الَّلِعب السِّياسي صْغار بزّاف

الَّلِعب السِّياسي صْغار بزّاف

A- A+
  • المتأمل لما يحدث في المشهد السياسي سيصاب بالحسرة بلا أدنى شك وبالأسف على نوعية الفاعلين السياسيين والخطاب الذي ينتجه هؤلاء، لا تنقصنا الدلائل عما نقول، فحادثة البرلماني الذي ضبط في وضعية غش وبحوزته ثلاثة هواتف نقالة وهو مترشح للبكالوريا، وينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الذي رفع شعارات التخليق والنزاهة ومحاربة الفساد وقدم أعضاءه وقيادييه كقديسين لا يأتيهم الباطل من خلفهم ولا من بين أيديهم.. فإذا بالفقيه “اللي نعولو على براكتو دخل الجامع ببلغتو..”.

    والصراعات التي نشبت داخل حزب “البام”، وطبيعة الحرب الدائرة بين حكيم بن شماس وخصومه من ذات الحزب الذي كان قد ملأ الدنيا وشغل الناس ويبدو اليوم مثل فص ملح، يتعرض للذوبان السريع كأنه ما كان، والصراع الدائر ليس حول اختلاف إيديولوجي أو تناقض مذهبي وفكري، ولا حول مواقف كبرى لا تحركها مطامع صغرى، وإنما زحام “الأتوبيس”، تيدابزو على البلايص فقط.. شكون اللي يجلس الأول.

  • ونوعية البرلمانيين اللذين أصبحت تقدمهم الأحزاب السياسية، هل يعرفون الإكراهات الكبرى للدولة، هل يفقهون شيئا في الاستراتيجية الكبرى للملك محمد السادس في الداخل كما في الخارج، ما هو السياق الإقليمي الحرج الذي تعبره المنطقة المغاربية، وأزمة أوربا اليوم وإسقاطاتها على المغرب، وما يحدث في الخليج من تناحر بين إيران والسعودية وتركيا، والأدوار التي أصبحت تلعبها دولة الإمارات في ليبيا والسودان وفي مساجد أوربا وكأنها تنافس المغرب الصديق التاريخي لدولة آل نهيان والتي أصبحت تلعب في المطبخ الدولي مستغلة رفاهها الاقتصادي، وفي الداخل هل يعي البرلمانيون حجم الضغط الممارس على المالية العمومية وحجم اتساع دائرة المطالب الاجتماعية.. مع طموح المغرب الاستمرار في توسيع قاعدة المشاريع الكبرى المهيكلة..

    وزعماء أحزابنا من اليمين إلى اليسار، الحاذقون فقط في التّرياش الدجاجي لبعضهم البعض بلغة شعبوية منحطة، الذين اختزلوا كل مهامهم الوطنية في رقعة أحزابهم وتنظيماتهم التي أصبحت معزولة عن المجتمع المغربي وقضاياه ومطالبه الحيوية، ولا يفكرون إلا في الانتخابات، حتى أصبح الزمن المغربي كله عبارة عن محطة انتخابية ممتدة، الكل يفكر اليوم في صناديق الاقتراع وموقعه في الحكومة القادمة وحصة أتباعه من المناصب و”المغانم”، والمجتمع متروك لجحيمه.. ولقوى سياسية عبثية لا يهمها استقرار المملكة ولا تقدمها ولا بناء ديمقراطي بها ولا هم يحزنون، قوى عمياء تركب على المطالب الاجتماعية العادلة هنا وهناك، لنفخ الجمر عن الرماد وصب الزيت على الدولة ومؤسساته ولا يهمها أن يدخل الوطن كله إلى غرفة الإنعاش…
    لدينا مشكل حقيقي، بالأمس كنا ندافع عن حق الأحزاب في تأطير الجماهير وحرية صحافتها وحقها في التقدم إلى الانتخابات على قدم المساواة، وتكون صناديق الاقتراع زجاجية شفافة تعكس أصوات المواطنين، وحق البرلماني في الحصانة للدفاع عن رأيه بحرية، لإيماننا العميق بأن لا ديمقراطية حقيقية ولا دولة للمؤسسات في غياب أحزاب حقيقية وقوية.. أين نحن اليوم من كل هذا؟

    صحف الأحزاب لم يعد يقرأها حتى المشتغلون فيها، فبعض الجرائد تبيع نسخا أقل من عدد العاملين فيها، دون الحديث عن مناضليها الذين تقول أنهم بالآلاف، مما يؤكد أن خطاب هذا الإعلام لم يعد يقنع حتى مناضليه، فكيف ستقنع الملايين من أبناء الشعب المغربي، والمقرات الحزبية أصبحت خاوية على عروشها لا تمتلئ إلا في المناسبات ولا تنشط إلا مع المواسم الانتخابية، أين الخلايا والفروع والدوائر الحزبية وجمعيات الأحياء التي كانت تؤطر العمق الاجتماعي.. أين… وأين؟ إنها الأسئلة التي ستظل معلقة ما دمنا نتوفر على نخبة حزبية احترفت “الماركوتينغ” السياسي عوض الالتصاق بهموم الشعب… وهنا مكمن الخطر..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الرباط : بوريطة يستقبل شقيق رئيس المجلس الرئاسي الليبي والوفد المرافق له