نوفل البعمري يكتب… خطاب العرش: الملك الشجاع

نوفل البعمري يكتب… خطاب العرش: الملك الشجاع

A- A+
  • نوفل البعمري
    خطاب العرش لهذه السنة الذي يخلذ للذكرى 23 لتقلد العاهل المغربي لسدة الحكم و العرش، كان لافتا فيه أنه خصص فقرة جاءت في مثن النص مباشرة بعد حديث الملك على الأزمة الاقتصادية المغربي و التي افتتح فيها تلك القوة الخاصة بالجزائر بالرباط بين نهوض المغرب بنهوض الجزائر و المنطق ككل، و هو ربط يعكس هوية الملكية على المستوى الخارجي و ذلك لكونها تعكس أن حل مشاكل المنطقة خاصة مع تداعيات كورونا الاقتصادية و الإجتماعية و الأزمة العالمية الأخيرة إلا بوحدة الشعوب و مواجهتها الجماعية لها لضمان خروج آمن من هذه الأزمة.
    خطاب العرش عادة ما يقدم التوجهات الاستراتيجية للملك و للملكية و من خلالهما للدولة، و هي توجهات استراتيجية يمارسها الملك بموجب الدستور، و عندما يتحدث غير ما مرة الملك في خطبه على سياسة اليد الممدودة، و على وحدة الشعبين حسن الجوار، و على دعوته الصادقة للرئاسة الجزائرية من أجل الحوار لأن الوضع الحالي هو وضع شاذ و لم يعد مقبولا استمراره لاعتبارات تاريخية، و استراتيجية و للقرب الموجود بين الشعبين، المغربي و الجزائري،و هو ما ظل الملك يدعو لتجاوزه بالكثير من الشجاعة، و الطموح نحو بناء فضاء مغاربي قوي قطباه الأساسيان هما المغرب و الجزائر، خاصة و أن أي تكامل اقتصادي بين البلدين سيحقق الرخاء لشعوب شمال إفريقيا و للشعبين معاً، كذلك بالكثير من الثبات في المواقف اتجاه الخارج خاصة الجزائر.
    إن الأمر لا يتعلق بدعوة تعكس “ترف ملكي”، بل هي دعوة من صميم الفؤاد، و من صميم الرؤية التي ينظر بها الملك للعلاقة مع الجزائر و لما يجب أن تكون عليه، لا بما هي عليه الآن من قطيعة دبلوماسية و اقتصادية و سياسية.
    الملك و هو يدعو لذلك،استحضر بشجاعة كل الدعوات التي تخرج بين الفينة و الأخرى بخطاب عدائي اتجاه الشعب الجزائري، و قد كان لافتا أن يأخذ الملك باعتباره رئيسا للدولة مسافة منها، و أنها لا تعبر عن هوية الدولة المغربية و لا عن توحه الملك موضحا أنه “لم و لن يسمح لأي أحد بالاساءة لأشقاءنا و جيراننا” و هي رسالة ليست فقط للجزائر، بل هي أيضا موجهة للداخل و لكل من يستعمل خطاب تحريضي،عدائي و يبث روح الحقد بين الشعبين، بل أعلن بشكل واضح عن رفضه لها بروح كبيرة من المسؤولية و بشجاعة القيادات الكبار.
    الملك في خطاب العرش يعيد ضبط عقارب علاقة المغرب بالجزائر، و لما يجب أن تكون عليه، و أعاد التأكيد على الرؤية الملكية في انتهاج سياسة اليد الممدودة للجزائر، ليس من منطلق ضعف لأن المغرب لم يكن يوما ضعيفا أمام جيرانه، و في محيطه، بل من منطلق رؤية الكبار الذين يقودون بلدانهم بروح من الصبر و التبصر، و الحكمة، و من منطلق أن المغرب وَفي لنهجه في وحدة المصير و أن الوضع الاقتصادي العالمي الحالي لم يكون الخروج منه إلا بالتكامل الجماعي، مغربياً، جزائرياً و مغاربياً.
    فإذا كان الشعب الجزائري مستجيباً لنداء المغرب، فهل تتخلى القيادة الجزائرية عن تصلب موقفها، و تراجع مواقفها الدبلوماسية التي انتهجتها اتجاه المغرب؟!
    قد يكون الجواب الحالي، و الجاهز تشائمي، لكن دعوة الملك هي دعوة آنية كذلك مستقبلية، و التاريخ المشترك الذي ذكَّر به خطاب العرش سينتصر للمستقبل و للتعايش.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    هدر الزمن التشريعي: ثاني جلسة عمومية تضيع بسبب صراع المناصب بالبرلمان