذين يستغلون حاجة المواطنين للتلاعب بأصواتهم وخداعهم بالأوهام التي يطلقونها، انتهازيون من كل المشارب وصلوا إلى مراكز تنظيمية متقدمة، راكموا ثروات لا تناسب دخلهم أو راتبهم في غياب الضمير والمراقبة والمحاسبة، وتحملوا مسؤوليات مجالس منتخبة في المجالس البلدية والإقليمية والجهوية، ووصلوا قبة البرلمان، وتسربوا لجمعيات المجتمع المدني والمركزيات النقابية، ولوثوا مسؤوليات حساسة في جسد الدولة في مؤسسات أصبحت تتعرض للضرب وفقدان المصداقية من طرف المواطنين، يوما عن يوم..

    هؤلاء الانتهازيون على مختلف ألوانهم وأصنافهم، هم سبب هذا الوضع العام الذي يستغله زراع اليأس في الوطن وفي قيام “تامغربيت”، وقد استشعر الملك خطورة سرطان الانتهازية في جسد الإدارة والسياسة، وقال في خطابه الأخير بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، “لا مكان للانتهازيين بيننا”، صرخة عالية لا يمكن أن تكون بمثابة صيحة في واد، فهذا المعول الهدام عمل جاهدا للقضاء على ما تبقى من القيم و المبادئ والإيديولوجيات، حيث نجد السياسيين والمسؤولين الكبار مستعدين لتغيير أفكارهم ومبادئهم وحزبهم وبيع ضمائرهم من أجل الحصول على الغنيمة والثروة..

    مغرب الغد يجب أن تحاصر فيه القوانين هؤلاء الانتهازيين الطفيليين، وهو عمل يجب أن يقع على عاتق الدولة والمجتمع، يجب أن تعود الأحزاب والمنظمات والجمعيات إلى سابق عهدها حين كانت مشتلا للأطر النظيفة، وللمناضلين المتعففين المستعدين للتضحية والبذل والعطاء دون أن ينتظروا لا جزاء ولا شكورا، وأن تكون مؤسسات الدولة مكانا للبدل والعطاء للوطن بدل أن تشكل بيضة فاسدة لتفريخ الانتهازيين والمنافقين. حتى لا يكون في مغرب الغد انتهازي واحد بيننا… أقول قولي هذا بصدق وليذهب الانتهازيون إلى الجحيم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    20أبريل 2024:فرحات مهني يستعد للإعلان عن ولادة جديدة لجمهورية القبايل بنيويورك